بدأت القوات الروسية عملية نهب من نوعٍ آخر، هذه المرة عن طريق البحر.
وبحسب صحيفة “The Hill” الأميركية، “في عام 2022، تم التوصل إلى اتفاق بين أوكرانيا وروسيا، بوساطة تركية وبمساعدة الأمم المتحدة، يسمح بتصدير الحبوب من أوكرانيا إلى الأسواق العالمية عن طريق “ممر الحبوب” في البحر الأسود. وكان الهدف من هذا الاتفاق الحؤول دون اندلاع أزمة غذاء عالمية. وعلى الرغم من تمديد الاتفاق مؤخرا، إلا أن هذه الخطوة جاءت مصحوبة بتحذير من قبل موسكو مفاده أن أي تمديد مستقبلي سيتطلب تخفيض العقوبات الغربية على روسيا في زمن الحرب”.
وتابعت الصحيفة، “إن صفقة الحبوب محدودة بالفعل بطبيعتها، حيث إنها تغطي حاليًا فقط تصدير الحبوب من ثلاثة موانئ أوكرانية محددة على البحر الأسود، كما وأنه لا يمكن تداول السلع والمواد الخام الأوكرانية الأخرى باستخدام هذه الطرق البحرية. واللافت أن السفن الأوكرانية المحملة بالحبوب تخضع للتفتيش من قبل المسؤولين الروس قبل السماح لها بالمرور عبر “ممر الحبوب”، إلا أن المفتشين يقومون بشتى الوسائل لتأخير عملية نقل الحبوب. وتشير التقارير إلى أن المفتشين الروس عرقلوا السفن المتجهة إلى ميناء بيفدني، وهو الميناء التجاري الرئيسي لأوكرانيا بموجب الاتفاقية”.
وأشارت الصحيفة إلى أن “هذا الانتهاك لاتفاقية الحبوب يجبر أوكرانيا على استخدام الطرق البرية عبر أوروبا الشرقية، مما تسبب في اضطراب الأسواق الزراعية في المنطقة. والهدف هو التسبب بخلاف بين أوكرانيا وحلفائها الأوروبيين في الحرب. وقبل الغزو الروسي، كان أكثر من نصف صادرات أوكرانيا يمر عبر طرق بحرية لم يعد بإمكان البلاد استخدامها. وانخفضت صادرات أوكرانيا بمقدار الثلث، مما أدى إلى انخفاض يقدر بنحو 30 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد”.
وبحسب الصحيفة، “علاوة على ذلك، لا تخضع السفن الروسية لعمليات التفتيش المطولة عينها، ومن شأن هذا الأمر أن يساهم في فتح المزيد من الطرق أمام البضائع الروسية، مما يغذي الاقتصاد الروسي، وبالتالي آلة الحرب. وكان للعدوان الروسي وتباطؤ صفقة الحبوب تأثير كبير على الصادرات من روسيا وأوكرانيا. وتشير التقديرات إلى زيادة صادرات الحبوب والبذور الزيتية من روسيا من 33 مليون طن في 2021-2022 إلى 45 مليون طن في 2022-2023، بزيادة قدرها 36 في المائة. وعلى العكس من ذلك، انخفضت صادرات القمح الأوكراني بشكل ملحوظ بنسبة 28 في المائة، حيث انخفضت بنحو 5.3 مليون طن متري من 2021-2022 إلى 2022-2023”.
ورأت الصحيفة أنه “ببساطة، تعمل روسيا بنشاط على إغلاق الموانئ والتجارة البحرية لشل الاقتصاد الأوكراني وانتهاك حقها في التجارة الحرة كدولة ذات سيادة. وتستخدم روسيا صفقة الحبوب كشكل جديد من أشكال “القرصنة”، التي تتجاوز نهب الأصول الأوكرانية ومؤسساتها الثقافية. إن إساءة استخدام صفقة الحبوب هي في الواقع بمثابة حصار في زمن الحرب. فروسيا تفرض سيطرتها على “المحيط” وهذا الامر يشكل انتهاكاً للقانون الدولي، كما وتشكل هذه السيطرة تهديدًا مباشرًا لدول البحر الأسود الأخرى، ولا سيما جورجيا، وهي دولة أخرى في مرمى النيران الروسية”.
وتابعت الصحيفة، “يتم دعم ميزانية أوكرانيا حاليًا إلى حد كبير من خلال المساعدات الخارجية، تحديداً من قبل الاتحاد الأوروبي. إن إعادة فتح الموانئ وضمان المعاملة العادلة والممر الآمن للسفن الأوكرانية التي تحمل كل أنواع البضائع من شأنه أن يقلل الاعتماد على المساعدات الاقتصادية الخارجية. وتجدر الإشارة إلى أنه إذا استؤنفت الملاحة البحرية الحرة، فستكون الفوائد الاقتصادية لأوكرانيا كبيرة. وتشير التقديرات إلى أن أوكرانيا يمكن أن تولد 20 مليار دولار إضافية سنويًا. وتمثل تصرفات روسيا انتهاكًا واضحًا لكل من ميثاق الأمم المتحدة واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS)، والتي تنص على أنه يجب أن تتمتع كافة الدول بحرية الوصول إلى الطرق البحرية. يتعين على المنظمة البحرية الدولية وحلفاء أوكرانيا الغربيين محاسبة روسيا على انتهاك أحكام اتفاقية الأمم المتحدة بشأن أعمال القرصنة هذه، ودعوة روسيا لإلغاء حظر الموانئ البحرية الأوكرانية ووقف تهديدها غير المشروع للملاحة البحرية في البحر الأسود”.
وختمت الصحيفة، “تُعد استعادة سيادة الشحن البحري لأوكرانيا وتطبيع تدفق الاستيراد والتصدير أمراً حتمياً. ليس هناك شك في أن الدعم المالي لأوكرانيا يجب أن يستمر لمساعدتهم في حربهم وجهود إعادة البناء، لكن تحرير طرق التجارة في البحر الأسود للشحن على نطاق أوسع سيعزز الدفاع الفوري عن سيادة أوكرانيا ويهيئ البلاد لانتعاش اقتصادي سريع بمجرد إجبار روسيا على وقف عدوانها”.
