مشهدية الـ MTV عيّنة عمّا سيحصل في الحوار المفترض

22 يوليو 2023
مشهدية الـ MTV عيّنة عمّا سيحصل في الحوار المفترض

لا يكفي أن يُقال إن ما حصل الخميس في برنامج “صار الوقت” من على شاشة الـ “أم. تي. في” بين الوزير السابق وئام وهاب والزميل سيمون أبو فاضل معيب ومخجل.
هذا المشهد قابل للتكرار في كل مرّة تُستضاف فيها شخصيتان متنافرتان ومستفزتان، ولا تتفقان لا في الرؤية ولا في مقاربة الأمور، ولا حتى في تشخيص الداء قبل الحديث عن الدواء.

 
 عندما كان كميل منسى وعادل مالك على سبيل المثال يحاوران ضيوفهما كانا مدرسة في مقاربتهما المواضيع الشائكة بجرأة وحكمة وموضوعية ومهنية. لم يكن “الرايتنغ” في ذاك الزمن الجميل هدفًا.كان يقضيان ساعات في البحث والاعداد حتى يكون برنامجهما الحواري راقيًا ومفيدًا وضمن أطره الأدبية والأخلاقية. وقد تكون المناظرة بين العميد ريمون أده ووزير الداخلية في ذاك الوقت بهيج تقي الدين من على شاشة تلفزيون لبنان، وكان يديرها عادل مالك خير مثال على هذا النبل والرقي في الحوار وفي إدارته.وعلى رغم أن الزمن لم يكن كما هي الحال اليوم، وإن اختلفت الآراء وتعدّدت المواقف وتباينت، فإن المقصود بالتذكير بتلك المناظرة الشهيرة، التي شاهدها مئات الألوف من اللبنانيين، الذين تسمرّوا حول الشاشة الوحيدة في ذلك الوقت، الدلالة على مدى البعد الثقافي لدى الزميل عادل مالك، أطال الله بعمره، ومدى براعته في إدارة حوار مع شخصيتين مميزتين في الحياة السياسية اللبنانية.
 
ربّ قائل إن الزمن الأول قد تحوّل. فما بعد كل هذه الأزمات والحروب العبثية التي عاشها اللبنانيون ليس كما قبلها. الناس تغيّروا. المفاهيم العامة تبدّلت. وسائل الاعلام “تطورّت” تقنيًا. تفاعل الناس من خلال مواقع التواصل الاجتماعي أصبح مملًا. العلاقات الاجتماعية آخذة في التلاشي.وعلى رغم كل هذا فإن ما يجب أن يقال في هذا المقام إن ما حصل بين وهاب وأبو فاضل يمكن أن يحصل مع آخرين لا يتوافقون من حيث المبدأ على المقاربات نفسها. فإذا كان التخاطب المنقول مباشرة على الهواء، الذي يُفترض أن يكون حضاريًا، كان بـ “الخبيط”، فكيف سيكون عليه الحوار، الذي يدعو إليه “حزب الله” في هكذا أجواء مشحونة؟
 
ما حصل في أستوديوهات الـ “أم. تي. في” ليس سوى عيّنة أو نسخة مصغرّة، ولكنها قد تكون “طبق الأصل” عن حوار غير مكتملة عناصره. وهنا يحضرني قول قال عمر بن الخطاب: “لو اطلع الناس على ما في قلوب بعضهم البعض لما تصافحوا الا بالسيوف”. فالقصة ليست قصة “رمانة” بمقدار ما هي قصة “قلوب مليانة”.    قد تكون هذه الحادثة عابرة، ولكنها في الوقت ذاته معبّرة. هي عيّنة عمّا يمكن توقعّه، إذ يمكن أن يُستبدل كوب المياه، الذي رشق به وهاب أبو فاضل  برشاش “كلاشينكوف” مثلًا أو راجمة صواريخ.