المشكلة ليست بين جعجع وباسيل… بل برفض فرنجيّة

10 يوليو 2023
المشكلة ليست بين جعجع وباسيل… بل برفض فرنجيّة


منذ إنتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، سارع “الثنائيّ الشيعيّ” إلى اتّهام الأفرقاء المسيحيين بتحمّل المسؤوليّة في إدخال البلاد في الفراغ الرئاسيّ، عبر عدم إتّفاقهم على مرشّحٍ، إضافة إلى رفضهم الجلوس الى طاولة حوار. ولكن، بعدما تلاقت “القوّات” و”الكتائب” مع “التيّار الوطنيّ الحرّ” على إسم وزير الماليّة السابق جهاد أزعور، تبدّل الوضع، وسقطت مقولة “المسيحيين ليسوا متّفقين”، بينما لا يزال الكثيرون ينتظرون فرنسا لتُبادر، وتفتح كوة في الشغور الرئاسيّ، الذي دخل شهره التاسع.

 
كذلك، فإنّ أفرقاء آخرين كانوا يتّكلون على أيّ توافقٍ مسيحيّ، كي ينتخبوا مرشّح الأكثريّة المسيحيّة، الأمر الذي لم يحصل، فبقيّت مواقف بعض الكتل مثل “الإعتدال الوطنيّ” و”مستقلّون” ضبابيّة لجهّة الإقتراع لرئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجيّة أو جهاد أزعور أو غيرهما، ما يعني أنّ العقدة لم تكن مسيحيّة أبداً، ولم تكن متعلّقة بتقارب سمير جعجع والنائب جبران باسيل، وإنّما هناك رغبة بإجراء حوار يشمل المرحلة المقبلة، وبرنامج عمل الرئيس الجديد، للتوصّل إلى تسويّة، وتجنيب البلاد أيّ صراعٍ سياسيٍّ، قد يحول دون معالجة المشكلات الإقتصاديّة.
 
وأيضاً، يتّضح من خلال تشكيك “الثنائيّ الشيعيّ” بالتقارب “القوّاتي – العونيّ”، ومن خلال إتّهام المعارضة بأنّ الأسماء التي تطرحها الهدف منها إلغاء فرنجيّة، أنّ المشكلة الأساسيّة هي من صنع “حزب الله” و”حركة أمل”، وتتمثّل برفض إنتخاب أغلبيّة النواب المسيحيين رئيس “المردة”، وعدم قبولهم بأنّ يقوم نواب “الوفاء للمقاومة” و”التنميّة والتحرير” بتسميّة الرئيس، الذي ترى “القوّات” كما “التيّار” أنّ هذا الأمر يعود للمسيحيين حصراً. فكما أنّ “الثنائيّ” لا يُوافق على قيام الآخرين بترشّيح نائبٍ شيعيّ لموقع رئاسة مجلس النواب بحجة أنّ أغلبيّة النواب الشيعة من حصّته، وكما أنّ النواب السنّة هم الذين يُباركون تسميّة أيّ رئيس للحكومة، فإنّ من حقّ معراب وميرنا الشالوحي أنّ تكون لهما الصلاحيّة في إعلان المرشّح الرئاسيّ.
 
ويقول مراقبون إنّ تلاقي “القوّات” مع باسيل، يُشبه إلى حدٍّ ما إتّفاقهما عام 2016، على انتخاب ميشال عون، وحتّى لو كانت الظروف مختلفة، من حيث عدم دعم “حزب الله” والنواب السنّة لأزعور. ويُضيف المراقبون أنّه من خلال التوافق القائم حتّى الآن بين “الجمهوريّة القويّة” و”لبنان القويّ”، فإنّه لم يعد هناك حاجة في أنّ تدعو بكركي لحوار مسيحيٍّ، وكرة التعطيل أصبحت بملعب “الثنائيّ الشيعيّ”، الذي انسحب نوابه من الدورة الثانيّة لآخر جلسة إنتخاب، وطيّروا النصاب، على الرغم من أنّ أزعور وفرنجيّة ليسا قادرين على بلوغ الـ65 صوتاً، في ظلّ الإنقسام النيابيّ العميق في المجلس.
 
ورغم أنّ المعارضة استطاعت التلاقي مع باسيل على أزعور، لم تُحلّ المعضلة الرئاسيّة، وقد زار الموفد الرئاسيّ الفرنسيّ جان إيف لودريان لبنان، لاستطلاع آراء الأفرقاء، وإمكانيّة أنّ تُساهم باريس في حلحلة المشكلة. وتوازيّاً، توقّف رئيس مجلس النواب نبيه برّي عن الدعوة لعقد جلسة جديدة، بانتظار ما سينقله لودريان في زيارته الثانيّة المرتقبة إلى بيروت، وما ستُقرّره الدول الخمس بشأن الإستحقاق، وسط الترجيحات بأنّ ترفض المعارضة أيّ مقايضة بمرشّحها لصالح حصولها على رئاسة الحكومة، وعدم حضورها أيّ حوار فرنسيّ يُراد منه التوافق على فرنجيّة، أو برنامجه غير محدّد سلفاً.
 
ويُشير المراقبون إلى أنّ “حزب الله” وبرّي ينتظران الموقف الفرنسيّ الجديد حول رئاسة الجمهوريّة، كيّ يبنيا موقفهما المقبل على أساسه، وهما سبق وأبديا للودريان تمسّكهما بفرنجيّة، ما يضرب أيّ توافق أو مبادرة ستعمل فرنسا على تسويقها. أمّا في جهّة المعارضة و”التيّار”، فهما يُصّران على برّي للدعوة للجلسة الـ13، وهما لا يزالان على موقفهما بعدم انتخاب فرنجيّة، ما يرى فيه “الثنائيّ الشيعيّ” أنّه غير منطقيّ ويشكل تحديا، لذا، يستمرّ بالدعوة للحوار لأنّه غير قادر وحده على إيصال مرشّحه إلى سدّة الرئاسة.
 
وتُحمّل أوساط مسيحيّة “حزب الله” مسؤوليّة عدم الإفراج عن الإستحقاق الرئاسيّ لأنّ مطلبه هو “فرنجيّة أو لا أحد”، على الرغم من أنّه حصل على أصوات مسيحيّة أقلّ بكثير من تلك التي نالها أزعور، خلافاً لما يُروّج له “الممانعون” بأنّه يلقى دعماً من المسيحيين. وتُشدّد الأوساط على أنّها أنجزت التوافق المسيحيّ بين أكبر كتلتين، وهي تعمل على تأمين أصوات إضافيّة لمرشّحها، وهي مستمرّة بالتنسيق والتواصل بين مختلف أفرقاء المعارضة و”الوطنيّ الحرّ”.