كتبت كارين عبد النور في “نداء الوطن”: بعضهنّ لم يسمَحْنَ للقيود بأن تحدّ من طموحهنّ، فتمرّدنَ واقتَحمْنَ مِهناً طالما دمغها المجتمع كَحكرٍ على الرجال. وأخريات مارسْنَ هوايات «رجّالية» بلمسات أنثوية فَكَسرْنَ صورة نمطية ملاصقة للمرأة الشرقية. لبنانيات كثيرات مَرَرْنَ بهذه التجربة أو تلك. لكن حين تصبح الحاجة بالذات سيّدة الموقف، ترى المرأة اللبنانية «أخت الرجال». بين الحاضر والماضي، جولة عبر الزمن على باقة من تلك القِصص والعِبر.الهوايات تستحيل طموحاً. هكذا تحوّل حلم أنجي وهبة، ابنة العشرين عاماً، والذي راودها منذ سبع سنوات، إلى حقيقة قبل أشهر قليلة. عِنادها وطموحها فعلا فعلهما. فمعارضة والدها والمجتمع لم يمنعاها من افتتاح صالون الحلاقة الرجالي الخاص بها في بلدتها، كفرشيما. ويقصد صالون أنجي يومياً ما لا يقلّ عن 25 زبوناً يأتون من الشمال والجنوب كما من زحلة وكسروان. داخل الحلبة… وخارجهامن حلاقة الشعر إلى رياضة «الدريفتنغ». وتحديداً مع إيلينا سويد، الحائزة على بطولة لبنان للسيدات العام الماضي وأول مدرّبة لهذه الرياضة في الشرق الأوسط. إيلينا لم تنكر أنها مجبرة على «نَزْع» أنوثتها وتركها خارج السيارة. لكنها تؤكّد أنها لا تلبث وتعيد «ارتداءها» بعد أن تترجل منها. هي تدرك جيداً التوقيت المناسب لتبنّي هذه الحالة وتلك. تشجيع الأهل بعد معارضة شديدة ومحبة الجمهور يشعرانها بالسعادة. وحث الأولاد على حب هذه الرياضة سعيٌ دائم لديها. لقد أرادت أن تثبت دوماً أن باستطاعة أي فتاة الوصول بجدارة إلى حيث تريد ومواجهة تعقيدات المجتمع الشرقي. واليوم تقوم مع خطيبها بتعليم أصول هذه الرياضة. للطبل ملمسٌ آخرمن الرياضة إلى الموسيقى. وتحديداً إلى مهنة التطبيل مع اللبنانية – الكندية جيني سي (Jenny C.). عشقها للموسيقى كان ظاهراً للعيان منذ نعومة أظافرها. والد جيني كان الداعم الأول لها، غير أن باقي أفراد الأسرة نصحوها بالغيتار أو البيانو لما فيهما من مظاهر أنثوية. ذلك لم يمنعها من المثابرة وتحدّي عقبات الصورة النمطية عن ارتباط مهنة التطبيل بالرجل. غادرت إلى كندا في العام 2019 عندما بلغت الـ18. وتسعى باستمرار لتقديم عروض مختلفة وابتكار أفكار جديدة مع الإبقاء على الموسيقى الوطنية في الحفلات والأعراس كما في المهرجانات التي تشارك فيها. «لبنان في قلبي وكل طبل لديّ يحمل إما العلم أو الأرزة اللبنانية. أما هدفي فهو تمثيل بلدي بأبهى صورة».أما ميرنا الغصين بدأت في العمل حين تعرّض زوجها لحادث وكان لديهما ثلاثة أولاد. ذلك اضطرها إلى مساعدته في الملحمة التي يملكها. وتلخص هنادي سلوم، اللبنانية العربية التي لمع اسمها في عالم سباقات السيارات، تجربة خاضتها بعد مرور أكثر من عقدين من الزمن. «بعد هذه السنوات أشتاق كثيراً لتلك التجربة. ورغم دخولي عالم الفن والتمثيل والبرامج التلفزيونية غير أنني أفتخر بالتعريف عن نفسي كسائقة رالي سابقة… فللمسألة قيمة مضافة في حياتي».ما زالت هنادي تعشق القيادة وتتمنى لو امتدت تجربتها لسنوات إضافية. فكل شيء تغيّر اليوم، برأيها، حتى البشر. تتذكر جيداً الشعور المرافق لارتفاع منسوب «الأدرينالين» في الجسم، وتصفه بـ»أجمل شعور في الحياة». لكن كيف نظر المجتمع لهنادي في تلك الحقبة وهل ظلمها بأحكامه؟ «هناك من يحب أن يرى فيّ القائدة والمغنية والسائقة وهذه سمات البشر العادية. لكن آخرين يرون ما لا يراه غيرهم من خلال نظرة أعمق للحياة. أما المجتمع فأنا من أبنيه من حولي ولم أكن يوماً منقادة له ولم أسمح لأحد بأن يهزمني».وهذه نصيحة، خمّرتها السنين، لكل فتاة تسلك ذلك الدرب: «لا خيار أمامكِ سوى أن تكوني قوية. وكي تكوني قوية عليكِ بوضع قواعدك الخاصة. عيشي اللحظة لأن ما تملكين من قوة الآن قد تفقدينه بعد دقائق. لا تتردّدي، اجتهدي وتمرّني. ووظّفي المعرفة والذكاء والقوة في المكان الصحيح». الأمر لا يرتبط بتاتاً بتحدّ بين المرأة والرجل. فهما مختلفان بطبيعة الحال، تقول سلوم. لكن حين هو يتعلّق بالِمهن والهوايات، تصبح الكفاءة أساس المنافسة.