تراجعت أمس المخاوف من أحداث عين الحلوة. كما تراجع أيضاً منسوب القلق من البيانات الخليجية التي توالى صدورها منذ مساء الجمعة الماضي ولغاية أمس.
وكانت حالةٌ من الاستنفار المشوب بكثير من القلق والشائعات خلّفتها دعوة السفارة السعودية، ليل الجمعة – السبت، رعايا بلادها في لبنان إلى تجنّب «الاقتراب من المناطق التي تشهد نزاعات مسلّحة»، ومطالبتهم بـ «مغادرة الأراضي اللبنانية بسرعة، والتقيّد بقرار منع السفر إلى لبنان».وأعادت سفارات خليجية «تغريد» التحذير السعودي، فطلبت الكويت من رعاياها «الابتعاد عن مواقع الاضطرابات الأمنيّة»، ودعت البحرين مواطنيها إلى «مغادرة الأراضي اللبنانية»، وذكّرت الإمارات بـ«التقيد بمنع السفر إلى لبنان»، وطلبت السفارة الألمانية من مواطنيها «تحديث بياناتهم على منصة السفارة والابتعاد عن مناطق الاشتباكات».
ونفت مصادر حكومية ل” نداء الوطن”ربط تحذيرات السفارات الخليجية لرعاياها بأي عامل سياسي لجهة الضغط على لبنان، وبحسب ما توافر لديها من معطيات، أشارت الى أنّ هذه الدول كانت تخشى تطور الاشتباك في مخيم عين الحلوة، ولهذا فضلت تحذير رعاياها.
وأكدت مصادر فلسطينية لـ»نداء الوطن»، أنّ الأوضاع الأمنية في مخيم عين الحلوة ستتجه نحو التهدئة مع الإصرار على تطبيق كامل بنود اتفاق وقف اطلاق النار الذي أعلنته «القوى الوطنية والاسلامية» منذ أيام، ومنه سحب المسلحين من الشوارع وتشكيل لجنة التحقيق لكشف الجناة وتسليمهم إلى العدالة اللبنانية وعودة النازحين الى منازلهم في المخيم.وأشارت إلى أنّ الاجتماع اللبناني – الفلسطيني الذي عقده رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وعضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، المشرف على الساحة اللبنانية عزام الاحمد موفداً من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، خلص إلى توافق مشترك بضرورة تثبيت وقف إطلاق النار، لأنّ المرحلة دقيقة جداً وتتطلب التهدئة وعدم الوقوع في فخ الاستدراج والتوتير. كما تبيّن أنّ إجراء مصالحات فلسطينية – فلسطينية هدف صعب التحقيق، أقله في الوقت الراهن.وأبلغ مسؤول في «حماس»، «نداء الوطن»، أنه جرى خلال الاجتماع اتصال بين الرئيس ميقاتي ورئيس المكتب السياسي لـ»حماس» اسماعيل هنية، وجرى البحث في وضع المخيم والاجراءات اللازمة لتثبيت وقف اطلاق النار، والدعوة الى عودة النازحين الى المخيم فوراً ومتابعة مسار التحقيق لتسليم المطلوبين بالتنسيق مع الجهات اللبنانية المختصة.وكتبت” الاخبار”:خرقت هذه البيانات «الهدنة السياسية الهشّة» مع كثير من الأسئلة حول أسباب هذه الإجراءات «الاحترازية»، رغم أن «لا معلومات حول تصعيد أمني»، كما أن الأوضاع في مخيم عين الحلوة بقيت مضبوطة في اليومين الماضيين بعد الالتزام بوقف إطلاق النار عقب أيام من الاشتباكات. وحتى مساء أمس، بقيت الأسئلة من دون جواب حاسم، وبدأت دوائر مراقبة تربطها بأبعاد تتصل بوضع المنطقة وتصاعد التوتر على أكثر من ساحة، انطلاقاً من اليمن مروراً بالعراق وسوريا وصولاً إلى لبنان.وإذا كان التواصل مع السفارة الألمانية من أكثر من سفارة أوروبية في بيروت دفعها إلى إصدار بيان نفت فيه أي علاقة بين البيان التحذيري والوضع السياسي، إلا أن المؤكد أن الرسالة الخليجية المفاجئة ليست عابرة. وإلى حين اتّضاح الأسباب الموجبة لهذه التحذيرات، تنوّعت التفسيرات بين حدّين:- أن تكون استكمالاً لحملة الضغط الخليجية على لبنان، ترجمة لما جاء في بيان اللقاء الخماسي الذي عُقد في الدوحة الشهر الماضي، والذي لوّح بـ«اتخاذ إجراءات ضدّ من يعرقلون إحراز تقدم في موضوع انتخاب رئيس جديد للبلاد». وقد أكّدت مصادر مواكبة للقاء يومها أن من بين الأفكار التي طرحها المستشار في الأمانة العامة لمجلس الوزراء السعودي نزار العلولا منع السياح العرب من السفر إلى لبنان.