سقط اتفاق وقف إطلاق النار في مخيم عين الحلوة بعد مضي ساعات على دخول وفد هيئة العمل الوطني الفلسطيني المشترك إلى داخل المخيم للإشراف على تنفيذ قرارات وقف النار وتشكيل لجنة التحقيق، ثم نجحت مساعي العودة إلى وقف النار، ما أشار من جهة الى وجود نيات وخطط تحت الطاولة لدى جهات نافذة على ضفتي الاشتباك للمضي بمخطط التفجير.
ونفذ الجيش اللبناني انتشاراً واسعاً وإجراءات أمنية مشددة على كافة مداخل المخيم، استقدم مساء أمس فوج المغاوير الى صيدا لتعزيز نقاطه ومراكزه الواقعة عند مداخل المخيم ومحيطه. وقد تحدّثت معلومات عن احتمال دخول الجيش المعركة لحسم الأمر والقضاء على التنظيمات المتطرفة، لكن لا تأكيدات من قيادة الجيش لذلك.وكتبت ” النهار”: اضطر الجيش مساء امس الى الدفع بتعزيزات عسكرية كبيرة الى منطقة صيدا ومحيط مخيم عين الحلوة في مؤشر واضح الى مدى الخطورة الذي بلغه الانفجار الأمني في المخيم. فقد تجاوزت جولات القتال والاشتباكات العنيفة الدائرة في مخيم عين الحلوة منذ اربعة أيام، كل التقديرات المحلية والفلسطينية نفسها، اذ رسمت معالم حرب تصفيات نفوذ وحسابات شرسة بين كبرى المنظمات الفلسطينية “فتح” والتنظيمات والجماعات الإسلامية المتشددة التي لم يعد خفيا ان بعض الجهات المتصلة بمحور الممانعة يدعمها ضمنا وربما عبر تورط ميداني. وحتى لو تنكرت الجهات اللبنانية الممانعة لاي تورط في هذه الحرب المستعرة والتي هددت محيط المخيم ومدينة صيدا وشلته عن الحركة لاربعة أيام متتالية، فان معالم التورط الإعلامي والسياسي بدت مكشوفة عبر تحميل فريق فلسطيني بعينه مسؤولية انفجار الوضع في حين ان أي جهة رسمية او سياسية لبنانية لا تبدو مالكة لكل المعطيات الدقيقة والموضوعية التي تقف وراء الامعان في تسعير وتصعيد القتال واسقاط كل مشاريع وقف النار واحلال تسوية تكفل وقف الاستنزاف الدموي المستمر.وتخوفت جهات امنية معنية برصد مجريات الاشتباكات والمعطيات الناطقة بالعجز عن ردع التصعيد الذي يظهره الانفجار ان يكون هناك مخطط يجري تنفيذه بدأب لاستنزاف القوى المتورطة في الاشتباكات لوقت غير قصير بعد، اذ أظهرت التطورات الميدانية ان “فتح” التي منيت بخسائر جسيمة لم تتمكن بعد من تسديد ضربة حاسمة للقوى الإسلامية فيما الأخيرة مارست مجتمعة اقصى قدراتها وتجمعاتها ولن تقوى على السيطرة وهزيمة “فتح” كما سعت اليها. ومع تواصل الاستنزاف هذا، تحول الجانب اللبناني بشقيه الرسمي الحكومي والأمني أي الدولة والسياسي أي المرجعيات والقوى التي تعتبر نفسها الأكثر التصاقا بالملف الفلسطيني وخصوصا في منطقة الجنوب، اقرب الى شهود على العجز التام عن أي عوامل للتأثير او السلطة او الثقل من شأنها ان تشكل ضغوطا حقيقية وفعالة على كل القوى الفلسطينية لجعلها توقف تماديها الدامي في استباحة الاستقرار الأمني أولا وتظهير فضيحة فقدان السيطرة اللبنانية كليا على واقع التفلت المخيف للسلاح سواء داخل المخيمات او خارجها بما باتت معه حرب عين الحلوة تنذر باستعادة تجربة مخيم نهر البارد الامر الذي حذر منه بحق الرئيس ميشال سليمان.وفي معلومات «نداء الوطن» أنّ المخيم حالياً يشكل «بالون اختبار» للتأكد من أن ما حدث منذ السبت الماضي، كان نتيجة تراكمات أمنية، أم أن هناك أهدافاً خفية ستؤدي الى معاودة الاشتباكات. وليلاً أفاد مراسل «نداء الوطن» في صيدا عن إطلاق قذيفة ورصاص في المخيم، وصفته مصادر فلسطينية بأنه «خرق» جرت معالجته.وأشارت المعلومات الى أن الجهد الحقيقي الذي أدى الى لجم التدهور في «عين الحلوة» ومحيطه، هو الضغوط السياسية التي مارستها القوى اللبنانية، وتمثّل بتحرك بارز للفاعليات في صيدا على كل المستويات. ففي دار الافتاء، انعقد الاجتماع الطارئ الموسع، بدعوة من مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان، وصدر عن المجتمعين بيان دعا الى وقف إطلاق النار و»عدم التلاعب بأمن المدينة والمخيم على السواء». ومما جاء فيه: «نحن حريصون على الأمن الفلسطيني في مخيم عين الحلوة، وكذلك حريصون على الأمن اللبناني في مدينتنا. لا نقبل أبداً ان يصاب الفلسطيني بسوء، كما اننا لا نقبل أبداً أن تصاب صيدا بأي سوء». وإضافة الى اجتماع صيدا انعقد اجتماع مهم في السفارة الفلسطينية في بيروت.كشف مصدر معني لـ»نداء الوطن» عن ان «مجموعات تسربت من سوريا الى لبنان يتبعون تنظيمي «جبهة النصرة» و»داعش» الارهابيين». وقال: «إن جماعة «النصرة» قدموا من المناطق السورية التي سيطر عليها النظام. أما عناصر»داعش»، فقدموا من مخيم الهول، خصوصاً بعد الفرار الكبير الذي شهده المخيم، واتجهوا نحو الحدود اللبنانية، ومنهم من دخل عبر طرق غير شرعية من دون الاستعانة بأحد، ومنهم من دخل عبر عصابات التهريب».وأشارت مصادر حركة فتح لـ»البناء» الى أن القيادة في فتح اتخذت قراراً باقتحام مراكز عصابات جند الشام وعصبة الأنصار وعدم وقف القتال حتى تسليم قتلة أبو أشرف العرموشي ومرافقيه، وعمّمت القيادة على كوادرها منذ صباح الأمس للاستعداد لشن عملية عسكرية واسعة النطاق ضد التنظيمات المتطرفة للقضاء عليها». ولفتت المصادر الى أن فتح ستتابع تقدّمها حتى تطهير المخيم من هذه العصابات الإرهابية المجرمة لإعادة الأمن والهدوء الى ربوع المخيم»، مشددة على أن «الحركة متعاونة مع الأجهزة الأمنية اللبنانية وقيادتي حركة أمل وحزب الله والفصائل الفلسطينية لوقف إطلاق النار وإعادة الاستقرار الى المخيم والمناطق المجاورة وإعادة المهجرين إليه».وكشفت معلومات خاصة بـ«اللواء» عن حسابات اقليمية، تتصل بالملف الفلسطيني، والسيطرة على الوضع داخل المخيم بين قوى السلطة الفلسطينية والحركات والتيارات المقاومة لها، والمدعومة من قوى اقليمية، ذات امتدادات لبنانية.