كتبت هيام قصيفي في” الاخبار”: لا يمكن تفسير عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جام ايف لورديان أكثر من مرة بأنها استمرار للمراوحة السابقة، إذا لم يكن يحمل في جعبته إعلان موقف واضح من اقتراحات الحل للأزمة اللبنانية.
بذلك، يصبح لقاء الدوحة إحدى المحطات الضرورية التي يُفترض أن تشكّل نقلة بين مرحلتين، وليس محطة فاصلة، لأنها تحمل شكلاً من أشكال ترجمة الخلافات التي تشهدها العواصم المشاركة في اللجنة الخماسية، والتي تحمل كل منها فكرة حل مختلفة. تماماً كما هي حال أفرقاء الداخل الذين عبّروا تباعاً، في الأيام الأخيرة، وكلّ على طريقته، عن هواجسهم ورؤاهم، قبل عودة الوزير الفرنسي، ليخلص الجميع إلى فكرة التسليم ضمناً بالشغور الطويل، بعدما أبدى كل من المعارضة والتيار وحزب الله تمسّكه بموقفه، ما خلا فروقات ظهرت أخيراً يمكن أن تشكّل إشارات معبّرة.
إحتمال أن يكون قائد الجيش العماد جوزف عون مرشحاً ثالثاً مطروحٌ في ظل لقاء اللجنة الخماسية وتراجع باريس عن دعم فرنجية، إذ ظهرت إلى المعارضة بعض ملامح احتمالات وصول التيار إلى هذا الخيار، تحت ضغط خارجي، مرفقاً بإغراءات عملانية تتعلق بموقعه في العهد المقبل. لا يعني ذلك تسليماً مبكراً من باسيل بقائد الجيش، خصوصاً أنه يلوّح دوماً له، عبر وزير الدفاع، بملفات عسكرية مخالفة للقانون وبأنه قائد انقلاب ضد العهد السابق. لكن رفعه السقوف العالية، مثله مثل رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، يحتمل أوجه المساومة لقبض ثمن أعلى في أي تسوية حين يحين موعدها، ولا سيما أن احتمال القبول بقائد الجيش يبقى أقل ضرراً من الالتفافة نحو فرنجية، بمجرد قبول القوات به. لكن سوء هذا السيناريو أنه يحمل أوجه المقايضات المبكرة التي تكرر تجارب تشكيل الحكومات والمحاصصة في العهد المقبل أسوة بما جرى في العهد الماضي، وتعيد إنتاج ظروف أكثر سوءاً من دون أي خطة إنقاذ حقيقية على المستويات السياسية والاقتصادية.
وإذا كان مبكراً الحكم على الحوار المتجدد، في شقّه الرئاسي، فإن إنتاج أي تفاهم ثنائي بين الحزب وباسيل من دون رضى الرئيس نبيه بري، لا يمكن التعويل عليه بالمطلق لترجمته في صورة رئاسية، أو إنتاج ترتيبات بين الطرفين تتعلق بتفاصيل تندرج تحت خانة الحكومة ومجلس النواب على السواء. فموقف بري من التيار ورئيسه لا علاقة له بالاستراتيجيا، بل يشبه موقف التيار من فرنجية، ومن الصعب على كليهما التراجع عنه بسهولة. وهذا يفضي إلى أن كل الحراك المحلي لا يزال دون السقف المطلوب ترجمته للوصول إلى إنتاج حل رئاسي. ولن يكون ذلك في وقت قريب، لا في لقاء الدوحة ولا في زيارة لودريان المقبلة.