مفاجآت عسكريَّة في عين الحلوة.. ما يقومُ الإرهابيون بهِ غير مُتوقع!

3 أغسطس 2023
مفاجآت عسكريَّة في عين الحلوة.. ما يقومُ الإرهابيون بهِ غير مُتوقع!


لم تخِب التوقعات بإندلاع جبهة مُخيَّم عين الحلوة مُجدداً، ليل أمس الأربعاء، بعدما فتحت عناصر من “جند الشام” معركة جديدةً ضدّ مقاتلي “حركة فتح”، تؤكد وجود نيّة مشبوهة لإدخال المُخيّم في أتون صراعٍ دائم بهدف تغيير ملامح “القوة” الآمرة والناهية فيه.

حتى ساعات المساء الأولى، كانَ الوضعُ “مُستتباً”، ويقولُ أحد المسؤولين “الفتحاويين” لـ”لبنان24″ من داخل المُخيّم: “قاعدين عم نشرب قهوة وحاطين الأراغيل.. ما في شي ورواق، ولكن منتوقع حصول شيء طارئ الليلة ونحنا جاهزين”. بعد هذا الكلام بساعتين تقريباً، بدأت القذائف الصاروخية تشتدّ وسط إشتباكات عنيفة مُفاجئة، وما تبيَّن هو أنَّ عناصر “جند الشام” نفذت هجوماً مباغتاً ضدّ أكثر من مركز لـ”فتح” في حي البركسات وذلك إنطلاقاً من حيّ الطوارئ ضمن المخيم. وبحسب معلومات “لبنان24″، فإنَّ الهجوم الذي حصل طال أيضاً مركز اللواء أبو أشرف العرموشي في المنطقة المستهدفة، وقد وصفت مصادر ميدانيّة في المخيم هذا الأمر برسالة خطيرةٍ جديدة تجاه “فتح” والفصائل الفلسطينية الأخرى.الهجوم الذي حصل فجأة أسفرَ عن مقتل العنصر في “القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة” يونس أبو شقرة وجرح أكثر من 3 أشخاص آخرين، فيما لم تُعرف بعد تفاصيل عن الجرحى أو القتلى في صفوف عناصر “جُند الشام”. وبعد الإعلان عن مقتل أبو شقرة، تكثف الحديثُ عن هويّته وقيل أنه سوري الجنسية بسبب بطاقة كانت موجودة بحوزته صادرة عن السلطات السورية. هنا، وبشأن هذه النقطة، تشيرُ مصادر حركة “فتح” لـ”لبنان24″ إلى أنَّ “أبو شقرة هو لاجئ فلسطيني في سوريا وليس سوري الجنسية”، واصفة إياهُ بـ”شهيد هجوم الغدر”.3 ساعات متواصلة من الإشتباكات ليلاً، كانت كفيلة بوضع المخيّم على فوهة بركان التوتّر مُجدداً رغم أنّ وقف إطلاق النار كان سارياً طيلة ساعات يوم الأربعاء. فخلال النهار، كانت هناك توقعات بأن تُصبح الأمورُ أفضل طالما أنه “لا خرق للهدنة”، فيما تم اعتبار خطوة هيئة العمل الوطني الفلسطيني المشترك المتمثلة بتثبيت وقف إطلاق النار مساء الثلاثاء، ناجحة وأعطت ثمارها قبل أن تتم مواجهتها بـ”معركة الأربعاء” الدامية.بعد الجولة القتالية المُحتدمة ليلاً، أعلن قائد الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة صيدا أبو إياد الشعلان عند الساعة 2.30 فجر اليوم الخميس، “تثبيت وقف إطلاق النار بعد جولة على كل مواقع فتح في مخيم عين الحلوة”، وقال: “أعطينا تعليماتنا بوقف إطلاق النار تحت أي ظرف وهناك التزام شامل وكامل بالوقف؛ ونقول للإخوة في عصبة الأنصار بأنهم جهة صديقة وشريكة في العمل الفلسطيني المشترك، ولن نتعرض أو نشتبك مع أي موقع من مواقعهم”. مفاجآت عسكرية  المُفارقة هي أنّ ما يشهده المُخيم حالياً بات يكشفُ أن هناك مُخططاً لتفجير الوضع بشكلٍ غير مضبوطٍ أبداً. أما المشكلة الأكبر فتتحدّد بمحاولات عناصر “جند الشام” التقدّم بإتجاه محاور “فتح”، في حين أن الأخيرة لم تُبادر إلى تنفيذ هجمات مُضادة. وعليه، فإنَّ ما يمكن قوله حالياً هو إنَّ من يتحّكم بزمام الهجوم هي جماعة “جند الشام”، لكن هذا الأمر لا يعني عدم وجود قدرة لـ”فتح” على إطلاق حملة عسكرية واسعة. وعملياً، فإن “فتح” ملتزمة بقرار وقف إطلاق النار، أي أنها لن تُبادر إلى خوض معركة تكونُ هي البادئ الأول فيها، لكنها في الوقتِ نفسه تحتفظُ بحق الدفاع عن نفسها ضدّ أي هجمات كتلك التي حصلت ليل أمس الأربعاء.في غضون ذلك، يتبين أنَّ عناصر “جند الشام” باتوا يستخدمون أكثر من “تكتيكٍ مُسلّح” لشنّ الهجمات النارية، وتكشف معلومات “لبنان24” أنّ ذاك التنظيم الإرهابيّ بات يستخدم قذائف صاروخية ذات رؤوس متفجرة من الطراز الحديث، مشيرة إلى أنَّ المعطيات الميدانية تُظهر أنَّ السلاح الأكثر بروزاً حالياً هو “القناصة” التي تعتبرُ “غدّارة”. أما الأمر الأخطر فهو أنَّ فصيل “جند الشام” يضمّ عناصر غير فلسطينيين ومن خارج لبنان، وتقول المصادر إنّ مسلحي المجموعة الإرهابية باتوا يعتمدون على خوض قتالٍ على أكثر من محور في أوقاتٍ متقاربة، وذلك بهدف إرباك “فتح” وجعلها في موقع غير قادرة فيه على توقع ما ينتظرها من هجماتٍ في أي لحظة.كل هذه المعطيات تُعتبرُ بمثابة “مفاجآت عسكرية”، فيما النقطة الأكثر خطورة تتمثلُ بوجود معلومات عن نيّة لدى “جند الشام” بتنفيذ عمليات تسلّل عسكري باتجاه أحياء “فتح” وذلك من داخل المنازل وعبر المباني وتحديداً خلال فترات الليل. بحسب المصادر، فإنّ هذه العناصر قد تلجأ إلى إحداث ثغراتٍ داخل البيوت السكنية المتلاصقة في ما بينها للمرور عبرها باتجاه أحياء أخرى من دون الإنتقال عبر الشوارع، ما يعني تقدّماً غير مباشرٍ داخل مُخيم بات نصف سكانه خارجه بسبب الإقتتال.  أمام كل ذلك، يقولُ مصدر قيادي في “فتح” لـ”لبنان24″ إنَّ الحركة حاضرة للتصدي لأي هجوم، وقال: “مستعدون لكل السيناريوهات، ولدينا سلاحٌ وذخيرة تكفي لسنواتٍ طويلة من القتال، وندعو المرتزقة والإرهابيين إلى عدم تجربتنا في المعارك”.  

