من الواضح أن رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل عاد إلى النقطة التي إنطلق منها لحظة الخلاف مع “حزب الله”، أي الحوار معه. قبل أشهر كان باسيل يخوض حواراً عميقا مع رأس الهرم في الحزب، أمينه العام السيد حسن نصرالله، لكنه قرر اللعب على حافة الهاوية لقطع الطريق على ترشيح رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية.
عاد باسيل بعد أشهر من الخلاف الذي وصل الى مراحل لم يكن يريدها ، ليتحاور مع رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا من دون شروط مسبقة، وهذا يعني أن رئيس “التيار” يرغب بالعودة الى تموضعه السابق بشرط التفاهم مع حارة حريك وأن يضمن له احد مصالحه.علم باسيل في خلال الاسابيع الاخيرة التي تلت جلسة الانتخاب والتي صوت فيها وتياره لصالح الوزير السابق جهاد ازعور، انه خسر حليفه الوحيد ولم يربح أي حلف جديد مع قوى المعارضة والتغيير، اذ ان جميع الاحزاب والنواب الذين تحالفوا معه رئاسياً لا يزالون يعتبرونه خصما سياسياً ويطبقون عبارة “التقاطع” حرفيا.يريد باسيل اليوم تخفيف خسائره، خصوصا انه غير قادر على فرض رئيس وكل ما يستطيع تحقيقه كان تحسين شروط خصوم “حزب الله” التفاوضية، لكن الأمر لم يكن مربحاً بالنسبة له، لانه لا يحقق له اي مكاسب سياسية جدية بل يجعله مجددا محاصرا سياسياً في لحظة التسوية التي كانت ستكون بين الحزب من جهة وخصومه من جهة اخرى.اليوم يأمل باسيل أن يتراجع الحزب، لسبب أو لآخر عن دعم رئيس فرنجية، لان الامر سيفتح له الباب واسعاً لكي يتفاهم مع حارة حريك على سلة كاملة للمرحلة المقبلة، وهذا ما سيعيد التيار الى الفاعلية السياسية وينهي حالة التخبط الذي يعيشها منذ عدة أشهر، لا بل يعيد القدرة على التفاوض مع خصومه من موقع قوة على اعتبار انه غير “مقطوع من شجرة” بل ان علاقته بحليفه جيدة.الاهم في كل ذلك ان الاجواء التي تتحدث عن تقدم حظوظ قائد الجيش العماد جوزيف عون رئاسياً تقلق باسيل وهو عمليا غير قادر على قطع الطريق عليه خصوصا اذا بقي متموضعاً في خندق المعارضة، لذلك كان لا بد من البحث عن الخطة التي تسبب أقل خسارة، وهي التفاهم مع الحزب على تسوية ما، على اعتبار أن إسم الرئيس في اللحظة الحالية بات لزوم ما لا يلزم بسبب تباعد الآراء والتصورات بين القوى المحلية والخارجية.