التحقت الجلسة الثانية عشرة بالجلسات الإحدى عشرة التي سبقتها من دون انتخاب رئيس للجمهورية، وسارع فريقا الصراع الى اطلاق المواقف التي تؤشر الى ان الازمة ازدادت تعقيدا وأن الفراغ مستمر الى امد غير معروف.
وقد مرّت الجلسة بسلاسة من دون سجالات وإشكالات باستثناء غموض «الصوت الضائع» الذي تبين ، بحسب مصادر برلمانية معنية ، أنه مغلّف فارغ. .
وكتبت” النهار”: لم يكن التطيير المتوقع وغير المفاجئ من نواب “الممانعة” والنواب الداعمين لرئيس “تيار المردة”النصاب في الدورة الثانية للجلسة الثانية عشرة، الدلالة المنتظرة على ردة فعلهم بإزاء تقدم مرشح المعارضة و”التيار الوطني الحر “والحزب التقدمي الاشتراكي جهاد ازعور وحصده الغالبية بـ 59 صوتا في مقابل 51 لفرنجية، بل ان كل الدلالة تمثلت في “سيناريو” مفتعل لم يقنع تبريره أحدا باخفاء صوت “ضائع” كان يمكن ان يكمل العدد الـ 60 لمصلحة ازعور. واذا كان افضل المواقف التي اطلقت في مواجهة إدارة الجلسة البارحة للنائبة ستريدا جعجع الذي ذهبت الى الطعن في دستورية الجلسة ، فانه على رغم تطابق نتائجها مع التوقعات التي سبقتها بخلاف فارق محدود رفع “سكور” فرنجية بضعة أصوات وحال دون اقتراب ازعور من نصف عدد النواب، بدا من غير الممكن للفريق الداعم لفرنجية التنكر لحقيقة ان جهاد ازعور بات يقيم على رصيد الغالبية التي محضته 59 صوتا فيما توزعت أصوات متفرقة أخرى لتكمل ما مجموعه 77 صوتا مناهضا لمعادلة “مرشحنا او الفراغ “. ذلك ان أحدا لم تساوره الأوهام بان الجلسة الثانية عشرة كانت ستخرق جدار الانسداد الدستوري الذي يتمثل بالحؤول دون انعقاد أي دورة ثانية لاي جلسة انتخابية ما دام الفريق الداعم لفرنجية لن يتراجع عن النمط الانتخابي الذي يمارسه منذ بداية الازمة الرئاسية. ولكن التصويت الاكثري لازعور وتحول الأخير المرشح المحسوم انتخابه رئيسا لو تنعقد الدورة الثانية، احدث تطورا لا يمكن تجاهله وهو ان معادلة توازن نيابي وسياسي جديد ارتسمت امس في مجلس النواب وفي الواقع السياسي الانتخابي داخليا وخارجيا أيا تكن محاولات تضخيم وتكبير تحصين واقع فرنجية ببضعة أصوات إضافية حالت دون “فارق قاتل” يسجله ازعور. هذا التوازن أعاد دفع الفريق الممانع الى نهج استعجال تطيير النصاب ثم محاولة التلاعب “نفسيا ومعنويا” ببعض الجوانب التي منعت معها إدارة رئيس مجلس النواب نبيه بري للجلسة إعادة فرز بديهية للأوراق بعدما “ضاع” صوت !
وتابعت “النهار” ان اجتماعا عقد للنواة الأساسية للمعارضة فور انتهاء الجلسة في بيت الكتائب المركزي في الصيفي جرى خلاله تقويم الجلسة والأرقام التي حصل عليها المرشح جهاد ازعور. وابدى المجتمعون ارتياحهم للنتيجة التي حصلوا عليها رغم الضغوط التي مورست على عدد من النواب واكدوا الاستمرار في ما بدأوه. ولفت المجتمعون الى ان هناك محاولة لاظهار الفريق الفائز بانه خاسر رغم الفوز الواضح وبالأرقام مشددين على ان على الفريق الاخر التخلي عن أسلوب الفرض الذي لم يمر ولن يمر لا اليوم ولا غدا .