“إستدراجٌ للجيش”ما يحصلُ في عين الحلوة قد يكونُ بمثابة تمهيدٍ لإستدراج الجيش نحو معركة، إلا أن هذا الأمر يتطلبُ قراراً مفصلياً تُجمع عليه القوى السياسية اللبنانية والقيادات الفلسطينية داخل لبنان وخارجه. وفي حال حصل هذا الأمر، عندها ستكون صيدا قد دخلت مرحلة معركة جديدة عنوانها “حرب عين الحلوة”، حيثُ سيضطر الجيش لقصف المُخيم وتدميره مثلما حصل عام 2007 في نهر البارد.وعلى الرغم من أنّ القذائف طاولت محيطَ مراكز الجيش لأكثر من مرّة وتحديداً أمس الأربعاء، إلا أنهُ لم يكن هناك أي قرارٍ بمهاجمة المخيم الذي تم إستقدام تعزيزات عسكرية إلى مداخله بالأمس. وفعلياً، فإنه في حال بقيت المعارك محصورة داخل المخيم، فإن الجيش سيبقى على الحياد، لكنه في حال توسع الإقتتال باتجاه محيط عين الحلوة وتحديداً نحو مدينة صيدا عبر هجمات مسلحة، فعندها سيُصبح الجيش أمام خيار الحسم العسكري، ومن هناك ستبدأ معركة “تحرير عين الحلوة” فعلاً من الإرهابيين.إذاً، فإنّ ما يجري ليس سهلاً أبداً ويُعدُّ خطيراً بما فيه الكفاية، والصورة البارزة حالياً هي أنّ صيدا ومخيم عين الحلوة باتا أمام معركة وجودية ضدّ إرهاب يظهر أنه تنامى بشدّة طيلة السنوات الماضية.. فما الذي ينتظرُ تلك المنطقة؟ وهل من حربٍ كبرى آتية؟