ثغرات أمنية فضحت إسرائيل.. تفاصيل عن قذيفة كفرشوبا لم تُعلن

7 يوليو 2023
ثغرات أمنية فضحت إسرائيل.. تفاصيل عن قذيفة كفرشوبا لم تُعلن

غامضةٌ نوعاً ما حادثة إطلاق قذيفة من تلال كفرشوبا اللبنانية باتجاه الأراضي الفلسطينية المُحتلة أمس الخميس. الأساسُ في ما حصل مفقودٌ تماماً، فالقذيفةُ التي زعم الجيش الإسرائيلي أنها أُطلقت باتجاه أراضيه لم يُنشر أي صورٍ لها بعد مزاعم اكتشافها، وذلك خلافاً لما كان يفعله جيش العدو حينما كان يعثر على أيّ جسمٍ متفجر أو طائرة مسيّرة أو قنبلةٍ عند الحدود.  

 
 
 مع كل ذلك، بدا واضحاً أيضاً أن الجيش اللبناني نأى بنفسهِ عمّا حصل، فلم يُصدر بياناً يكشف فيه أيّة تفاصيل عن الحادثة. أمّا الأهم فهو أنّ “حزب الله” اكتفى بالصّمت حيال ما جرى بعد حادثة إطلاق القذيفة، فلم يُعلق على خطوة “إسرائيل” بقصف كفرشوبا مدفعياً، علماً أنَّ بياناً له يستنكر الإجراءات الإسرائيلية في بلدة الغجر اللبنانية، تزامن مع اللحظات التي تم الإعلانُ فيها عن حصول الحادثة.  
“تنفيسة إسرائيليّة”في حيثيات ما جرى، هناك حلقةٌ ضائعة أصلاً، وقد يكون ما حدث بمثابة “تنفيسة” إسرائيليّة أو “بدعة” لإيفاد رسالة إلى لبنان. ولكن، إن تمّ التسليم جدلاً بأنّ الحادثة حقيقيَّة، فإنّ تفاصيلها تحتاجُ إلى بعض البحث، والأسئلة الأساسية هي التالية: لماذا تمّ التعاطي مع ما حصل بشكلٍ عادي وكأنه لا تأثير له؟ من أين تم إطلاق القذيفة؟ هل تمّ العثور على منصات لإستهداف الأراضي المحتلة؟ من يقفُ وراء الحادثة التي أدت إلى توترٍ قصيرٍ جداً من حيث الوقت؟ ما هو الخلل الذي كشفته الحادثة في الجانب الإسرائيلي؟ 
 
الأسئلة المطروحة آنفاً كلها مشروعة، والدلائل الأولية لما جرى تشيرُ إلى أنّ الخطوة التي حصلت “صغيرة” وقد لا ترتبطُ بجانبٍ تنظيميّ بحت. الإشارة الأساس في هذا الأمر يرتبطُ بنوع القذيفة التي ادّعى الجيش الإسرائيلي إطلاقها باتجاه الحدود، إذ قيل أنها من نوع “هاون” ولا يمكن للرادارات أو لأنظمة الاعتراض رصدها بعد الإطلاق نظراً لمداها القصير. 
 
عملياً، لو كانت هناك خطوة فعلية لإطلاق صواريخ، لكان المشهد الذي حصل في السّادس من نيسان الماضي قد تكرّر أمس، حينما شهد الجنوب إطلاق رشقاتٍ صاروخيّة باتجاه الأراضي الفلسطينية المُحتلة. في ذلك الحين، بدا الأمرُ منسقاً باعتبار أن هناك منصات صواريخ قد تم العثور عليها من قبل الجيش في أكثر من بقعة، في حين أنّ عملية إطلاق الصواريخ جرى توثيقها من دون معرفة الجهات التي تقفُ وراءها. أما في ما خصّ حادثة الأمس، فالتفاصيل كلها مُبهمة، حتى أنّ الجانب الإسرائيلي لم يغُص في التحليلات كثيراً عبر منافذه الإعلاميّة رغم اتهام جهات فلسطينية وراءها، فيما كان الكلام مُنحصراً فقط بالتهديد والوعيد والقول بأن “إسرائيل ستواصل حماية نفسها ضد أي عملٍ يطالها”.  
 
