وبحسب تقارير رسمية فإن عمالة الأطفال في لبنان تبدأ من عمر الست سنوات، وأحياء وضواحي المدن الكبيرة في لبنان خير شاهد على هذا، ما يشكّل انتهاكًا فاضحًا لحقوق الأطفال، خصوصا وأن هؤلاء يعملون في مصالح مجهدة إلى حد ما، في وقت حظّرت المادة 23 من قانون العمل بصورة مطلقة “استخدام الأحداث قبل إكمالهم سن الثالثة عشرة ويجب ألا يستخدم الحدث قبل إجراء فحص طبي للتأكد من لياقته للقيام بالأعمال التي يستخدم لأدائها، كما يحظر استخدام الأحداث في المشاريع الصناعية والأعمال المرهقة أو المضرة بالصحة والمبينة في الجدولين رقم (1) و(2) الملحقين بالقانون قبل إكمالهم سن الخامسة عشرة”.
تدابير ولكن…تلفت منظمة اليونسيف في آخر تقرير صدر عنها الى حجم المشكلة التي تستشري يومًا بعد يوم، خصوصا مع إقفال المدارس الرسمية في لبنان لفترات طويلة، ما أعطى دافعًا قويًا للأهالي إلى أن يرسلوا أولادهم للعمل ، ظنًا منهم أنّه حان وقت التكيف مع المصائب.
مديرة إحدى الجمعيات التي تهتم بشؤون الأطفال أوضحت خلال حديث ل “لبنان 24” أن الأرقام الرسمية تستدعي تحركًا كبيرًا من قبل اللجنة النيابية المسؤولة، ومن قبل وزير الشؤون الإجتماعية بالتحديد، إذ إن 9 من أصل 10 أسر غير قادرة على تأمين ضروريات الحياة، و 3 أسر من أصل هذه التسعة أوقفت إرسال أبنائها إلى المدارس بشكل كامل، ما يطرح علامة استفهام حول مستقبل جيل كامل بدأ بتضييع مستقبله منذ بدء جائحة كورونا، وأطاحت به الأزمة السياسية والاقتصادية الخانقة.وتؤكّد مديرة الجمعية على أن أكثر من 85% من الأطفال الذين أوقفوا دراستهم هم يعملون بمختلف الأعمال والمهن بدءًا من المطاعم وصولا إلى كاراج الميكانيك، والحدادة، والنجارة… وتؤكد ان كافة التدابير التي اتخذتها الحكومات المتعاقبة، أو اللجان النيابية كانت جيدة في المضمون إلا أن التطبيق العملي غالبًا ما كان دون نتيجة تذكر، فعام 2000 مثلا وقّعت الحكومة مذكرة مع منظمة العمل الدولية ضمن برنامج القضاء على عمل الأطفال، وفي السنة التالية صادقت على اتفاقية العمل الدولية رقم 182 بشأن تحظير أسوأ أشكال عمل الأطفال وغيرها، أضف إلى وضع استراتيجية لمكافحة عمل الأطفال في عام 2004 وافقت عليها الحكومة اللبنانية في السنة التالية والأهم اصدار الحكومة المرسوم رقم 8987 ما يعني تشدد الحكومة بتطبيق حيثيات هذه القرارات المتخذة، ولكن لا حياة لمن تنادي.مؤسسات داخلة معطّلةوسط كل ما أتينا على ذكره نسأل أين هو المجلس الأعلى للطفولة الغائب عن حقيقة ما يحدث لأطفال لبنان، إذ إن هذا المجلس الذي كان قد أنشئ لأجل حماية الأطفال اكتفى بلعب دور معظم المؤسسات في لبنان، من دون أن يتخذ اجراءات تعالج الموضوع، علمًا أن مسألة عمالة الأطفال تأتي بصلب أعماله.
في السياق تؤكّد مصادر وزارية أن المجلس هو شبه عاطل عن العمل، خاصة وأن المسؤولين الذين يتولوا مهامًا داخله تتوقف مهامهم بحسب وجهة نظرهم عند إخطار وزير الشؤون الإجتماعية بالشكاوى. وتؤكّد المصادر ل”لبنان 24 “أن كافة المجالس التي تعنى بعمالة الأطفال في لبنان لم تجتمع منذ مدّة طويلة، فهل لنا الحق بلوم الأهالي أو أصحاب المحال التي تؤمن لهم أعمالا طالما أن المسؤول غافل عما يحصل؟