يعتقد البعض في لبنان ان بامكانه مواجهة الكون والعالم مجتمعاً من اجل بعض الحسابات والمصالح الضيقة التي تُعنى به وبجماعته اكانت سياسية، طائفية أو مذهبية، ويخال لهذا البعض ايضاً ان دول العالم تنتظر تصريحاته والآراء التي يدلي بها حتى تبني على الشيىء مقتضاه.
والخيال، ذهب ببعض اللبنانيين لحدّ اعتبار انفسهم يعيشون في جزيرة نائية مع مناصريهم ومجموعاتهم وسط اكتفاءٍ ذاتيّ على مختلف الصعد، يمكّنهم من ان يشترطوا ويحددوا ليس فقط ما يريدون، بل ما يجب ان تقوم به بعض الدول لناحية تعاطيها مع الملف اللبناني، فتحوّلوا الى ناصحين ومحددي اتجاهات كما الى متأسفين على الحال التي وصلت اليها الدول الداعمة للملف اللبناني وفي طليعتها فرنسا.وعالم الخيال المُشار اليه الذي تُرجم عبر “عنترات” اعلامية، اكان عبر مواقع التواصل الاجتماعي بالوكالة والأصالة او عبر اطلالات اعلامية متلفزة ومكتوبة، رُجمت عبرها فرنسا لكونها الوحيدة التي ما زالت تهتم بشؤون لبنان واللبنانيين مع المحافظة على مصالحها طبعاً، فبدا وكأن المطلوب منها هو ان تقوم على غرار دول كثيرة بنفض يدها من الملف اللبناني، فيُترك اللبنانيون لمصيرهم وجهنمهم وللتعيير الشائع في هذه الأيام والقائل”معقول معكم مصاري تسهروا وتعيشوا وتضهروا؟؟”.لكن الخيال المُشار اليه ورواده الذين يعرفهم الجميع، تعرض لعنصر مفاجأة تجلى عبر الخطاب العلني والمباشر الذي أدلت به السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو خلال حفل الاستقبال السنوي التقليدي الذي دعت اليه في 14 تموز في قصر الصنوبر لمناسبة العيد الوطني لبلادها. لا تعنّت ولا استسلاموفي هذا الاطار، أكد مصدر مطلع لـ”لبنان 24″ ان “جواب الفرنسيين او القيمين منهم على الملف الرئاسي جاء واضحاً على محاولات التشويش التي يتعمدها البعض، وذلك على لسان غريو التي قالت: “فرنسا أيضاً لن تستلم”وقد تكون هذه العبارة رسالة واضحة الى كل من يتمنى ان يتوقف الحراك الفرنسي تجاه لبنان او ما يعرف بالمبادرة الفرنسية.وعدم استسلام فرنسا في هذا المجال لا يعني ابدا تعنتها او عدم تعديلها وتطويرها لمبادرتها.فالفرنسيون ادركوا جيدا انه لا بد من اعتماد نَفس جديد ومقاربة جديدة لحراكهم اللبناني الذي ما زال جوهره ثابتاً، اما شكله فقابل لاي تعديل يصب في انجاح المبادرة وفي وضع اللبنانيين على سكة الخلاص التي ينتظرونها بفارغ الصبر”.المبادرة الفرنسة والاجتماع الخماسيوأضاف المصدر” بدا حديث السفيرة الفرنسية متقاطعا مع المعلومات التي رَشحت عن الاجتماع الخماسي الذي عُقد في الدوحة من اجل لبنان، فالاجتماع الذي قد تنتج عنه دعوة للحوار محصورة بانتخاب رئيس للجمهورية، يقوم بدوره ومن بعد انتخابه بطرح طاولة حوار لمناقشة كل ما هو شائك داخلياً، اتى وكأنه في تطابق الى حدّ ما مع المواقف الفرنسية التي أُطلقت في 14 تموز الفائت والتي يمكن اختصارها بالنقاط الاتية:الحفاظ على (الطائف)الدعوة الى الحوار من اجل انتخاب رئيس للجمهورية.عدم البحث عن اي نظام جديد يغيّر هوية لبنان وصورته والعمل على تطبيق اللامركزية الادارية.ضرورة تذكير الجميع ان لبنان نقطة وصل بين الشرق والغرب”. ورأى المصدر ان “النقاط او الأفكار الواردة اعلاه، والتي يشير اليها خطاب السفيرة الفرنسية دون اي مواربة، قد تكون خريطة الطريق التي سيحملها معه الموفد الفرنسي الرئاسي جان ايف لودريان خلال عودته الى بيروت الاسبوع المقبل”.تناقضات معارضي فرنجيةويختم المصدر معتبراً ان الحفاظ على فحوى المبادرة الفرنسية التي تدعو بواقعية مطلقة الى انتخاب رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجيه رئيساً للجمهورية اللبنانية، يأتي بعد جولة اسطلاع قام بها الفرنسيون لمعرفة اسباب الاعتراض، فاستخلصوا التناقضات الاتية:بعض من لا يريد انتخاب فرنجيه يقول انه مرشح “حزب الله”، في حين ان هذا البعض انتخب وأمّن وصول الرئيس السابق ميشال عون الى سدة الرئاسة وهو من أكثر المرشحين الذين تبناهم وحارب من أجلهم “حزب الله”.البعض الآخر من معارضي فرنجيه يؤكد ان عدم انتخابه ينتج عن انتمائه لما يعرف بال”منظومة”وعن عدم امتلاكه تمثيلاً نيابياً واسعاً، لكنهم في الوقت نفسه سارعوا الى دعم الوزير السابق جهاد أزعور، الذي ينتمي بشكل او آخر الى أركان “المنظومة”اللبنانية ولا علاقة له لا من قريب ولا بعيد بالتمثيل النيابي”. في المحصلة، فرنسا لن تستسلم ومبادرتها مستمرة، أما لغة التأنيب التي ظهرت بشكل غير مسبوق في 14 تموز قد تصبح لغة تخاطب مُعتمدة مع كل من يستحقها، يقول المصدر.