كتبت غادة حلاوي في”نداء الوطن”:عشرون شهراً والتحقيق في قضية المرفأ معطّل ومجهول المصير كما هي حال قاضي التحقيق. أُوقِف أناس أبرياء ثم أطلقوا بقوة التدخّل الأميركي ولم يردّ اعتبارهم وبقوا متّهمين، بينما المرتكب الحقيقي بقي في مأمن. وبقي القضاة يتابعون ويترقّبون من يرميهم بوردة ليقتصّوا منه، ثم يخلى سبيله بتعهّد عدم التعرّض. في الذكرى الثالثة زخم تصريحات للمسؤولين، وزراء ونواب تسابقوا الى استذكار المناسبة شجباً ووعيداً، اليوم ستخصّص خطب الجمعة للمناسبة وستقرع أجراس الكنائس وسيعتلي الأهالي الثكالى المنابر ويسألون بغصّة وغضب: أين حقوق أولادنا؟ أين الحقيقة؟ ومن كتم صوتها؟ سيخترق صوتهم بلا شكّ جدران العدلية، وإن لاذ قضاتها بالصمت متذرّعين بالعطلة القضائية. يحصل كل هذا ولا يرفّ للقضاء جفن. اسم قاضي التحقيق غاب عن الذاكرة، غيّبوه وأسكتوه حتى صار هو أيضاً مجهول محل الإقامة والمصير.منذ نهاية عهد الرئيس ميشال عون لم يحرّك ملف التحقيق بجريمة المرفأ. كانت القضية سبباً لمقاضاة عهده بالسياسة، بعده لم تحرّك الحكومة ساكناً بخصوص التحقيق ولم يعرف مصيره، فهل انضمّ الملف الى جملة الملفات التي صارت في غياهب النسيان؟ ليست ذكرى انفجار المرفأ وحدها الأليمة، بل يسكن الألم في يوميات بلد متفلّت من العقاب، وكل من له ثأر يرتكب جريمة ويبقى بمنأى عن المحاسبة. بات لبنان بلداً لا يُعاقب فيه المجرم ولا يُنصر فيه المظلوم، والغلبة للظالم والجائر على الحق.في لبنان المقبل على استخراج النفط، هل يعتقد المسؤولون فيه أنهم قادرون على كسب ثقة الناس مجدّداً واستعادة الثقة الخارجية بالبلد في ظل غياب قضاء قوي نزيه ومحايد بدل قضاء مرتهن يأتمر بأوامر أمراء السياسة وينتظر الإشارات من الخارج؟ في لبنان جرائم بالجملة ومرتكبون ولا وجود لمتّهم واحد.