في اطار المساعي الجدية للحل في لبنان، قررت الدول المعنية بالملف وتحديدا “الدول الخمس”، ترك مساحة زمنية تمتد لعدة أسابيع للقوى السياسية من أجل التوصل الى إتفاق من دون أي تدخلات فعلية، لكن عملياً ترك لبنان للمراوحة حتى منتصف أيلول على أقل تقدير، وهذا أمر لا يمكن تخيل تبعاته، خصوصا في ظل الحديث عن انفلات الوضع النقدي في الأيام المقبلة بعد نهاية ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
في الواقع، هدف المهلة الزمنية هو تنفيذ ضغوط كبرى على القوى السياسية المعنية لكي يكون إقناعهم بالحلّ اكثر سهولة، وبشكل أوضح، قد تكون الولايات المتحدة الأميركية أول من يريد تنفيذ هذه الضغوط على حزب الله، لإجباره على تقديم التنازلات الرئاسية والتخلي عن مرشحه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وهذا لن يتم الا في حال طالت الضغوط البيئة الحاضنة للحزب.لكن يستطيع الحزب الإستفادة من هذه المهلة، ويستطيع التقدم بالنقاط لسببين، الأول محسوم، وهو كسب الوقت، وهذه إستراتيجية اساسية ينفذها الحزب حاليا على إعتبار أن التطورات الإقليمية والداخلية ستكون لصالحه مع الوقت، وعليه فإن تمرير الوقت من دون حل سيحسن شروطه التفاوضية وسيزيد من قدرته على إقناع مفاوضيه بمرشحه ووجهة نظره.من هنا بدأ سياسيون ومحللون، يعتبرون أن الفرنسيين قاموا بالمماطلة لعدة أسابيع خدمة لمرشح الحزب سليمان فرنجية، وإلا كان بإمكانهم البدء بتنفيذ العقوبات التي تم الإتفاق على فرضها من قبل “اللجنة الخماسية”، وهذا الامر، من وجهة نظر القيمين عليه، سيؤدي الى تسريع الحل والوصول الى تسوية لا يكون الحزب المستفيد الاول منها.أما السبب الثاني الذي سيمكن الحزب من التقدم على خصومه بشكل كبير، هو تمكن مصرف لبنان ونائب الحاكم وسيم منصوري من إحتواء أزمة الفراغ في الحاكمية، وعدم ارتفاع سعر صرف الدولار بشكل قياسي خلال الايام المقبلة، مما يعني أن الضغوط التي من المفترض أن تصيب القوى السياسية لن تحدث وسيتمكن الحزب تحديدا التعامل مع التداعيات المحدودة للفراغ.هذه التطورات ستعني أن الضغوط ستنتقل من ان تكون على “فريق الثامن من اذار”لتصبح على القوى المسيحية من جهة التي ستكون امام تدحرج الفراغ في المواقع المسيحية، كما أن عدم استعجال الحزب وعدم تعرضه لضغوط مباشرة سيجعل من بعض الدول المتضررة من تحلل المؤسسات الرسمية للدولة جاهزة لتقديم التنازلات السياسية بهدف الوصول الى الحلّ..