من المستبعدّ أنّ يحصل مرشّح “المعارضة” و”التيّار الوطنيّ الحرّ” الوزير السابق جهاد أزعور على 65 صوتاً في دورة الإنتخاب الأولى، ما سيُؤديّ حكماً إلى تطيير نصاب الجلسة، وعدم إجراء دورات متتاليّة، بسبب خشية “الثنائيّ الشيعيّ” من تغيير بعض النواب لمواقفهم والإقتراع له، كونه بات “قريبا”بعدد الأصوات في الوصول إلى بعبدا. وما يقف حاجزاً أمام انتخاب مرشّح معراب وميرنا الشالوحي والصيفي والمختارة هو قرار نواب “الإعتدال الوطنيّ” وغيرهم من المستقلّين و”تغييريين” بالسير بخيار ثالث أمّ التصويت بشعار أو ورقة بيضاء.
Advertisement
في الشكل، يظهر أنّ هؤلاء النواب الذين أُطلق عليهم صفة “الرماديين” يُقدّمون خدمة مهمّة لـ”حزب الله”، عبر عدم حسم مواقفهم، والبقاء إمّا على الحيّاد، وإمّا بتأييد مرشّحٍ ثالثٍ غير قادر على مواجهة أزعور ورئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجيّة، بينما أصواتهم حاسمة لفوز أحد الأخيرين، وخصوصاً أزعور الذي يتقدّم بفارق مريحٍ على فرنجيّة.
ولا يزال النواب السنّة بحسب مراقبين، ينتظرون الضوء الأخضر من المملكة العربيّة السعوديّة للإقتراع لأحد المرشّحين، وقرار الرياض بعدم الدخول بالأسماء ولا التدخّل في الإستحقاق الرئاسيّ، لا يُشجّعهم على التصويت لا لفرنجيّة ولا لأزعور. وعلى الرغم من أنّ الأخير يلقى توافقاً مسيحيّاً، لم يُبدّل هذا الواقع من تغيير قرار النواب السنّة ومستقلّين و”تغييريين”، خلافاً لما جرى عام 2016، حين سار “اللقاء الديمقراطيّ” وتيّار “المستقبل” بميشال عون، بعدما دعمته “القوّات” في حينه.
وهناك شرط الحوار والتوافق الذي وضعته كتلة “الإعتدال الوطنيّ” على أيّ مرشّح، وهو ما تتلاقى به مع عين التينة وحارة حريك، لكن المفارقة في أنّ “حزب الله” و”حركة أمل” يُريدان تحقيق الإجماع على فرنجيّة فقط، فيما المناداة بالإتّفاق على أيّ شخصيّة لا يُمكن أنّ يحصل من دون “الوفاء للمقاومة” و”التنميّة والتحرير”. ولهذا السبب، يقول مراقبون إنّ النواب السنّة من صقور “المستقبل” والمستقلّين، هم أقرب بآرائهم من “الحزب”، ويُصعّبون المهمّة كثيراً على المعارضة في انتخاب جهاد أزعور. أمّا عن توجّه “الإعتدال الوطنيّ” للإقتراع لأحد المرشّحين في الدورة الثانيّة، فإنّ لا شيء يُوحي بأنّ الجلسة ستمتدّ، والترجيحات تُشير إلى أنّ برّي سيرفع الجلسة بعد الدورة الأولى.
وتُذكّر أوساط معارضة أنّه سبق وأنّ أعلن النائب سجيع عطيّة قبل فترة قصيرة، أنّ تكتّله سيقوم بالإقتراع لمرشّح المعارضة والوطنيّ الحرّ” المدعوم من الأكثريّة المسيحيّة، وتستغرب هذا التبدّل في الموقف الذي لا يخدم بإنهاء الفراغ ولا في انتخاب رئيسٍ، لا بل يصبّ في مصلحة “الثنائيّ الشيعيّ” بحضور أولى الدورات، والإنسحاب من الثانيّة، ويُعطيه حجة بأنّ التوافق لم يتحقّق على أيّ مرشّح، وربما يتم تأجيل الدعوة لجلسة الإنتخاب إلى أجلٍ غير مسمى، ريثما تتحسّن ظروف فرنجيّة.
وتُتابع الأوساط المعارضة أنّ التشديد على التوافق يقتل أيّ شكل من أشكال الديمقراطيّة، فهناك مرشّحان مدعومان من مجموعة من الكتل، ويجب إجراء دورات متتاليّة لانتخاب أحدهما، وهذا هو الحلّ الوحيد للخروج من الأزمة الرئاسيّة. وتتّهم الأوساط النواب “الرماديين” بعدم تحمّل مسؤوليّاتهم تجاه الشعب الذي انتخبهم، فواجبهم الأوّل إنتخاب رئيسٍ، والمحافظة على إستمراريّة الحياة النيابيّة والدستوريّة.
أمّا بالحديث عن مرشّحٍ ثالثٍ، ويتردد في هذه المناسبة إسم وزير الداخليّة السابق زياد بارود، فقد يُسمّيه نواب صيدا – جزين وبعض نواب “17 تشرين” الذين يُغرّدون خارج سرب زملائهم الآخرين في الكتلة.
إضافة إلى ذلك، فإنّ المرشّح الجديد سيُضفي مشهديّة داخل مجلس النواب شبيهة جدّاً للجلسات الـ11 السابقة، ولن يُنتخب أيّ رئيسٍ بأكثريّة الـ65، وستتشتّت الأصوات بين بارود وأزعور وفرنجيّة والأوراق البيضاء والشعارات. ويرى مراقبون أنّ هذا الأمر سيُثبت مرّة أخرى ما قاله رئيس مجلس النواب نبيه برّي في إحدى جلسات الإنتخاب، من أنّه “من دون توافق 128 على 128، لن تنتهي أزمة الشغور الرئاسيّ، لأنّ البلد قائم على التسويّات”. وكلام برّي يعني بالنسبة للمراقبين، أنّ التوافق المسيحيّ – الدرزيّ لا يُمكن أنّ يستثني المكوّن الشيعيّ، ومن دونه لا نهاية للمعضلة الرئاسيّة، ولا خلاص للأزمات التي تُهدّد لبنان.