لم يعد أي من المعنيين السياسيين في لبنان يستطيع الحديث عن إمكان الوصول الى تسوية قريبة، لا على مستوى الإستحقاق الرئاسي ولا على المستوى السياسي العام، وباتت المراوحة سيدة الموقف إلى أجلٍ غير مسمى، خصوصاً أن كل الدفع الداخلي والخارجي الذي حصل في الأسابيع الأخيرة فشل في تحقيق خرق على مستوى موازين القوى يسمح بفرض واقع جديد.
التوازن الحاصل حالياً يكمن في أن هناك أطرافا سياسية مصرة على ترشيح رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية مدعومة بدول خارجية، في مقابل أطراف وازنة ترفض هذا الأمر ولا يبدو أن هناك قراراً خارجياً بكسرها، لا بل إن دعمها من قبل بعض الدول بات أمرا واضحا ومكرساً منذ ما قبل الجلسة الاخيرة للانتخاب.عملياً لن يستطيع أي فريق سياسي الوصول الى نصف عدد النواب ولا الى نصاب الثلثين في الوقت الذي يراهن كل طرف على تطورات سياسية إقليمية تقلب موازين القوى لصالحه، لكن الوقت ليس في مصلحة أي من المعنيين في ظل إستفحال الأزمة الإقتصادية والمالية وإقتراب حصول أكثر من فراغ دستوري في مؤسسة حيوية.وبحسب مصادر مطلعة فإن هناك شبه استسلام اقليمي ودولي لفكرة إنعدام القدرة على الوصول الى حل سريع، لذلك فإن العمل بين الدول المعنية يتم وفق قاعدة الوصول الى تقاطعات فيما بينها قبل الحديث مع الاطراف المعنية في لبنان على مسار الحل والحكم في المرحلة المقبلة، على اعتبار ان التباينات في النظرة للبنان لها تبعات جدية وسلبية.وترى المصادر ان مجموعة “الدول الخمس” تتواصل بشكل مستمر وستعمل خلال مرحلة قريبة على عقد إجتماع للبحث في الملف اللبناني بشرط أن يكون هذا الإجتماع مثمراً إلى حد كبير ويؤدي الى الإتفاق على الخطوط العريضة للتوجه في لبنان، وإن كان الإتفاق على اسم رئيس الجمهورية او رئيس الحكومة ليس واقعيا في المرحلة الحالية.وتعتبر المصادر ان التواصل مع القوى المحلية تقوم به كل من فرنسا وقطر، لكن لكلا الدولتين توجهات سياسية مختلفة، اما الوصول الى عقد حوار شامل بين القوى السياسية المحلية فدونه عقبات اهمها رفض أي مرجعية داخلية لعب هذا الدور، وعجز أي دولة، حتى فرنسا عن لعب دور الوسيط بين الجميع بسبب اصطفافها في بعض العناوين الأساسية.تتسابق التطورات الإيجابية والتسويات في المنطقة مع الإستحقاقات المصيرية في لبنان، وتحديدا الفراغ في قيادة الجيش المتوقع بداية العام بعد ان بات تسلم نائب حاكم مصرف لبنان وسيم منصوري لصلاحيات الحاكمية امرا لا مفر منه بداية آب المقبل، فهل يستطيع لبنان التعايش مع كل الفراغات المقبلة وخصوصا مع بداية فصل الشتاء وعودة المغتربين الى بلادهم مع ما يعنيه ذلك من تراجع ضخ الدولار في السوق؟