الخلاف كبير جدّاً… من قال إنّ أزمة لبنان ستنتهي بانتخاب رئيسٍ؟

16 يوليو 2023
الخلاف كبير جدّاً… من قال إنّ أزمة لبنان ستنتهي بانتخاب رئيسٍ؟


 
يُقال وفق الكثير من رجال السياسة في لبنان، إنّ انتخاب رئيسٌ جديدٌ للجمهوريّة، سيضع البلاد على سكّة التعافي. صحيحٌ أنّه بإنهاء الفراغ ستتشكل حكومة، وستنتهي السجالات حول الصلاحيّات، غير أنّه بحسب التجربة، فإنّ لا شيء يُوحي بأنّ الخلاص قريبٌ، لأنّ التعيينات ستكون موضوع سجال بين الأفرقاء السياسيين الذين يُريدون تقاسم الحصص، إضافة إلى أنّ التوافق على إسم حاكم مصرف لبنان لن يكون أمراً سهلاً، كذلك، فإنّ هناك إختلافات كثيرة بشأن القوانين الإصلاحيّة والتدقيق الجنائيّ، وغيرها من الملفات الحساسة، التي قد تُفجّر جلسات مجلس الوزراء.

 
ولعلّ كيفيّة إنتخاب الرئيس هي التي ستُحدّد إنّ كان الخروج من الشغور سيكون مقدّمة للحلول، فالثابت أنّ “حزب الله” برئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجيّة أو أيّ أحد سواه، سيُشارك في مجلس الوزراء الجديد، على مبدأ جمع كافة الأفرقاء ضمن حكومة وحدة وطنيّة، وهذا الأمر لطالما نادى به “الحزب”، وخصوصاً منذ إندلاع الإحتجاجات في “17 تشرين الأوّل 2019” وقبلها بكثير، لأنّه يرى أنّ القرارات يجب أنّ تُتّخذ بالتوافق بين الجميع، وخصوصاً تلك التي تُعتبر مصيريّة، مثل التعيينات الأساسيّة، أو المواقف من القضايا الدوليّة، أو تلك المتعلّقة بالمنطقة والبلدان المجاورة.
 
ومن جهّة ثانيّة، فإنّ المعارضة لن تقبل بأنّ تتعاون مع “الثنائيّ الشيعيّ” ضمن حكومة واحدة، إذ أنّها تُصرّ منذ 4 سنوات على ضرورة تشكيل حكومات تُنجز إقتصاديّاً وإصلاحيّاً، وتُحمّل فريق “الممانعة” مسؤوليّة ما آلت إليه الأوضاع السياسيّة والمعيشيّة والإقتصاديّة في البلاد. من هنا، يقول مراقبون إنّ الإنقسام السياسيّ الحادّ سيستمرّ، خاصة إذا نجح فرنجيّة بالوصول إلى بعبدا بتسويّة دوليّة، خلافاً لرغبة المسيحيين المعارضين له.
 
وأيضاً، فإنّ تشكيل الحكومات هو أساس المشكلة في البلاد، لأنّ ولادة كلّ منها تستغرق أشهراً، وفي بعض الأحيان أكثر من سنّة، ريثما يقتنع البعض بأحجامهم، أو بتخلّيهم عن وزارة سياديّة معيّنة. ويقول المراقبون إنّ أولى العقبات أمام تشكيل أيّ حكومة مستقبلاً، ستكون عبر عرقلة فريق “التيّار الوطنيّ الحرّ”، لأنّه سيُطالب ببعض الحقائب البارزة كعادته، وهو بحاجة ماسّة لها، للمحافظة على دوره المُؤثّر بعدما أصبح خارج الحكم، وفَقَدَ الوزارات التي كانت من حصّة رئيس الجمهوريّة. ومن خلال هذا الأمر، فإنّه سيدخل في سجالات مع “القوّات” ومع رئيسيّ الجمهوريّة والحكومة الجديدين، وستدخل كما درجت العادة فرنسا أو دول أخرى على الخطّ، في محاولة منها لتبديل بعض الوزارات، أو تليين المطالب.
 
ووفق المراقبين، فإنّ منطق المحاصصة في الوزارات وإشراك كافة المكوّنات السياسيّة في أيّ حكومة، لن يسمح بإنجاز الإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد، إذ إنّ الخلافات ستنتقل سريعاً إلى مجلس النواب، حيث تُوضع قوانين مهمّة في الأدراج، أو لا تُقرّ، بينما لبنان بحاجة بالإسراع في الإتّفاق مع الصندوق، للحصول على الأموال والمساعدات التي يجب توظيفها في الدورة الإنتاجيّة.
 
وفي السيّاق، فإنّ هناك بنوداً كموضوع الإستراتيجيّة الدفاعيّة والسلاح غير الشرعيّ، التي ستعمل المعارضة على مناقشتها في المرحلة المقبلة. ويُحذّر المراقبون من خطورة الملفين، بالتزامن مع التوتّر في الجنوب، وخصوصاً وأنّ “حزب الله” لم يُبدِ إستعداده للتطرق لموضوع سلاحه، وسط تشديده على أنّه هو الذي يحمي لبنان وثرواته النفطيّة من العدوّ، ويُحافظ على سيادة البلاد.
 
وكما هو ظاهرٌ حاليّاً، فإنّ الإنقسام السياسيّ بشأن الإستحقاق الرئاسيّ كبير جدّاً، وهناك أفرقاء يرفضون التحاور مع “الثنائيّ الشيعيّ”، والأخير ليس مستعدّاً للتنازل عن ترشّيح سليمان فرنجيّة، فيما المعارضة تبذل كافة جهودها لمنع وصول رئيسٍ “ممانع”. فكيف أمام هذا الإختلاف العميق، سيتمّ إنتاج فريق عمل متجانس بعد إنتخاب الرئيس؟
 
ويختم المراقبون أنّ التسويّة لن تأتي لا من فرنسا ولا من دولة أخرى، والكباش السياسيّ في لبنان أصبح على هويّة البلاد، ولهذا الأمر، فإنّ الإنتخابات الرئاسيّة مصيريّة بالنسبة لكلّ طرفٍ، فـ”حزب الله” يعمل على المحافظة على الإرث السياسيّ السابق، وأخذ لبنان إلى أكثر محور الشرق، فيما المعارضة تُريد إلغاء النهج القديم، وإحياء العلاقات اللبنانيّة – العربيّة، واللبنانيّة – الغربيّة.