استمرت جريمة القرنة السوداء في واجهة الأضواء المحلية في ظل مخاوف سياسية وأمنية من تداعيات هذه الجريمة وابعادها.
وكتبت ” الاخبار” : واصل المحقّقون استجواب الموقوفين الذين بلغ عددهم بعد إطلاق بعضهم 22، هم 15 من الضنيّة و7 من بشرّي. وعاين فريق التحقيق أمس مكان مقتل هيثم طوق عند تخوم القرنة السوداء لجمع الأدلّة، بعدما اطّلع على تقارير الأطباء الشرعيين والأدلّة الجنائيّة. وعلمت «الأخبار» أنّ الجيش نقل، في سابقة لم تحدث من قبل، عدداً من الموقوفين إلى مكان الحادثة ووزّعهم في أماكن محددة تبعاً لإفاداتهم لإعادة رسم ما يُشبه مسرح الجريمة.
اضافت أنّ الكشف على الجثة والتقرير الطبي وتقدير الخبير العسكري، كلّ ذلك يرجّح أن تكون الرصاصة التي تسبّبت بمقتل هيثم قد أُطلقت من بندقية M16 أو سلاح مماثل تبعاً لحجم الثقب الذي أحدثه المقذوف في جسد الضحية. أما في ما يتعلق بمقتل مالك طوق، فإن الترجيحات الأمنية تذهب إلى سقوطه عن طريق الخطأ برصاص الجيش، إذ إنّ عدداً من أهالي بشري استنفروا عقب انتشار خبر مقتل هيثم طوق وقدموا إلى المنطقة وهم يطلقون النار، وقد يكون الجيش ردّ بالمثل، ما أدى إلى مقتل مالك طوق وإصابة آخر.
وذكرت «البناء» أن سلسلة اتصالات واجتماعات جرت وتُجرى على مدار الساعة بين مرجعيات وقيادات سياسية ودينية وأمنية وقضائية لاحتواء غضب الشارع من خلال العمل على ثلاثة مسارات:الأول سياسي – روحي لقطع دابر الفتنة وأي ارتدادات للجريمة على المستوى الوطني.وفي سياق ذلك أعلن رئيس بلدية بقاعصفرين – الضنية بلال زود، في بيان «الحداد عن روح الفقيدين هيثم ومالك طوق من أبناء جيراننا في بشري، في بلدة بقاعصفرين، وإغلاق المؤسسات الرسمية فيها، وتنكيس الأعلام على مبنى البلدية».الثاني قضائي عبر إجراء تحقيق شفاف لتحديد المسؤوليات وكشف المجرمين وكل المتورطين في الحادثة النكراء.
واستبعدت معلومات لـ«البناء» فرضية قنص الشابين من آل طوق التي سوّق لها البعض لتوجيه أصابع الاتهام الى أهالي بقاعصفرين – الضنية، موضحة أن أحد الضحايا لا ينتمي إلى حزب القوات اللبنانية بل مؤيّد للنائب وليم طوق.ولفتت أوساط مطلعة لـ«البناء» الى أن أهالي بقاعصفرين – الضنية منفتحون على أي حل يضمن إنهاء الخلاف العقاري مع بشري، ويؤدي الى إحلال السلم في المنطقة ويرفضون جرهم الى الفتنة، لكن لن يتنازلوا عن حقوقهم العقارية تحت هول وضغط الجريمة وقوة الأمر الواقع ووضعهم في موضع الاتهام بالجريمة.وكتبت” الديار”: حجم الحزن في بشري لا يضاهيه الا حجم القلق من دفن حقيقة ما جرى في القرنة السوداء، وحدها العدالة تشفي، وتساهم في خفض منسوب الغضب والتوتر. اما ابقاء الجرح نازفا دون اجوبة شافية، فيُبقي كل الابواب مشرّعة على فتنة قد تطل برأسها في اي مكان او زمان، لتنسف كل الجهود التي عملت على وأدها معظم القوى السياسية والروحية.