كتبت كلير شكر في” نداء الوطن”: فجأة قرّر جبران باسيل أن يكون «المنقذ». تحت عنوان «التضحية»، تجاوز كل ما سبق وارتكبه من انتقادات بحق فرنجية، ومن إنجازات يسعى إلى تحقيقها عبر الورقة الرئاسية، ليختصر المشهد بمعادلة واحدة: أعطوني اللامركزية الإدارية الموسّعة والصندوق الإئتماني وخذوا الرئاسة!لا جواب شافياً يفسّر كيف يمكن تحقيق هذين المطلبين عبر تشريعهما كشرط مسبق ليضع نواب «تكتل لبنان القوي» اسم سليمان فرنجية في الصندوقة الرئاسية (بعضهم فعلها أصلاً)؟ كما أنّه لا تفسير أيضاً، كيف يمكن لهذين البندين أن يختصرا كلّ رؤية «التيار الوطني الحر» لبناء الدولة ومؤسساتها؟ كيف يمكن لهما أن يختزلا المشروع الإصلاحي؟ ماذا تعني اللامركزية إذا لم تطبق الدولة المركزية الشروط الإصلاحية لصندوق النقد الدولي؟ وها هي البلديات نموذج للفساد ولهدر المال العام لأنّها غير مضبوطة بأطر شفافة وإصلاحية.الأهم من تلك التساؤلات، ما هو مرتبط بسلوك جبران باسيل طوال ستّ سنوات من عهد الرئيس ميشال عون وما بعد الانهيار المالي: لماذا لم يوظّف رئيس «التيار» شبكة التفاهمات التي عقدها لتأمين وصول العماد عون إلى الرئاسة لإقرار قانون اللامركزية إذا كانت خشبة الخلاص؟ هل صار بالإمكان الوثوق بأي مرشح لقيادة الورشة الإصلاحية؟ من يضمن التطبيق؟ والطبقة السياسية التي لا تزال «تعلك» في القوانين الإصلاحية وترفض توزيع الخسائر لسدّ الفجوة المالية، هل ستتنازل فجأة لتنشئ صندوقاً إئتمانياً «يقضي بحفظ أصول الدولة وملكيتها فيما تتم إدارتها من القطاع الخاص ما يسمح بتحسين إيرادات الدولة وردم جزء من الفجوة المالية وإعادة الأموال للمودعين»، كما وصفه باسيل؟ وكيف يمكن أن تنهي كل «معزوفة» حقوق المسيحيين بـ»صندوق»؟
ومع ذلك، دأب باسيل خلال الأيام الأخيرة في محاولة توضيح حيثيات انقلابه. طبعاً، معظم النواب والقيادات العونية الأساسية، لا يعرفون حقيقة ما يحصل بينه وبين «حزب الله» في الحوار المستجد على الخطّ. وأي من هؤلاء لا يملك جواباً حاسماً: هل فعلاً قطع الحوار شوطاً مهماً قرّر بنتيجته باسيل القفز من ضفّة شطب فرنجية إلى ضفّة تأييده بعدما اضطر إلى القبول بأهون الشرور حين لمس أنّ ترشيح قائد الجيش جوزاف عون قد يكون خيار المرحلة الجديدة بدفع من قطر؟ أم هي لعبة كسب مزيد من الوقت في مفاوضات شبه تعجيزية لا يسعى من خلالها إلّا لعبور استحقاق قيادة الجيش بشطب ترشيح جوزاف عون بعدما حوّل فرنجية من أهم المرشحين إلى مجرّد مرشح مدعوم من الثنائي الشيعي؟