بشكلٍ أو بآخر، قد تكون التناقضات المرتبطة بالحادثة هي التي جعلتها تموتُ في أرضها. فمن جهة، كان هناك كلامٌ عن أنّ ما حصل سببه إنفجار لغمٍ أرضي قديم، ليتم الإعلانُ لاحقاً أن ما وقعَ كان إنفجاراً لقذيفة تم إطلاقها بشكلٍ دقيق نحو الحدود. بين هاتين الروايتين تكمُن الحقيقة، وما من جهةٍ يمكنها أن تجزمَ ما حدث فعلياً، لا لبنان ولا حتى الجانب الإسرائيليّ، باعتبار أنه ما من أدلة كافية ووافية لحسم التفاصيل بشكلٍ كامل حتى وإن توافرت بعض الوقائع المحسوسة والمادية التي لا يجري الإعلان عنها. إلا أن ما يمكن قوله وسط كل ذلك هو أن “ما حصل قد حصل”، و “التنفيسة” الإسرائيلية وراء ذريعةٍ قد تكون مختلقة، تحققت و “مشا الحال”…  ما جرى في الجنوب صباح الخميس يمكن أن يقدّم إشارةً إلى أنَّ الساحة مفتوحةٌ على احتمالات تصعيدية، لكن رقعة تدهور الأمور ستبقى ضيقة جداً، وبالتالي لا إنغماس في معركةٍ مفتوحة. وضمنياً، قد يكون سيناريو القصف الذي أقدمت عليه “إسرائيل” عبر مدفعيتها، هو أكثر ما يمكن فعله حالياً. ميدانياً، الأمرُ هذا يناسب تل أبيب جداً، فمن مرابض المدفعية الخاصة بها يأتي الرد وذلك من دون تحرّكات أو عمليات مُكلفة. كذلك، فإنَّه ما من إشارات خارجية توحي بأن هناك نية لتصعيد الوضع في الجنوب أقله خلال الآونة الراهنة.  
 
“فضيحة أكبر”مع كل ذلك، يبقى ما حصل مساء أمس هو “بيت القصيد”.. فخلال ساعات المساء، ظنّ سكان مستعمرة كريات شمونة أن هناك حدثاً أمنياً جديداً عقب سماعهم رشقاتٍ نارية. عندها، بدأ الجيش الإسرائيلي تحقيقاته، وتبين أنه ما من شيء إستثنائي، وأن الرشقات التي سُمعت سببها “ألعاب نارية”. هنا، تكمن الإنعطافة الكبرى والفضيحة البارزة.. جيشٌ لديه عتادٌ عسكري متقدم وأنظمة تكنولوجية متطورة، ليس لديه القدرة على اكتشاف ما إذا كان هناك هجومٌ على مستوطناته أم لا.. المفارقة الأكثر رسوخاً هو أن الذعر دبّ في نفوس الإسرائيليين بسبب مفرقعات ناريّة.. حتماً، هذا الأمرُ يكشفُ عن أن الإرتباك كبيرٌ داخل الجبهة الإسرائيلية، وقد يكون ما جرى يوم الخميس مقدّمة لـ”إضاعة إسرائيل” أكثر خلف نفسها.. وتوضيحاً أكثر، فإنّ ما حصل يوم الخميس قد يكونُ مقصوداً لكشف الضعف الإسرائيليّ، ومن الممكن أن يتم إثارة بلبلة داخل المستوطنات من خلال أصواتٍ وهمية ومرفقعات عادية سيتم الاعتقاد بأنها هجمات.. فما الذي يمنع ذلك؟ 
 
حقاً، قد يكون هذا الأمر مندرجاً في إطار الحرب النفسية، وما حصل الخميس يؤكد أن نفسيّة العدو مُنهارة تماماً، والدليل أن “فرقيعة” أثارت هلعاً وذعراً في صفوف جيشٍ ومستوطنين، وهنا تكمنُ الفضيحة!