كتب ابراهيم بيرم في ” النهار”: يبدو أن المسيحيين هم أكثر المتضررين من التطورات الإقليمية والدولية ومن الوضع الداخلي الذي ينحو شيئاً فشيئاً إلى هيمنة “الثنائي الشيعي” على المؤسسات. ففي الوقت الذي يتمسك فيه “حزب الله” بفرنجية للرئاسة ويستند في خياره على فائض قوة، لا تستثني ما يكرسه جنوباً، وإن كان تحت شعار المقاومة، إلا أن القوى المسيحية التي تبنت ترشيح جهاد أزعور لم تستطع بلورة عناصر قوة تمكنها من المبادرة خصوصاً وأن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل يعمل على إعادة ترتيب أوضاعه مع “حزب الله” من خلال فتح قنوات معه، وإن كان يُبقي على التواصل مع المعارضة والقوى التي ترفض تنصيب فرنجية، لكنه في الوقت نفسه يكسر إمكان المسيحيين على التقدم بمرشحهم انطلاقاً من حساباته الخاصة ورهانه خارجياً على حركة تغيّر مقاربة الاستحقاق الرئاسي في الخريف المقبل.
ينعكس هذا الواقع على الحوار المرتقب إذا نجح لودريان في عقده، فبينما تتجه قوى مسيحية إلى طرح الفيديرالية كخيار للصيغة المقبلة، والنظام، رداً على الهيمنة القائمة، وإن كانت البطريركية المارونية لا تزال تتمسك بالطائف، وتدعو إلى مؤتمر دولي حول لبنان، وفي الوقت الذي لا تحسم فيه الفيديرالية الخلافات المسيحية بين القوى المختلفة التي التقت على رفض فرنجية، خصوصاً بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر الأقل قدرة على التنظيم، يظهر أن هذا الطرح سيقلل من قدرة المسيحيين عموماً على التأثير في القرار ووضعهم في موقع ضعيف أمام المكونات الاخرى.يطرح هذا الموضوع جملة من التساؤلات حول علاقة المسيحيين بالمكوّن السني الذي يرفض أي مساس باتفاق الطائف رغم التفكك الذي يعانيه، وهو أمر تلقفه “الثنائي الشيعي” من خلال مواقف أطلقها الرئيس نبيه بري والأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله أكدت الالتزام بالطائف ورفض تعديله، إضافة إلى كلام الحزب عن أن ضمانته الوحيدة هو شخص الرئيس، وهو ينطبق على سليمان فرنجية واعتباره من أبرز المتمسكين بالاتفاق. وهنا يريد “حزب الله” طمأنة السنّة وفي الوقت نفسه كسر الرفض المسيحي لفرنجية، وإن كانت الأطراف المسيحية تعتبره حالة لما يريد “حزب الله” فرضه في الرئاسة وفي مؤسسات الدولة.وعلى رغم هذا الطرح يريد “حزب الله” فرض معادلة في البلد يكون فيها المقرر مع رئيس تحت جناحيه. وهذه العناوين المطروحة كان أعلنها أمينه العام حسن نصرالله، بوضوح في كلمته الأخيرة ورفع أوراق القوة التي يملكها جنوباً لاستثمارها في الداخل وتجيير الامور لمصلحته باستعصائه، وبفائض قوته ودوره الداخلي والإقليمي … ولذا هو يستمر في المراهنة على تطورات إقليمية ودولية من بينها التواصل الإيراني- السعودي والانفتاح على سوريا تنعكس على لبنان، وتصب في وصول مرشحه للرئاسة بصرف النظر عما يمكن أن يخرج من اجتماع الدوحة لدول باريس.