مخابرات الجيش بالتعاون مع اجهزة الامنية والقضائية المعنية تعمل على كشف الملابسات، مع وعد بسرعة انجازها وشفافيتها بعد اكتمال خيوطها، حيث تجري عملية تقاطع للمعلومات ميدانيا واستعلاميا، ومطابقتها مع الوقائع المستقاة من الموقفين عقب الحادثة. واذا كان الجميع يجزم انه تحت سقف القانون، الا ان الخوف يبقى ان يتخاذل القضاء مرة جديدة، كما حذر البطريرك بشارة الراعي بالامس خلال تشييع هيثم ومالك طوق، حيث اعتبر ان ما جرى ليس مجرد حادثة!…وفيما عقد مجلس الامن الفرعي في الشمال اجتماعا بحث خلاله التطورات، لم تكتمل بعد الصورة الكاملة لما جرى في القرنة السوداء، وقد زار فريق من المحققين بالامس المنطقة، واجرى معاينة ميدانية لمطابقتها مع المعلومات المستقاة من الشهود والموقوفين، الذين ارتفع عددهم عند الجيش الى 28 ، بعد ان جرى توقيف 6 في الجرود من قبل المغاوير امس، وتمت مصادرة اسلحة فردية معهم. ولا تزال التحقيقات مفتوحة حتى الساعة على كل الاحتمالات، دون حصرها بخلفية واحدة. وقد جددت المصادر الامنية والعسكرية التأكيد ان التحقيقات تتم بشفافية، وهي قد تعلن في غضون ايام فور اكتمال مجمل خيوط ما حصل، داعية الى وقف التحليلات والاستنتاجات غير الدقيقة وغير الموثقة باي دلائل وترك الامور لمجريات التحقيق.وكتبت” النهار”: مع ان بشري بدت في اقصى درجات الاستقواء على الجريمة واستهدافاتها من خلال رفض الانجرار الى الفتنة، كما جارتها بقاعصفرين وكل الضنية التي استشعرت خطورة استهداف محتمل خبيث للمنطقة بفتنة تحت غطاء النزاع العقاري والمائي، فان ذلك لم يحجب الاحتقان العميق الذي تصاعد عقب الالتباس الذي ساد وقائع الجريمة الأولى ومن ثم سقوط الضحية الثانية الامر الذي ترجمته مواقف عالية السقف ووتيرة متشددة طبعت مواقف المعنيين مباشرة بالحادث وانعكست هذه الأجواء بقوة على موقف البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي الذي اختصر بحضوره وترؤسه القداس الجنائزي عن روح “شهيدي بشري” وبمضمون كلمته الحازمة حقيقة الأجواء والمناخات والتفاعلات التي خلفها الحادث منذ لحظة وقوع الجريمة الأولى الى لحظة وداع ابني المدينة.اذ ان الراعي في عظة عالية النبرة دعا الى “ترسيم الحدود في منطقة القرنة السوداء وانهاء الفتنة، كما دعا الى “كشف الفاعل أو الفاعلين” في جريمة قتل هيثم ومالك طوق والاقتصاص منهم . ولفت الراعي الى “اننا نؤمن بالدولة ونعرف حدودنا ونعرف القاتل وهذه ليست مجرد حادثة”. واوضح بان “شباب بشري يعلنون دائما استعدادهم للحل، ونحن جميعا تحت سلطة القانون العادل”. وشدد على أنّه “لو قام القضاء بعمله لما كنا وصلنا اليوم إلى مأساة القرنة السوداء”، مشيراً إلى أنّ “الخوف أن يستمرّ القضاء بتخاذله فيفلت المجرمون من يد العدالة وسيشرّع ذلك الأبواب لشريعة الغاب”. وأضاف “نطالب بالعدالة في ترسيم الحدود وإنهاء هذه المسألة الشائكة وبقيام الدولة، ولطالما دافعنا عن أرضنا وقدّمنا الشهداء ونحن من قاومنا كلّ محتلّ ونريد دولة تبسط سلطتها بشكل كامل وشامل”