وكتبت” الاخبار”: سقطَ «استعراض القوة»، وطارَ أزعور رغمَ كل الزخم الخارجي والداخلي وعمليات التهويل وحتى الترغيب، ولم ينجح داعموه في تحصيل 65 صوتاً له كما روّجوا منذ اليوم الأول. فيما ثبّت الفريق الآخر مرشحه حاصداً له أكثر مما توقّع الجميع.
تعامل المغالون مع جلسة أمس باعتبارها يوم «الملحمة الرئاسية» في وجه المرشح المدعوم من المقاومة. دخل هؤلاء القاعة، وسبقتهم سجالات وبيانات عالية السقف وتوقّعات أعلى، وممارسة ترهيب على النواب، تحديداً المستقلين والتغييرين. أما داخلها، وقبلَ الاقتراع، فلم يجِد النائب طوني فرنجية مكاناً له في كل القاعة، وجلس محاطاً بزملائه من التيار، أسعد درغام وشربل مارون وجيمي جبور. كانَ الأخير حريصاً على التقاط «سيلفي» مع «صديقه» الزغرتاوي، لكن ليسَ أحرص من النائب جبران باسيل الذي «دردش» طويلاً مع «ابن ابن المنظومة ومرشح منطق الفرض والعنجهية».
ومن مفارقات الجلسة أيضاً، سلامات مباغتة بين نواب «الأضداد». جميل السيد وأشرف ريفي، باسيل مع نواب من حزب الله، تمتمات بين وضاح الصادق وحسن مراد، مصافحة حارة بين فرنجية الابن ونعمة أفرام وهمس مطوّل بينَ الأخير وعدد من نواب حزب الله وحركة أمل.
نتيجة الأمس، تشكّل بداية لجولة جديدة ستدور رحاها خارج أروقة ساحة النجمة، على المستويين الخارجي والداخلي. وفي انتظار لقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان غداً الجمعة في باريس، وما سيحمله معه المبعوث الفرنسي الجديد إلى لبنان جان إيف لودريان، يُمكن الإشارة إلى عدة نقاط:
– تجدّد الجدال البيزنطي حول حق تطيير النصاب.
– تكريس المعادلة السلبية التي تمنع انتخاب رئيس، بسبب امتلاك كل من الأطراف سلاح تعطيل. فالفريقان يملكان سلاح النصاب، وقد استخدمه داعمو فرنجية أمس لمنع انعقاد الدورة الثانية، تماماً كما استخدمه بعض خصومهم سابقاً. بينما القوى التي تقف في النصف (حتى الكتل التي صوّتت لأزعور قد تتراجع لاحقاً، مثل كتلة اللقاء الديمقراطي) تملك سلاح الثلثين في الدورة الأولى والنصف زائداً واحداً في الدورة الثانية.
– سقوط «استعراض القوة» لفريق أزعور، وفشله في دفع الطرف الآخر إلى التنازل والذهاب نحو خيار ثالث.
– اهتزاز التقاطع الظرفي بين التيار الوطني الحر وبقية فريق «التقاطع» وسط ترجيحات بعودة الخلاف على أي اسم جديد بعدما بات متعذّراً الإكمال بأزعور، كما قال نواب من كتلة وليد جنبلاط.
– تثبّت الاهتزاز داخل التيار الوطني الحر، وسط شكوك بأن نواباً من الكتلة صوّتوا لفرنجية، وهو موضوع سيكون محل نقاش داخل قيادة التيار في الأيام المقبلة.
