لا رئيس قبل انتهاء ولاية عون… هذا ما يريده باسيل

26 يوليو 2023
لا رئيس قبل انتهاء ولاية عون… هذا ما يريده باسيل

عندما قيل لنا “روحوا صيّفوا” لم نفهم أن المقصود أن لا رئيس للجمهورية في المدى المنظور، أقّله قبل أن يُحال قائد الجيش على التقاعد بعد ستة أشهر من الآن. وبهذه الحال يكون اسم العماد جوزاف عون قد سقط بفعل عامل الوقت، الذي يعرف سياسيون كثر استثماره جيدًا لمصالحهم الخاصة، من دون أن يرف لهم جفن عندما يرون أن كل يوم يمرّ من دون رئيس للجمهورية، وهو ضابط كل الايقاعات، يخسر لبنان الشيء الكثير من عافيته الاقتصادية، وتخّف قدرته الذاتية على الصمود في وجه الأعاصير والأمواج العاتية. 

 
 
 وما يُقال تعميمًا عن مختلف القوى السياسية، التي يبدو أنها تتلذذ بلحس المبرد الرئاسي، يمكن قوله تحديدًا عن رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، الذي يحاول أن “يلعب” على حبال الوقت، في انتظار أن تفرغ الساحة الرئاسية ممن يُسمّى بـ “الخيار الثالث”، أي العماد عون، خصوصًا أنه لمس في آخر زيارة له للدوحة مدى إصرار القطريين على إيصال قائد الجيش إلى بعبدا القريبة جدًّا من اليرزة. 
 
ولهذا، نرى كيف يتنقل باسيل بين النقاط المحورية. هو تارة مع “المعارضة” فقط في دعم ترشيح الوزير جهاد ازعور من أجل إيصال رسائل واضحة المعالم لمحور “الممانعة”، ومفادها أنه “بيضة القبان” في السباق الرئاسي، وفي الوقت نفسه لا يريد أن يقطع “شعرة معاوية” مع “حزب الله” في حوار “لا معلّق ولا مطّلق”، وهدفه الأول والأخير يبقى في خلفية ظواهر الأمور إفهام الجميع بأنه لا يزال المرشح الطبيعي للرئاسة. ولهذه الغاية تكبدّ الرئيس السابق ميشال عون عناء السفر إلى دمشق. فهذا الهدف اصطدم بجدار “الممانعة”، التي تصرّ على أن لا بديل عن رئيس تيار “المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية كمرشح أكثر من طبيعي، وهي باقية على هذا الخيار إلى أن يتعب الآخرون، أو إلى أن يقتنع باسيل بأن مصلحته السياسية ستكون مضمونة مع هذا الخيار أكثر مما ستكون مع الخيارات الأخرى، خصوصًا إذا تأكد أن ورقة العماد عون الرئاسية قد سقطت مع مرور الزمن. 
 
ولأنه يعرف أنه “بيضة القبان” في المعادلة الرئاسية فإنه يسعى إلى أن يكون بالمعنى التقليدي “الناخب الأكبر” بعدما تيقّن أن حظوظه الرئاسية تكاد تقارب الصفر، وذلك من خلال إيحائه من خلال تموضعه مع “المعارضة” في دعم ازعور، أو من خلال حواره مع “حزب الله”، بأنه الرقم الصعب في أي من هذه الخيارات الممكنة، مع سعيه الدائم لتأجيل الاستحقاق الرئاسي بمقدار ما تسمح له الظروف بذلك، من دون أن يكون في الواجهة الأمامية، خشية أن تطاله العقوبات التي ستلاحق المعطّلين والمعرقلين. 
 
فإذا نجح في إبعاد طيف العماد عون عن المشهد الرئاسي يكون باسيل قد “ارتاح” من الخيار القطري، ليتسنى له لاحقًا الانصراف إلى معالجة كيفية التعاطي مع “حزب الله” في ما خصّ ترشيح فرنجية، الذي لا تزال حظوظه متقدمة، وقد تصبح متقدمة أكثر في حال تمكّن “حزب الله” من اقناع حليفه القديم بالوقوف إلى جانبه في معركته الرئاسية، وهي معركة “كسر عظم”، وفق المؤشرات، التي تُستنتج من المواقف التي يدلي بها قادة من “الحزب”.  وعليه، فإن اللبنانيين المكتوين بلهيب “الصيفية”، سيجدون أنفسهم بعد زوال موجة الحرّ هذه أمام برودة سياسية قد تجمّد أي مسعى لإخراج البلاد من دوامة العواصف الموسمية.