- أن تكون هناك خشية حقيقية من تفاقم الأوضاع الأمنية في مخيم عين الحلوة وإمكانية تمدّدها خارج هذه البقعة الجغرافية بما يهدد بانفلات الوضع. وقد نقل أحد المسؤولين البارزين أن لدى المملكة العربية السعودية معطيات حول نية بعض الجهات تفجير الوضع داخل المخيم.وكتبت” النهار”: مناخ الارتياب في التحذيرات اثاره هاجس وقوع لبنان مجددا في قبضة الصراعات او التجاذبات الإقليمية التي كانت احداث مخيم عين الحلوة نافذة لها من خلال صراع عنيف بين حركة فتحوتنظيمات إسلامية وأصولية لم يكن بعيدا ابدا عن صراع المحاور في المنطقة الذي لم يحط رحاله بعد. وتزامنت الخشية من دلالات التحذيرات مع سجالات وبيانات تارة هادئة وطورا حادة بين “فتح” و”حزب الله” في مسالة التورط في الصراع الامر الذي حتم وجود ريبة في تربص ايران في الحديقة الخلفية للصراع لدعم التنظيمات المعادية لـ”فتح”. وهذا ما قرأه مطلعون في اجماع دول مجلس التعاون على اصدار التحذيرات بما يشكل رسالة ضمنية شديدة الوطأة ضد التورط الإقليمي وتحديدا الإيراني في هذا الصراع الذي كان ينذر بالتمدد وتهديد الاستقرار في لبنان.وبدا الامر أولا على خلفية احداث مخيم عين الحلوة، لكن الغموض والالتباس غلفا هذا التطور بما اثار الخشية من وجود خلفيات أخرى. ولم يكن خافيا ان حالة ارباك واسعة اصابت الحكومة والسلطة بسبب هذه التحذيرات التي خشي ان تعكر الموسم السياحي الذي يشهد فورة كبيرة يامل منها اللبنانيون بتعزيز بعض العافية التي يفتقدها لبنان بقوة.واكدت قوى سياسية لـ «البناء» أنّ البيانات الخليجية ابعد من أحداث عين الحلوة، وانّ الأمور ربما تتصل بتشدّد خليجي تجاه المكونات السياسية بالتوازي مع الضغط الأميركي على لبنان والتهديد بالعقوبات على معطلي الانتخابات الرئاسية، وهذا من شأنه أن يكون بمثابة ورقة ضغط على القيادات السياسية للقبول بالتسويق وانتخاب رئيس في أسرع وقت.وبدا لافتا ان كلا من رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط اللذين التقيا عصر امس في عين التينة استغربا تحذيرات السفارات .وقال بري: “استغرب بيان السفارات ولا شيء أمنياً يستدعي ذلك”، لافتا الى ان “حصر التحذير بمناطق الاشتباك القريبة من عين الحلوة يمكن تفهمه ولكن الدعوة لمغادرة الرعايا غير مفهومة”. وسأل بري: “الوضع في عين الحلوة هادىء منذ 3 أيام فلماذا تلك البيانات التحذيرية؟”وفي الملف السياسي، كشف بري ان الموفد الفرنسي جان إيف لودريان “تكلم معه نقلا عن اللقاء الخماسي طارحا الحوار الوطني وليس الحوارات المتفرقة”. وحول العقوبات ووصفه بأنّه امتداد لـ”حزب الله” قال بري: “انا امتداد لكل شيء ومتل ما قلت قبل “انا بريّ وبحلاش عالرص”.وأشار الى انه “مستمر بترشيح (سليمان) فرنجية حتى النهاية ولما يصير في نتائج بموضوع الحوار بين الحزب والتيار سألوني اذا كنت مرتاح”.وقال جنبلاط بدوره بعد اللقاء: “لم نفهم انا والرئيس بري سبب تخوّف السفارات يبدو ان هناك أمورا نجهلها لكن في موضوع مخيم عين الحلوة تبدو الأمور محصورة الى حد ما والجهود الفلسطينية واللبنانية ربما ستؤدي الى حل”.وفي معلومات لـ»نداء الوطن»، أنّ ملاحظات بري على الحوار عموماً، وحوار حارة حريك وميرنا الشالوحي خصوصاً، تتصل بموقف «سلبي» لبري من الشروط التي وضعها رئيس «التيار» النائب جبران باسيل، إذ رأى أنّ ما يطرحه باسيل في شأن اللامركزية الادارية والمالية الموسعة، «يتجاوز حدود اتفاق الطائف».