تفاصيل الحراك القطريّ في لبنان.. شخصية قد تُغير المشهد الرئاسي!

24 يوليو 2023
تفاصيل الحراك القطريّ في لبنان.. شخصية قد تُغير المشهد الرئاسي!

في ظلّ إنسداد أفق حل أزمة الرئاسة في لبنان لاسيما بعدَ صدور إشارات واضحة تشِي بـ”إحتضار” المبادرة الفرنسية عقب إجتماع اللجنة الخماسية الدولية المعنية بلبنان في قطر، الإثنين الماضي، تبرزُ خطوة جديدة يمكن أن تُساهم في إضفاءِ حركة دبلوماسية ناشطة في لبنان، والأساس هنا سيكون من خلال القطريين الذين سينشطون بقوَّة على أكثر من خط داخلي.. فما هي الإشارات لذلك؟ وما الذي سيحصل قريباً؟ 

 
قبل أيام، أصدر أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قراراً بتعيين الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، سفيراً فوق العادة مفوضاً لدى لبنان، وذلك خلفاً للسفير إبراهيم بن عبد العزيز السهلاوي الذي يستعد لمغادرة بيروت عقب انتهاء مهامه الدبلوماسيّة. هنا، فإنّ النقطة التي لا يُمكن إغفالها أبداً هو أنّ آل ثاني كان يتولى منصب رئيس الديوان الأميري، ما يعني أنّه على دراية عميقة بما تُفكر به القيادة القطريّة وبما تسعى إليه في المنطقة وتحديداً في لبنان. كذلك، فإنَّ تعيين الشيخ سعود جاء بعد أيامٍ قليلة من إجتماع اللجنة الخماسية في الدوحة، وقد يكون ذلك بمثابة تتويجٍ لبداية حراكٍ قطريّ فاعل على مستوى عالٍ من الشخصيات التي سيكون لها تأثيرٌ كبير خلال المرحلة المقبلة.  
 
وسط كل ذلك، فإنَّ دخول الشيخ سعود آل ثاني على خطّ لبنان يعني أنَّ الطرح القطري بشأن حل الأزمة الرئاسية سيبرز بقوة على سكّة البحث. وهنا، تتجدد الهمسات السياسية التي تفيد بأنّ القطريين يُعوّلون كثيراً على إنتخاب قائد الجيش جوزاف عون رئيساً، إلا أنّ  دوائر الدوحة في لبنان ترفضُ التصريح عن هذا الأمر بشكل علني على قاعدة أنه لا مرشح لقطر وأمر إنتخاب رئيس هو شأن لبناني. لكنّه ورغم عدم وجود أي تبنّ واضح لعون، فإنّ الأخير وبالنسبة للدوحة، يعتبرُ مثالاً لشخصية لبنانيّة أثبتت نزاهة في إدارة الملفات خصوصاً ضمن المؤسسة العسكرية، إذ كان التعاون مع الأخير مباشراً عبر المساعدات المالية التي قدمتها الدّوحة للجيش طيلة الفترة الماضية. إضافة إلى ذلك، فإنّ قطر بإمكانها التمسك بورقتها أكثر حينما يتم الحديث عن رئيسٍ للبنان بعيدٍ عن الفساد، وهي ترى أن عون يمكن أن يكون ضمن تلك الخانة بناءً على تجربة ملموسة وفعّالة. 
 
الأمر الأهم والأبرز هو أنّ قطر ومن خلال حراكها في لبنان تسعى لأن تُكرّس الحل الذي يضمنُ ملفات مهمة أخرى ترتبطُ بالملف النفطي وآلية التنقيب عن الغاز في البحر المتوسط. وللتذكير، فإنَّ قطر تعدُّ جزءاً أساسياً من إئتلاف التنقيب عن النفط والغاز في البلوكين رقم 4 و9 في المنطقة الاقتصادية اللبنانية الخالصة، ما يعني أن المصلحة الإقتصادية للدوحة قائمة وبقوة في لبنان، وهي تحتاجُ إلى أساسٍ سياسيّ رصينٍ ومتين بدءاً من رأس الدولة وصولاً إلى حكومة فاعلة تضمنُ كافة المتطلبات التي يحتاجها قطاع النفط سواء من إصلاحات أو تشريعات ضروريّة خلال الفترات اللاحقة. وعملياً، فإنّ تكريس رئاسة عون وتحقّقها يعني أنّ قطر ستكون فاعلة لـ6 سنوات آتية، وبالتالي ستكون تلك المدة كفيلة بترسيخ الوجود القطري الأكثر على أساسٍ فعّال مرتبط بالإستفادة الإقتصادية الممهدة والمؤسسة لنفوذٍ سياسيّ لا يتنافى مع التوجهات الدولية الأخرى. 
 
وبإنتظار وصوله إلى لبنان خلال وقتٍ قريب، فإنّ الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني سيستكملُ المباحثات التي بدأها موظفون بالسفارة القطرية في بيروت منذ مدّة قصيرة بشأن الملف الرئاسي، وتقول المعلومات إنّ نشاط آل ثاني على هذا الصعيد سيكون أكثر بروزاً وبشكل علني، فيما من المتوقع أيضاً أن يلتقي قائد الجيش في اليرزة فور تسلمه مهامه رسمياً في بيروت، وذلك في إطار خطوة بروتوكوليَّة ستشمل مختلف القادة السياسيين والأمنيين. 
وحتى يبدأ السفير القطري الجديد مباحثاتهِ و “إستوائها”، تُرجح مصادر سياسيَّة ألا تنضُج بوادر الحل قبل شهرين من الآن على اعتبارِ أنّ المناخ الدولي والإقليمي لا يشِي بهذا الإتجاه وسط عدم وجود تقاطعٍ واضح بعد بين مختلف القوى الإقليمية لإنجاز التسوية.
 
وبحسب المصادر، فإنَّ القطريين وفي حال فضّلوا تقوية ورقة عون وتبنيها فعلياً، فإنهم سينتظرون إنتهاء ولاية الأخير في قيادة الجيش مطلع العام 2024، وعندها، سيكون القطريّون قد أسسوا بمتانة لوصول عون إلى الرئاسة من بوابة أنه بات شخصية “مدنيّة” لا عسكريّة، الأمر الذي يعني انتفاء خيار إقدام مجلس النواب على أيّ تعديل دستوري إستثنائي للإتيان بعون إلى بعبدا مباشرة من الوظيفة العسكريّة. حتماً، هذا الأمرُ سيريحُ عون أولاً ويلغي إحتقاناً سياسياً آخر بسبب أي تعديل دستوري ترفضه مختلف الأطراف السياسية. ومن الآن ولغاية بدء العام الجديد، تطورات كثيرة ستحصل، لكنّ الأساس يكمن في “ليونة” الأطراف السياسية وتقبلها للمسعى القطري.. فهل سيتحقق ذلك بسهولة؟