هل يستدرج المسيحيين تحميلهم مسؤولية تغيير النظام؟

13 يوليو 2023
هل يستدرج المسيحيين تحميلهم مسؤولية تغيير النظام؟


كتبت سابين عويس في” النهار”: قبل وصول “الثنائي الشيعي” إياه الى مرحلة الدفاع عن الطائف وإعلان الالتزام به، لم تتردد قياداته وكوادره واجهزته في تسليط الضوء على طروحات متعددة برزت اخيراً على الساحة المسيحية، بدءاً من طرح البطريرك الماروني بشارة الراعي الحياد، مروراً بدعوته الى مؤتمر دولي للبحث في القضية اللبنانية، وصولاً الى مبادرات خاصة تدعو الى اعتماد الفيديرالية.

لم يتكلف “الثنائي” عناء البحث في الأسباب التي تدفع فريقاً واسعاً من المسيحيين خصوصاً واللبنانيين عموماً الى البحث في الخيارات المتبقية لمعالجة الخلل في بنية النظام اللبناني، والذي يتجلى في سوء الممارسة الديموقراطية السليمة للدستور، وللقوانين المتفرعة عن مبادئه. هذا لا يعني ان “الثنائي” لا يعي الهواجس التي تقلق الوسط المسيحي، بقطع النظر عن الخلافات التي تعصف بين قياداته.لا يتلقف “الثنائي” هذه الهواجس، بل يرى فيها مبالغة ويسوّق لها على انها ترمي الى تغيير النظام القائم. يفوته ان أولى الدعوات الى مؤتمر تأسيسي وردت على لسان الأمين العام لـ “حزب الله” قبل أعوام، وان رد الحزب على دعوات بكركي الى مؤتمر دولي كان بأنها تهدف الى تدويل الازمة تمهيداً لفرض نظام تقسيمي جديد.في المقابل، ينزلق المسيحيون في لعبة الاستدراج هذه الى تغذية الحجج لدى الفريق الشيعي، بحيث يبدو الفريق المسيحي هو من يطالب بتغيير النظام، مقابل تمسّك “الثنائي” بالطائف. لم يأتِ كلام رئيس المجلس نبيه بري امام مجلس نقابة المحررين من خارج هذا السياق عندما قال ان “دعوات البعض الى تغيير النظام تضع لبنان في مهب مخاطر لا تحمد عقباها”. موقف بري المتمسك بالطائف كان سبقه موقف مماثل لـ “حزب الله” عبّر عنه رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد. وفي رأي مصادر متابعة ان “الثنائي” لا يرى ان التوقيت قد نضج من اجل طرح مسألة النظام والدستور، وان ثمة خطوات يجب ان تسبق وتندرج بحسب الأولوية من ملف ترسيم الحدود البرية، وقد بدأ العمل الجدي يتظهر في هذا الشأن مع زيارة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين الى بيروت، بعد استعراضات الخيم على الحدود، وهو الذي انجز مع الحزب اتفاق ترسيم الحدود البحرية، ما يشي بأن ملف ترسيم الحدود البرية وصل الى نهايته ايضاً.ثاني الملفات يكمن في انضاج فكرة الحوار الذي ينادي به بري، علماً ان اكثر من إشكالية لا تزال تلفّ هذا الطرح، بدءاً من معادلة لا حوار قبل انتخاب رئيس يديره التي يصر عليها الجانب المسيحي، مقابل معادلة لا رئاسة قبل الحوار، وينطلق أصحابها من ان الحوار أولوية للاتفاق على المرشح للرئاسة. ومن المهم الإشارة الى ان البطريرك الراعي لم يذهب الى الدعوة الى مؤتمر دولي الا بعدما ايقن ان لا نية لدى الفريق الآخر بملاقاة الفريق المسيحي حول المرشح الذي لقي اجماع هذا الفريق، بل استمرار في تعطيل الانتخاب واتهام مرشح المعارضة وتقاطعاتها بأنه مرشح استفزاز.