لماذا تتقاتلون على أرضنا؟

2 أغسطس 2023
لماذا تتقاتلون على أرضنا؟


منذ حوالي ثلاثة أيام وعيون المواطن اللبنانيّ المُتعبة والمُرهقة شاخصة نحو بوابة الجنوب، مدينة صيدا وتحديداً نحو مخيم “عين الحلوة” الذي يستضيف منذ سنوات طوال مجموعة كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين الذين شكلّت أرض لبنان ملاذاً آمناً لهم، في ظل كل ما عانوه وما زالوا يعانون منه بفعل الاحتلال الاسرائيليّ.

ومنذ انطلاق الاشتباكات المسلّحة  بين عناصر من “تنظيم فتح” وعدد من التنظيمات الاسلامية المتشدّدة، التي أودت بحياة عدد من القتلى وعدد كبير من الجرحى وخلّفت أضراراً مادية في المخيم وخارجه، تجول أسئلة كثيرة في أذهان اللبنانيين.ومع انطلاق جولات التفاوض الناجحة وغير الناجحة، عادت الى ذاكرة المواطن اللبنانيّ، المقولة الشهيرة: “حرب الآخرين على أرضنا”، وبغض النظر عن طبيعة هذه المقولة وعن مُطلقيها ومدى صوابيتها، يطرح اللبنانيون خلال هذه الفترة السؤال التالي:كيف يمكن لشعب بعيدٍ عن أرضه وفي دولة ليست دولته ان يتقاتل ويتناحر على الرغم من الظروف المأسوية التي يعيشها صحياً، تربوياً، معيشياً، اجتماعياً وثقافياً؟والسؤال الأهم، الذي يدور في بال اللبنانيين، يتمحور حول توجه  بعض ابناء “عين الحلوة” الى الاقتتال لأسباب مختلفة، في ظل أزمة اقتصادية تعصف باللبنانيين وتجعلهم في سباقٍ مع الوقت لتأمين ادنى متطلبات الحياة، ما يشير وحتى الساعة، الى انه خلال هذه المرحلة تظهر اهتمامات اللبنانيين والفلسطينيين مختلفة، على الرغم من انهم يجتمعون على أرض واحدة ويتقاسمون مشاكلهم وفقرهم وعدم راحة بالهم. في هذا الأطار وعن الحروب المُتجددة دائماً على أرض لبنان، قالت السيدة “فاطمة” (54 عاماً) وهي من سكان “جبل الحليب” في مخيم “عين الحلوة”لـ”لبنان 24” : “نحن لا نريد الحروب، لكنها وعلى ما يبدو كٌتبت علينا وهي تلاحقنا من فترة الى اخرى ومن مكان الى آخر.فنحن،كالشعب اللبنانيّ، الذي يستضيفنا منذ سنوات طويلة، تعبنا كثيراً من الواقع الاقتصاديّ الصعب، والصراع المسلّح كان آخر ما يمكن ان نفكّر فيه خلال هذه المرحلة، وللأمانة أقول ان ما يحصل اليوم ومنذ بدايته شكّل مفاجأة لنا بكل ما للكلمة من معنى”.”فاطمة” التي تعيش مع زوجها وأولادها الاربعة الذين تتراوح اعمارهم بين تسع سنوات وعشربن سنة في منزل صغير في منطقة “جبل الحليب”، رفضت وعائلتها مغادرة المنزل على الرغم من وجوده في قلب الحدث وبين نيران الاقتتال، وعلى هذا الصعيد أكدت ان ” البقاء يشكّل مغامرة كبيرة بالنسبة لها ولعائلتها، لكن الخروج من المخيم يشكل مغامرة اكثر صعوبة، اذ ان من يخرج من المخيم لا حق له في العودة اليه، وهذا ما جعلنا نطرح الكثر من علامات الاستفهام حول المصير والمستقبل ، وما دفعنا للتمسّك بمنزلنا الغارق بالرصاص والقذائف المختلفة”.وأضافت ” في الأمس، قمتُ بتحضير طعام الغذاء لأفراد أسرتي وطلبت منهم تناول الطعام في حديقة صغيرة موجودة بالقرب من منزلنا، فخرجنا جميعاً من المنزل، ومباشرة بعد خروجنا عاينا قذائف الـ”B7″ تخترق منزلنا من اكثر من جهة وتشلّع بعض زواياه، فأدركنا ان العناية الالهية رافقتنا وحافظت على حياتنا”.وأشارت فاطمة الى ان”التنقّل داخل المخيم يبدو شبه مستحيل، كما ان الحياة تبدو خلال هذه الأيام صعبة جداً، فالمياه مقطوعة تماماً كما الكهرباء والخبز يأتنيا بكميات قليلة جداً، فضلا عن القلق الدائم الذي يرافقنا خوفاً على حياة أولادنا وأحبائنا”.وأردفت ” المُشكلة الكبيرة أيضا هي في توفّر الدواء، فعلى سبيل المثال، اجريتُ في مستشفى “لبيب”عملية جراحية  في مجرى الكبد، قبل بداية الاحداث بيوم واحد، ما جعلني أحتاج الى بعض الادوية والمسكّنات التي لا يمكنني تأمينها”.وختمت فاطمة قائلة “الأوضاع مقلقة جداً، فالبعض لا يريد الالتزام بأي هدنة او بأي وقف لاطلاق النار، كما ان هذا البعض لا يريد الذهاب الى اي نوع من انواع الحلول المُمكنة، وهذا ما يجعلنا نتنقّل بين الرصاص حيناً والقنص أحيانا،ً رافضين كل ما يجري وطالبين عودة الآمان في أسرع وقت ممكن”.