ما الفائدة من زيارة لودريان طالما يستبقها السياسيّون بالفشل؟

24 يوليو 2023
ما الفائدة من زيارة لودريان طالما يستبقها السياسيّون بالفشل؟


كتبت روزانا بو منصف في” النهار”: يتبارى سياسيون من مختلف الأطياف في الجزم بأن زيارة الموفد الفرنسي الوزير السابق جان ايف لودريان الأسبوع الحالي لبيروت محكومة بالفشل ولن تؤدّي الى نتيجة. فلا رئاسة في المدى المنظور ولا من يحزنون. وهذا ما يقوله من يدور في فلك الثنائي الشيعي ومن يدور أيضاً في فلك الأحزاب والتيارات الأخرى في ظل جزم مقابل بأن رئيس التيار العوني جبران باسيل سيبقى يماطل من جهته حتى انتهاء ولاية قائد الجيش جوزف عون مطلع كانون الثاني من أجل إطاحة فرصة وصوله إلى الرئاسة الأولى، عملاً بالتعطيل الذي شارك فيه مع “حزب الله” عامين ونصف العام حتى إيصال ميشال عون الى الرئاسة. وبناءً على ذلك قد يتعيّن على لودريان إن لم يشد رحاله الى بيروت بعد أن لا يفعل على سبيل توجيه رسالة ينبغي إرسالها الى أهل السلطة والقوى السياسية بأن الخارج ليس مجنّداً من أجل الخضوع لأهواء هؤلاء وعدم رغبتهم في الوصول الى حل تحت وطأة أن يعلن أنه يمكن أن يزور بيروت ثانية ويبذل مساعي مع القوى السياسية إذا أعلنت هذه الأخيرة استعدادها فعلاً لإيجاد حل للأزمة وإظهار النية لإنقاذ البلد.

Advertisement

تبعاً لذلك تخشى مصادر ديبلوماسية من أن ترك الواقع اللبناني للقوى السياسية فحسب قد يعني أحد أمرين: أحدهما أن الفراغ السياسي قد يترك مجالاً لتقدم قوى إقليمية غالباً ما استفادت من اللامبالاة الغربية والخليجية من أجل أن توسع نفوذها كما حصل في مرحلة 2008 ومن ثم ما بعد 2014 وتوسيع مساحة نفوذ الدويلة على حساب الدولة والاستقواء عليها. وهو ما أدى الى الإخلال بالتوازن السياسي الذي أدى بالوضع الى ما بات عليه راهناً. وفشل المقاربة الفرنسية الأولى إنما يعود الى السعي الى تثبيت هذا الواقع تحت وطأة اعتبارات مصلحية سياسياً في الوقت الذي لم يحظ فيه ذلك بتغطية من الدول الأخرى كما بتغطية داخلية. ثانياً إن كل القوى السياسية لها مصالحها الشخصية والسياسية ولكن البعض منها المؤثر لا يهمه ما يحصل للبنان واللبنانيين وتستفيد من تفكك المؤسسات وتحللها، ومن هنا ضرورة أن يفضحها الخارج على الأقل عبر تسميتها وتحديد مكامن العرقلة تشهيراً بها، إضافة الى إجراءات عقابية تتناول منعها من السفر الى الدول المعنية أو أيّاً مما يمكن أن يؤثر سلباً عليها. فما تعرّض له بعض السياسيين من عقوبات في وقت سابق كان له الأثر الكبير نتيجة اقتناع عميق بأن من استُهدف بالعقوبات لم يُظلم فعلاً بل كان يستحق هذه العقوبات. هذا على الاقل ما عبّرت عنه بارتياح غالبية من اللبنانيين الذين نزلوا الى الشارع في 2019 مطالبين بمعاقبة المسؤولين وإزاحتهم لعجز اللبنانيين عن محاسبتهم، ولم يحترم رغبتهم سوى الرئيس سعد الحريري ومن ثم وليد جنبلاط الذي أفسح المجال أمام ابنه لتولي المسؤولية، وذلك علماً بأن الشعب اللبناني يتحمّل بدوره مسؤولية كبرى في إعادة التصويت لهؤلاء في الانتخابات النيابية ولو بنسبة تقل عن نصف اللبنانيين. وهو يتحمّل راهناً بقوة بما لا يمكن الدفاع عنه بأي شكل من الأشكال لعدم الانتفاض عملانياً على قوى سياسية امتهنت إفقاره وتضييع أمواله ومستقبل أولاده والبلد ككل. وهذه النقطة بالذات تبقى من دون تبرير منطقي ولا سيما في ظل انتظار الخارج من دون جدوى من الشعب اللبناني أن يقوم بواجبه ويحاسب هؤلاء الذين لا يزالون يتنطحون بمواقف فارغة لا معنى لها فيما ينحدر غالبيتهم الى المزيد من الفقر والعوز.