كتبت سابين عويس في” النهار”: على مسافة ساعات قليلة من انعقاد الجلسة الثانية عشرة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، بعد ١١ جلسة عقيمة فولكلورية اختلط فيها حابل الأسماء والشعارات الفارغة بنابل الأوراق البيضاء، ومع دخول الشغور الرئاسي شهره الثامن، فإن سيناريو الفولكلور عائد اليوم الى البرلمان في عملية عرض عضلات نافرة لا تنتج رئيساً، ولا تعالج جذور أزمة سياسية تحوّلت الى أزمة نظام. المخاوف واضحة لدى الفريق الممانع الذي بات على يقين من عجزه عن تأمين الأصوات الكافية لمرشحه. حتى استقطاب عدد غير قليل من النواب السنة لن يكون كافياً للموازنة بين ما سيحصده أزعور وبين ما سيناله فرنجية، علماً بأنه لغاية أمس، الأصوات السنية المؤكدة لمصلحة فرنجية تتمثل بأصوات تكتل “الوفاق الوطني” الذي يضم خمسة نواب (فيصل كرامي، عدنان طرابلسي، حسن مراد، طه ناجي ومحمد يحيى)، إضافة الى ٥ نواب يدورون في فلك الثنائي (قاسم هاشم، ينال الصلح، ملحم الحجيري، كريم كبّارة وجهاد الصمد). ويجري العمل على استمالة نواب كتلة الاعتدال الوطني (وليد البعريني، محمد سليمان، عبد العزيز الصمد وأحمد الخير)، علماً بأن هذا التكتل يضم أيضاً النائبين سجيع عطية وأحمد رستم، الذين كانوا قد أعلنوا الى جانب عدد من زملائهم، مثل عبد الرحمن البزري ونبيل بدر، عدم تصويتهم لأي من المرشحين والبقاء على مسافة واحدة من كليهما، مع الإشارة الى أن عطية كان قد دعا أزعور الى الانسحاب من السباق الرئاسي.
في هذه الحالة قد يلجأ هؤلاء الى الورقة البيضاء التي ستكون سيدة اللعبة اليوم، حيث كل فريق يسعى الى استقطاب هذه الورقة والاستعاضة عنها في الدورة الثانية باسم واضح. ولكن السؤال، في ظل كل التوقعات وحسابات توزيع الأصوات التي تدل كلها على تقدم أزعور بفارق كبير عن فرنجية، كيف سيعمد الثنائي الى تقليص الفارق، لعدم إظهار خسارة فرنجية وتراجعه أمام أزعور، وهو ضعف يعكس عملياً ضعف المحور الذي يمثله وعجزه الفاضح عن تأمين أكثرية بالوسائل الديموقراطية. وهذا واقع يدركه الفريق المعارض ويطمئن إليه والى نتائجه لأنه مهما تكن المعادلات التي يجري احتسابها حالياً، فهي تعطي في كل الأحوال أفضلية لأزعور بأكثر من خمسة أصوات. ولهذا الأمر دلالاته، كما للأوراق البيضاء التي يجري العمل على توظيفها في تقليص الفارق، دلالاتها أيضاً.أمام هذا المشهد، لا يستبعد نواب، في تقييم أجروه أمس على هامش مشاركتهم في إطلاق النائب نعمت افرام رؤيته الاقتصادية للحل في لبنان، أن يلجأ الثنائي الى افتعال مواجهة يتولاها أحد نوابه ضد أحد نواب المعارضة من أجل الدفع نحو تطيير الجلسة. وكان لكلام رئيس المجلس نبيه بري أول من أمس عن استعداده لتأجيل الجلسة إذا طلب البطريرك الماروني ذلك، دلالاته البارزة، علماً بأن ثمة رأياً نيابياً يقول بأن بري لن يعمد الى التأجيل التزاماً منه بعدم تعطيل الجلسة، ولكنه قد يلجأ الى الانسحاب أو رفعها إذا تطورت الأمور. ويؤمن عدد من النواب بأن هذا السيناريو سيكون الأقرب الى التحقق بحيث يحقق النتائج المرجوة، إن لجهة منع التصويت وإظهار التفاوت الشاسع بين المرشحين، وبالتالي تقدّم المعارضة على الحزب وحلفائه، أو لجهة وضع حد للتوقعات حول احتمال صدور عقوبات أميركية في حق بري بسبب تعطيله المسار الانتخابي.