بلا شروط مسبقة.. هل من أفق لحوار حزب الله التيار المتجدّد؟!

14 يوليو 2023
بلا شروط مسبقة.. هل من أفق لحوار حزب الله التيار المتجدّد؟!


 
بعيدًا عن تصويبه المتكرّر على الحكومة، حتى ولو استند فيه على “فرضيات” شطبها رئيسها، لعدم رغبته بـ”تحدّي” أيّ فريق، قد يكون أهمّ ما ورد في الكلام الأخير الذي أدلى به رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل، بعد اجتماع تكتل “لبنان القوي”، هو إعلانه عودة الحوار مع “حزب الله”، بعد فترة من “القطيعة”، إن جاز التعبير، أو بالحدّ الأدنى، من العلاقة “الباردة جدًا” باعتراف الطرفين.

Advertisement

 
أحاط باسيل الحوار المتجدّد مع “حزب الله” بنقطتين محوريتين أساسيّتين، الأولى هي “ذهنية إيجاد حلّ”، والثانية “لا فرض ولا شروط مسبقة”، قبل أن يؤكد أنّ الحوار “بدأ بوتيرة جيدة وإيجابية”، معربًا عن أمله في أن “يتكثّف للوصول إلى نتائج تأتي بالمنفعة لجميع اللبنانيين وليس لفريق على حساب آخر”، ليلاقي بذلك “حزب الله” الذي لم ينجرّ إلى لغة “الصدام”، بل يواظب على الدعوة المنتظمة إلى “الحوار والتلاقي” مع الجميع.
 
وفي حين لم يُكشَف النقاب عن الخلفيّات التي دفعت لعودة قنوات التواصل بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”، في ظلّ بعض الفرضيات التي ربطت الأمر بموقف “الحزب” من استحقاق “حاكمية مصرف لبنان”، تُطرَح علامات استفهام بالجملة عن “آفاق” هذا الحوار، وما إذا كان بالإمكان ترجمته على شكل “توافق” يمهّد لـ”تحرير” استحقاق رئاسة الجمهورية، خصوصًا بعد “التقاطعات” المتناقضة التي سُجّلت أخيرًا.
 
لماذا الآن؟ 
يقول العارفون إنّ عودة التواصل بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”، ولو بحدّه الأدنى، لم تكن مفاجئة لأحد، بل كانت أمرًا متوقّعًا، فـ”الحزب” كان يدفع بهذا الاتجاه منذ اليوم الأول، وهو لم يقطع “شعرة معاوية” مع “العونيّين”، في ذروة الخلاف، حتى عندما كانت “النيران الصديقة” من باسيل وجيوشه الافتراضيّة تصوَّب عليه بشكل مباشر، رغم “العتب” الذي كان يُنقَل على خلفية بعض الانتقادات التي لم يكن الخصوم أنفسهم يجرؤون على إطلاقها.
 
وعلى خط “التيار الوطني الحر”، فعلى الرغم من أنّ خطواته منذ “القطيعة” مع “حزب الله”، بدت بمثابة “انقلاب كامل” عليه، حتى إنّ عددًا من الناشطين المحسوبين عليه لم يتوانَ في الآونة الأخيرة عن توجيه الانتقادات للأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله شخصيًا، فإنّه كان أيضًا يدرك أنّه سيعود للحوار معه في نهاية المطاف، علمًا انّ باسيل أوصل أكثر من رسالة للحزب، مفادها بأنّ تخلّيه عن ترشيح سليمان فرنجية يعيد الأمور إلى مربعها الأول.
 
لكنّ ما سرّع عودة الحوار بشكل رسميّ، بحسب العارفين، لا يمكن أن يكون “معزولاً” عن التطورات السياسية الأخيرة، وتحديدًا موقف “حزب الله”، الذي يرى “العونيون” أنه كان “ضابط الإيقاع” في تحديد مسار الأمور في ملف “الحاكمية”، بعدما كان رئيس مجلس النواب نبيه بري يدفع باتجاه “تعيين” حاكم جديد لمصرف لبنان، تحت عنوان أنّ “الضرورات تبيح المحظورات”، وهو ما لم يُجارِه به “حزب الله”، الذي استخدم أيضًا حق الفيتو ضدّ فكرة “التمديد”.
 
هل من أفق للحوار؟ 
في كلامه، قال باسيل إنّ الحوار مع “حزب الله” يأتي “بلا فرض ولا شروط مسبقة”، ولعلّه بذلك حاول إيجاد “توازن” بين الشعارات التي كان يرفعها هو، وتلك التي كان ينادي بها “حزب الله”، فهو من كان يقول بعدم “الفرض”، في إشارة إلى موقفه السلبي من المرشح المدعوم من الحزب فرنجية، في حين أنّ “حزب الله” هو الذي كان يرفض “الشروط المسبقة” التي كان يضعها “التيار”، وقوامها التخلي عن فرنجية، قبل فتح أيّ قنوات تواصل.
 
بهذا المعنى، يقول العارفون إنّ مجرّد حصول هذا “التوازن” قد يعبّر عن إيجابية لا يمكن تجاهلها، ولو أنّها لا تبدو كافية، طالما أنّ كلّ فريق لا يزال متمسّكًا بموقفه، فـ”حزب الله” يؤكد أنّه لا يزال متمسّكًا بترشيح فرنجية، بل إنّ أوساطه لا تزال مقتنعة بقدرته على “إقناع” باسيل به، وهو يقول إنّ موقفه من ملف “الحاكمية” كان تعبيرًا عن قناعاته، التي عبّر عنها منذ أشهر، وبالتالي لا ينطوي على أيّ “رسالة” لأيّ طرف.
 
وفيما يحرص باسيل في المقابل، على وضع حواره المتجدّد مع “حزب الله” في سياق “موازٍ” مع الحوار الذي يخوضه مع مختلف القوى السياسية، من “القوات” إلى “الكتائب” والمستقلّين، ما يعني تمسّكه بالتقاطع الذي توصّل إليه مع خصوم “حزب الله”، يبقى الاعتقاد سائدًا بأنّ “كسر الجليد”، عبر إنهاء القطيعة، قد يكون الخطوة التمهيدية الأولى نحو الحوار الأعمّ والأشمل الذي يمكن البناء عليه، والذي يُنتظَر أن يبلوره الفرنسيّون في المقبل من الأيام.
 
في الأوساط “العونيّة”، أكثر من وجهة نظر، إذ يدفع فريق باتجاه الحوار مع “حزب الله”، باعتبار أنّ التقاطع مع خصومه “لا يُطعِم خبزًا”، وأنّ هؤلاء لا يريدون منهم سوى إيصال رئيس “مواجهة”، فيما يصرّ فريق آخر على “القطيعة” مع الحزب، بعدما باتت العلاقة معه “عبئًا” أكثر منها “ترفًا”. وبين هذا وذاك، ثمّة من يتحدّث عن “توزيع أدوار”، قبل أن يختار “التيار” التموضع الذي يناسب “مصلحته أولاً”، وهنا بيت القصيد!