إنتقال هادئ في حاكمية مصرف لبنان

1 أغسطس 2023
إنتقال هادئ في حاكمية مصرف لبنان

وكتبت” الاخبار”: ما يقوله منصوري هو أن الرواتب للقطاع العام ستُدفع بالدولار عبر «صيرفة» كما كان يحصل في الأشهر الأخيرة، وبالتالي فإن الإيرادات الضريبية ستمتصّ كتلة نقدية بالليرة من السوق كان يمكن أن تُستخدم لشراء الدولارات والمضاربة على الليرة، كما أنه في المقابل ستُضخّ كمية من الدولارات في السوق وفدت عبر المغتربين والسياح، ما من شأنه أن يوازن الاختلال في العرض والطلب. ورغم دقّة هذه المعطيات تقنياً، إلا أنها تثير أسئلة أساسية تتعلق باستدامة الاستقرار النقدي في ظلّ تحرير سعر الصرف. ففي الزيارة الأخيرة لممثلي صندوق النقد الدولي، أثيرت هذه النقطة تحديداً مع وزير المالية الذي أبلغهم بأنه سيسعّر الدولار في الموازنة على سعر «صيرفة» في سياق العمل على توحيد وتحرير سعر الصرف. أجاب ممثلو الصندوق بأن عملية تحرير سعر الصرف ممكنة، لكنّ استدامة الاستقرار النقدي والتوحيد هي التحدّي، إذ لا يمكن التنبؤ بهذا الأمر من دون صدور قرارات من السلطة المركزية تقارب الأزمة بشكل شامل.يقدّم منصوري إشارات في اتجاه مرحلتين؛ مرحلة انتقالية يتم فيها تحديد وجهة استعمال الاحتياطيات بالدولار وتحرير سعر الصرف بالتزامن مع دعم رواتب العاملين في القطاع العام وتأمين الاحتياجات الأساسية للدولة ضمن مدى ستة أشهر، ومرحلة ثانية يتم فيها إقرار القوانين التي تعالج الخسائر وتحدّد تفاصيل استرداد الودائع تمهيداً للتعافي والنهوض. المرحلة الأولى لن تكون سهلة رغم أنها أهون نسبياً مقارنة بالمرحلة الثانية. فهناك همس بين نواب مؤثّرين أنه لا ضرورة لإقرار قانون في مجلس النواب يشرّع الإنفاق من الاحتياطي الإلزامي، إذ إن قرار تحديد مستوى الاحتياطيات يعود للمجلس المركزي الذي سبق أن خفّضه ليحرّر بعضاً من الدولارات للاستعمال. بمعنى آخر، قد ترفض بعض الكتل النيابية إقرار هذا القانون، سواء بذريعة النقاش القانوني أو كونها لا تريد تحمّل مسؤولية استعمال الاحتياطيات التي تُصنّف بأنها أموال للمودعين، أو تحديداً ما تبقّى من الودائع. وبالمثل، يحاول نواب الحاكم ألا ينفقوا مما تبقّى من أموال المودعين، إلا بغطاء سياسي.أما المرحلة الثانية، فتتعلق باتخاذ إجراءات وقوانين سبق للقوى السياسية أن رفضت اتخاذها وإقرارها خلال السنوات الأربع الماضية، رغم كل ضغوط صندوق النقد الدولي والتقدّم في المفاوضات معه وصولاً إلى توقيع اتفاق معه على مستوى الموظفين. فعندما وصل الأمر إلى الشروط المسبقة لإقرار الاتفاق النهائي، توقّف البحث في الخطوات المطلوبة. ممانعة القوى السياسية، قد لا تطول كثيراً، وستكون مجبرة مع نهاية ولاية سلامة وتولّي منصوري الحاكمية وامتناع الأخير عن تمويل الدولة بدعم من نوابه الثلاثة، أن تتولى مسؤولية ما.