أعادَ إشكالُ منطقة الشياح الذي حصل قبل أسبوعين، تسليط الضوء على آفة القمار بنوعها “الإلكتروني”، والذي غزا لبنان بشدّة خلال الأزمة الإقتصاديَّة الراهنة. في الحقيقة، بات من العارف والجاهل بكيفية اللعب وشروطها “يضربُ ضربته” بهدف إدخال بعض الدولارات إلى جيبه، لكنّ ما لا يُعرف هو أنّ تلك الأرباح كانت بمثابة “مصيدة” أوقعت مئات اللبنانيين في فخّ الديون المتراكمة والهائلة بسبب الخسائر التي مُنيوا بها.
ما فعلتهُ تلك الآفة لم يرتبط فقط بـ”هدر دولارات” المواطنين وأموالهم فحسب، بل ساهمت أيضاً في دفعهم إلى بيع ممتلكاتهم بغية تأمين الأموال لتسديد الديون، وإلّا فإن “المشاكل ستتفاقم”، حتى أنّ بعض لاعبي “القمار” فكّروا بالإنتحار بسبب الخسائر الكبيرة.
جهاد، وهو أحدُ لاعبي “القمار الإلكتروني”، يشرح لـ”لبنان 24″ كيف دخل بهذا القطاع الذي سمح له بأن يخلّص عائلته من الجوع والعوز بعد أن أدخل آلاف الدولارات إلى جيبه. خلال حديثه، يقول جهاد إنَّ قصّته بدأت إبّان مونديال قطر 2022 حيث بدأ يجذب الشباب إلى إحدى المقاهي في الضاحية الجنوبيّة لبيروت، وعمل على ترغيبهم بوضع الرهان على المباراة عن طريق منصة إلكترونية، ليتقاضى ثمن أتعابه، بالإضافة إلى فرضه نسبة بحال فاز الشخص والتي كانت تلامس 40% من قيمة الأرباح التي سيحصل عليها المراهنات.
في الواقع، فإنّ آفة الرهان ليست هي الوحيدة، لا بل أيضًا باتت منصات القمار الإلكترونية مصيدة أخرى تنتشر بشكل واسع ومريب، وهذا ما يؤكّده مصدر أمني لـ”لبنان24” الذي يشير إلى قيام الأجهزة الأمنية بعمليات دهمٍ كثيرة لأشخاص يديرون “عصابات القمار”، وآخرها كان في الجنوب، حيث تمّ القبض على أحد المطلوبين وهو يقوم باستقبال المراهقين الذين يدفعون جل ما لديهم على ألعاب المراهنات والقمار الإلكتروني. كذلك، يؤكد المصدر أنّ موت أحد الأشخاص جرّاء حادث سير في الجنوب كشف فضيحة عن أشخاص يعمدون إلى الإستثمار بهذه الأعمال غير الشرعية، وهو ما فتح الملف على مصرعيه.
يؤكّد جهاد أيضاً لـ”لبنان24” أنّ تلك العصابات محصورة، إذ إن الرؤوس الكبيرة في ما خصّ المراهنات غالباً ما تكون متواجدة في الخارج، وتتواصل مع الوسطاء بين اللاعبين عن طريق حسابات مزيّفة لكي لا تقع بشباك القوى الأمنية. وللتذكير، فإن الدولة ومنذ العام 2013، حاولت بالتعاون مع هيئة “أوجيرو” إغلاق تلك الشبكات التي كانت تحظى بدعمٍ تقني كبير وحماية إلكترونيّة غير عادية يديرها على الأغلب أشخاصٌ متخصصون في ذلك.