قد يلا يكون مبالغاً فيه على الاطلاق اذا اعتبرنا ان قضية سجن رومية والموقوفين فيه هي قضية “ابريق الزيت” في لبنان، خصوصاً وانها واحدة من القضايا التي لم تتمكن الحكومات على مر السنين من ايجاد حلّ جذري لها. وقد لا يمرّ شهر او حتى اسابيع الا ونسمع عن اضراب في السجن، او حركة تمرد او محاولات افتعال اعمال شغب.
ولعل ما انتشر في اليومين الماضيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي من فيديوهات وتسجيلات صوتية لأشخاص قيل أنهم “سجناء في رومية” يشرحون معاناتهم والوضع المأسوي الذي يعيشون فيه داخل الزنزانات يعيد الى الواجهة هذا الملف من الناحية الانسانية لا سيما واننا على ابواب الصيف.
وبحسب الأرقام فان 8200 سجين موزعون اليوم على 25 سجنا و229 نظارة، وفي حين ان القدرة الاستيعابية لسجن رومية 1200 سجين الا انه يضم اليوم اكثر من 4000 سجين،فيما العملية القضائية بطيئة. هذه الصرخة التي خرجت من داخل الجدران ، وصلت الى مسامع الأهل، الذين أبدوا قلقهم مرة أخرى مما يجري في السجن، معتبرين ان هذا الموسم سيكون الأصعب على السجناء، لا سيما وانه في فصل الصيف ترتفع نسبة الجراثيم والأوبئة داخل السجن، ولا توجد وسيلة للمعالجة نظراً للأوضاع الاقتصادية الصعبة. ومن هنا، يشدد رئيس لجنة السجون في نقابة المحامين في بيروت المحامي جوزف عيد على ان المشكلة الصحية هي المشكلة الأكبر اليوم في سجن رومية، لا سيما في ظل النقص في عدد الاطباء والمستشفيات التي تعالج السجناء، مشدداً على ان هذا الأمر هو بمثابة كارثة اجتماعية قد تؤدي الى تفاقم الأزمة الصحية وارتفاع عدد الوفيات داخل السجون.
ولفت في حديث عبر “لبنان 24″ الى انه” في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة، باتت الدولة والأهل على حد سواء غير قادرين على معالجة اولادهم السجناء، وعليه تم اللجوء الى منظمة الصحة العالمية والجمعيات اللبنانية للمساعدة، الا ان الأمر ليس في صورة مستمرة”، مناشداً “الصليب الأحمر الدولي أو منظمة الصحة العالمية العمل على انشاء مستوصفين في سجني رومية والقبة لمعالجة المرضى وتأمين الأدوية لهم.”
وانطلاقاً مما تقدم يؤكد عضو لجنة متابعة ملف موقوفي عبرا الشيخ خالد البوبو، أن الوضع المأساوي في سجن رومية ليس جديدا، و”نحن كأهالي نطالب منذ سنوات بتحسين الوضع الانساني داخل السجون، ولا أحداً لا يسمع هذه الصرخة، أو يعمل على ايجاد حلّ لهذه الازمة القديمة – الجديدة”، مشدداً على ان “عدم قدرة الفرقاء السياسيين الذين تناوبوا على الحكم من ايجاد حلّ لهذه الأزمة دفعنا الى تحويلها الى أزمة عالمية حيث وصلت صرختنا الى منطمة العفو الدولية والدول الغربية.” بطء في المحاكمات ويلفت عيد في حديث عبر “لبنان 24” الى ان “قضية أخرى يواجهها السجناء وهي البطء بالعملية القضائية، حيث تبلغ نسبة الموقوفين 83% وهم غير محكومين، ومن الصعب ان تبت قضاياهم قريباً لأن القضاء قد يعود الى نغمة الاضراب اضافة الى العطلة القضائية، ما سيرفع من حدة الأزمة في ظل النقص في عدد القضاة وفي عديد قوى الأمن.” وعليه، يشدد البوبو على ان “الأهالي لن يقبلوا بعد اليوم ان يدير المسؤولون عن هذا الملف “الدينة الطرشة” وعليه فان التحركات ستبقى مستمرة كما انها من الممكن ان تتوسع، تزامناً مع التحركات التي يقوم بها السجناء داخل السجن”، مشيراً الى انه “اذا ما بقي الوضع على ما هو عليه اليوم فان السجون اللبنانية كافة متجهة الى انفجار كبير من الصعب السيطرة عليه”. اذا، في ظل هذا الواقع المأزوم في السجون، هل من يتحرك لايجاد حلّ لهذه الأزمة الكبيرة بعيداً عن الزواريب السياسية قبل انفجار الوضع بشكل نهائي؟