– أعلن فريق فرنجية أنه أكثر تمسكاً بمرشحه، خاصة بعدَ أن وجدَ أن أي منافس له لن يحظى مع كل الزخم والدعم المسخّر له أكثر مما ناله أزعور. بينما سيبقى لفرنجية بلوك من 51 صوتاً مرجّح للارتفاع مع تبدّل الظروف الخارجية.وكتبت” نداء الوطن”: من تابع وقائع الجلسة النيابية التي انعقدت، بعدما دخل الاستحقاق شهره الثامن من التعطيل الذي بدأه “الثنائي” منذ الجلسة الاولى وواصله امس، تبيّن انه كانت هناك خطة إنسحاب من الجلسة قررتها غرفة العمليات المشتركة في عين التينة وحارة حريك فور إنتهاء الدورة الاولى، فظهر نواب “الثنائي” ينسحبون زرافات ووحدانا من قاعة البرلمان. فما إن إنسحب هؤلاء مع بعض المتعاونين “سراً” ، حتى أعلن بري ان النصاب صار مفقوداً، كي لا تكون هناك دورة ثانية.ووفق معلومات «البناء» فإن الضغوط السياسية والمالية على عدد من النواب المستقلين استمرّت حتى فجر الأربعاء للتصويت لأزعور.وتساءلت مصادر الفريق الداعم لفرنجية: لماذا لم يستطيعوا تأمين 65 صوتاً لأزعور في الدورة الأولى طالما يدّعون قدرتهم على ذلك في الدورة الثانية؟ ولفتت المصادر لـ«البناء» الى أن «النتائج أثبتت بأن فريق «التقاطعات» فشل فشلاً ذريعاً بإسقاط فرنجية أولاً بتقليص عدد أصواته الى حدود الـ40، ورفع عداد أزعور الى ما فوق الـ60 ليكون هذا الفارق الكبير الذريعة للتصعيد وفرض أزعور وإحراج الثنائي وإخراج مرشحهم من السباق، لكن الذي حصل هو العكس تم تثبيت حضور وقوة فرنجية وأنه يحظى بكتلة نيابية ثابتة وصلبة مع تزايد احتمال زيادة هذا العدد بانضمام كتل معينة صوتت لأزعور أو نواب من الاعتدال الوطني والمستقلين ليصل الى الـ 65 صوتاً، في المقابل الرقم الذي ناله أزعور هو السقف الأعلى فضلاً عن أن أزعور هو المرشح الوحيد الممكن التقاطع عليه بين أطراف المعارضة والاشتراكي والتيار والتغييريين». وتساءلت المصادر: «هل يستطيع أزعور الصمود الى الجلسة المقبلة المرجح أن يطول أمدها؟».وقالت مصادر سياسية لـ«اللواء» أن ما خرج عن جلسة الإنتخاب يستدعي التوقف عنده لجهة النتيجة والأصوات التي حصل عليها رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية والوزير السابق جهاد ازعور والمواقف التي صدرت في اعقابها من الكتل الداعمة للمرشحَيْن، مؤكدة أنه بعدما يجري الأفرقاء قراءاتهم لما ساد الجلسة من مناخات فإن المرحلة المقبلة هي مرحلة تقييم من دون أن يعني أن الملف الرئاسي سيُترك جانبا لاسيما أن فريقي المعارضة والممانعة أعلنا بشكل مباشر وغير مباشر احرازهما التقدم.وكتبت” الديار”: يبدو أن السيناريو المحلي والعربي والدولي الذي رسم لجلسة انتخاب الرئيس، نفذ بحذافيره، ووحدها فرنسا تابعت العملية بشغف، فيما انكفأت واشنطن والرياض وطهران ودمشق، وظهر ذلك من التصويت السني الذي وزع أصواته مما يؤكد على عدم وجود كلمة سر سعودية، والنتائج المتقاربة بين سليمان فرنجية وجهاد ازعور قد تبعدهما عن السباق الرئاسي لمصلحة الخيار الثالث الذي بدا يشق طريقه المقبول من الجميع بعيدا عن لغة العد، فلا المعارضة آمنت الـ ٦٥ صوتا لجهاد ازعور او ٧١ صوتا كما وعدت جمهورها بأن يوم الخامس عشر من حزيران هو يوم جديد في تاريخ لبنان. فيما الثنائي الشيعي اكتفى مع حلفائه بتطيير النصاب في الدورة الثانية عبر مغادرة ٤٧ نائبا الجلسة أثناء فرز الأصوات،