معايير مزدوجة.. هل يكون باسيل الخاسر الأكبر من التقاطع؟!

14 يونيو 2023
معايير مزدوجة.. هل يكون باسيل الخاسر الأكبر من التقاطع؟!


ليس خافيًا على أحد أنّ “التيار الوطني الحر” بشخص رئيسه الوزير السابق جبران باسيل يصنّف نفسه “الرابح الأكبر” حتى الآن، في ملف الاستحقاق الرئاسي، بعدما نجح في كسر “العزلة” التي يقول إنّ البعض حاول فرضها عليه بعد انتهاء “عهد” الرئيس السابق ميشال عون، بدليل أنّ “رضاه أصبح مطلوبًا” من الجميع، وأنّ الآخرين هم “من أتوا إليه وليس هو من ذهب إليه”، كما قال في أحد خطاباته الأخيرة.

 
لكنّ ما يقوله باسيل قد لا يعبّر في الواقع سوى عن “نصف الحقيقة”، برأي البعض، ممّن يعتبرون أنّ كون باسيل “مطلوبًا” من جميع الأطراف، سواء من “حزب الله” لصالح “تزكية” رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، أو من قوى المعارضة لتعزيز مشروع مواجهة الحزب، لا يمكن أن يكون لصالحه على المديين المتوسط والطويل، باعتبار أنّه يوظَف لخدمة “أهداف آنية مؤقتة”، لا أفق عمليًا لها في الاستحقاقات المقبلة.
 
وإذا كان تصدّع “التيار الوطني الحر” الذي بات عدد من نوابه الأساسيّين عرضة لهجوم الجمهور “العوني” الافتراضي، قبل الخصوم، من الظواهر اللافتة على خطّ “التقاطع”، فإنّ علامات استفهام عدّة تُطرَح عن “المكاسب” التي حققها باسيل فعلاً على المدى الطويل، وسط معايير “مزدوجة” في هذا السياق، بين من يعتبره “رابحًا”، ومن يعتبر على النقيض، “الخاسر الأكبر”، بعد أن تُقفَل كل الأبواب في وجهه.
 
مدة صلاحية “التقاطع”
 
يشيد المتحمّسون لخيارات رئيس “التيار الوطني الحر” بالتقاطع مع المعارضة بوصفه “نقطة قوة” للوزير باسيل الذي نجح في “اجتذاب” الآخرين إليه، الذين تراجعوا عن مرشحهم المُعلَن ميشال معوض، لصالح مرشح كان باسيل أول من طرح اسمه ضمن سلّة من الأسماء “المقبولة” برأيه، في حين أنّ “الطرف الأقوى” في هذه المعارضة، أي رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، كان قد وضع “فيتو” عليه في الأيام الأولى.
 
لكنّ “الثغرة” التي لا يتوقف عندها هؤلاء، تكمن في أنّ هذا “التقاطع” لا يبدو في صالح “التيار الوطني الحر” على المدى الطويل، أولاً لأنّه ترك “تصدّعات واضحة” داخل الجسم التنظيمي لـ”التيار البرتقالي” لن يكون من السهل محوها، ولا سيما بعدما اضطر الوزير باسيل إلى “الاستنجاد” بالرئيس السابق ميشال عون لإقناع بعض النواب المصنّفين “متمرّدين”، وإلى إصدار ما سُمّي بـ”أمر اليوم”، لإلزامهم بخيار رئيس “التيار”.
 
أما “الثغرة الأكبر” التي تحول دون تصنيف باسيل “رابحًا أكبر” من هذا التقاطع، برأي العارفين، فتكمن في كونه “محدود الصلاحية”، بدليل إصرار المعنيّين به على نفي احتمال ترقيته إلى مستوى “التفاهم”، في ظلّ “فقدان الثقة” في ما بينهم، علمًا أنّ هناك من يروّج لأنّ هذا التقاطع “مرحلي” سرعان ما “سيحترق”، إذا ما تحقّق الهدف المنشود منه، وهو إسقاط ترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية.
 
الطلاق مع “حزب الله”
 
يرفض المتحمّسون لخيار رئيس “التيار”، القول إنّ الأخير “ضرب” العلاقة مع “حزب الله” بعرض الحائط، حين “تقاطع” مع قوى المعارضة، خلافًا لرغبته، في سبيل “إسقاط” مرشحه الفعليّ سليمان فرنجية، مشيرين إلى أنّ “الحزب” هو من ضرب هذه العلاقة، حين أصرّ على “فرض” هذا المرشح، من دون أيّ اعتبار لموقف باسيل، ومعه الأكثرية المسيحية، رغم أنّه كان معتبَرًا حتى في قاموس الحزب، “ممرًا إلزاميًا” لأيّ مرشح رئاسي.
 
لكن هنا أيضًا، تبدو المعايير “مزدوجة”، حيث يرى العارفون أنّ الحزب شعر بـ”الغدر” من موقف باسيل، خصوصًا أنّه حتى عندما بدأ مفاوضاته مع قوى المعارضة، أصرّ على “عدم استفزاز” الحزب، لكنّه في النهاية لم يحترم الموقف الذي عبّر عنه نواب الحزب، الذين اعتبروا جهاد أزعور “مرشح مواجهة وتحدٍ”، إلا أنّ ذلك لم يحل دون إصرار “التيار” على التصويت له في جلسة الانتخاب، رغمًا عن كلّ شيء.
 
وفيما يقول بعض الدائرين في فلك الحزب أنّ الأخير يعتبر أنّ مجرّد تصويت أيّ نائب “عوني” لجهاد أزعور “إعلانًا واضحًا وصريحًا بالطلاق”، يقول العارفون إنّ استعادة الثقة بين الجانبين لن تكون عملية يسيرة، عندما يخرج باسيل من “التقاطع” مع المعارضة، عاجلاً أم آجلاً، خصوصًا أنّ الحزب يعتبر أنّه تعرّض للهجوم من “النيران الصديقة” أكثر بكثير ممّا ناله من أشدّ الخصوم وأعتاهم.
 
صحيح أنّ هناك من يقول إنّ الأمور قد تعود لطبيعتها بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية، لتعود التحالفات والصداقات كما كانت في السابق، لكن في المقابل ثمّة من يجزم بأنّ إعادة “ترميم” الوضع لن تكون ممكنة، وأنّ “التيار” سيجد نفسه على الأرجح “بلا حلفاء” بالمعنى التام هذه المرّة، ما سيجعله “الخاسر الأكبر” في الاستحقاقات المقبلة، ولا سيما الانتخابية منها!