في مستهل جلسة مجلس الوزراء بالامس أعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي “إن المادة الرابعة من مرسوم تنظيم اعمال مجلس الوزراء تنص على وجوب ارسال مشاريع القوانين والمراسيم التنظيمية قبل اسبوع على الاقل من مناقشتها في مجلس الوزراء. بالأمس وزعنا على السادة الوزراء مشروع قانون يرمي الى الاجازة للحكومة الاقتراض بالعملات الاجنبية من مصرف لبنان، ما يعني ان المناقشة قد تستغرق وقتا، ومصرف لبنان يحتاج الى وتيرة اسرع في هذه المسألة، ولذلك اقترح ان يصار الى تقديم اقتراح قانون من قبل نواب في مجلس النواب بهذا الصدد، لا سيما وأن البعض ربما سيعترض على ارسال مشروع قانون من الحكومة، ما يعني المزيد من اضاعة الوقت. ومن خلال اقتراح القانون يمكن للمجلس النيابي اتخاذ القرار الذي يراه مناسبا”.
موقف رئيس الحكومة فاجأ بعض الوزراء والمعنيين، وباشروا اتصالات لفهم ابعاد هذه الخطوة ومحاولة الدفع باتجاه تعديل الموقف والعودة الى بت الملف بصيغة مشروع قانون ترسله الحكومة الى مجلس النواب”.
كل هذه الاتصالات لم تثنِ رئيس الحكومة عن موقفه، فتابع ادارة المناقشات الحكومية المتعلقة بمشروع الموازنة ودعا الى جلسة ثالثة لهذا الاسبوع ستعقد ظهر غد الخميس.
اوساط حكومية معنية تشرح ابعاد موقف رئيس الحكومة بالقول: مع قرب استحقاق انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان، أعلن رئيس الحكومة بوضوح أن هذا الملف يتطلب التعاون بين جميع الاطراف لمعالجته، وهو ليس مسؤولية الحكومة وحدها، وايضا ليس مسؤولية رئيس الحكومة منفردا. وعلى هذا الاساس دعا رئيس الحكومة الى جلسة لمجلس الوزراء للتشاور مع الوزراء في الموضوع واقتراح الحلول المناسبة، ومن ضمنها ربما قرار تعيين حاكم جديد، فبدأت المزايدات من داخل الحكومة وخارجها، ما ادى الى” تطيير الجلسة”. بالتوازي كانت اطراف سياسية اساسية وكتل نيابية وازنة توجه “رسائل ايجابية” الى رئيس الحكومة تحضه على مواصلة البحث مع نواب الحاكم للوصول الى حل يفضي لاستمرارهم في مهامهم. وارفقت “هذه الرسائل” بوعود بتسهيل اقرار التشريعات التي يطالب بها نواب الحاكم لتغطية عملية اقتراض الحكومة من المصرف المركزي بالعملات الاجنبية”.
وتضيف الاوساط الحكومية المعنية: بناء على هذه المعطيات، تحرك رئيس الحكومة بعد “تطيير الجلسة” واجتمع بنواب الحاكم وتفاهم معهم على الخطوات التالية، وعلى هذا الاساس ايضا تمت صياغة “مشروع قانون يرمي الى الاجازة للحكومة الاقتراض بالعملات الاجنبية من مصرف لبنان”، وتم توزيعه على الوزراء في مستهل جلسة الاثنين تمهيدا لمناقشته. ولم يلغ رئيس الحكومة امام الوزراء فرضية امكان تقديمه كاقتراح قانون”.
وتتابع الاوساط الحكومية “بعد توزيع المشروع وردت الى رئيس الحكومة اشارات جدية حول تنصّل الاطراف التي تعهدت بدعم اقرار المشروع في مجلس النواب من وعودها، وبدأت المزايدات النيابية “برفض التشريع في غياب رئيس الجمهورية” وانطلق كيل الاتهامات الى الحكومة بأنها تريد “تبديد اموال الناس”. لهذا السبب، تتابع الاوساط الحكومية المعنية، “قرر رئيس الحكومة ان يضع الجميع أمام مسؤولياتهم التشاركية في هذا الملف وعدم السماح بتكرار ما حصل سابقا من مزايدات لتحميل الحكومة مسؤولية ازمة ينبغي على كل الاطراف التعاون لحلها”.
وتلفت الاوساط الحكومية المعنية الى “مضمون ما قاله النائب الاول لحاكم مصرف لبنان في مؤتمره الصحافي لجهة المطالبة باقرار كل القوانين الاصلاحية المطلوبة لتمكينه من ممارسة عمله”، واعتبرت الأوساط “ان الحكومة قامت بما عليها في هذا الصدد والمشاريع الاصلاحية موجودة في لجان المجلس النيابي منذ اشهر، فليتفضل باقرارها، وليقر بالتوازي اقتراح الاقتراض بالعملة الاجنبية من مصرف لبنان”.
وتتابع الاوساط الحكومية المعنية بالقول “ان رئيس الحكومة، ومن خلال تواصله مع نواب الحاكم واقناعهم بالاستمرار في عملهم، فتح الباب امام حل يحفظ “الاستقرار المالي والنقدي” الحالي ويمنع حصول خضات غير محسوبة النتائج، لكنه فوجئ بخديعة جديدة من قبل أطراف وعدت بتسهيل مسعاه، فقرر وضع الجميع امام مسؤولياتهم”.
وختمت الاوساط الحكومية المعنية بالقول: “الكل مسؤول ورئيس الحكومة لن يسمح بأن تستمر المزايدات على حسابه، وسيكون له اليوم كلام واضح في هذا الصدد بعد زيارته البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في الديمان”.