كتب جان فغالي في” نداء الوطن”: يُسلِّم أكثر من طرف معني بالملف، بأنّ «لا إنعاش» لقضية تفجير المرفأ سوى بلجنة تقصي حقائق دولية، فالقضاء اللبناني «خدَم عسكريته» في هذه القضية، وقدَّم أقصى ما لديه، لكن الضغوط السياسية وغير السياسية عليه، كبَّلته بحيث لم يعد قادراً على التحرك، حتى إذا تنحى القاضي البيطار أو أُرغِم على التنحي، فلا قاضيَ يمكن أن يقبل بـ»وراثة الملف» بعدما تناوب عليه محققان عدليان، القاضي فادي صوان والقاضي طارق البيطار. يعني هذا الأمر أنّ ملف تفجير المرفأ سيضيع في العدلية في باحة «الخطوات الضائعة». إن خطر تضييع الملف سيحتِّم الإقدام على خطوة المطالبة بلجنة تقصي حقائق دولية، ولكن مع تشكيل هذه اللجنة، إذا شُكِّلَت، فقد يستغرق عملها الوقت الذي استغرقه عمل المحققيْن العدلييْن أي لأكثر من سنتين، وهكذا بين التحقيق اللبناني، والوقت الذي سيستغرقه عمل لجنة تقصي الحقائق الدولية، يكون ما بعد تفجير المرفأ قد استغرق ما يفوق الأربع سنوات، وللمفارقة، فإنه عندما وقع انفجار المرفأ، خرج أحد الوزراء من جلسة مجلس الوزراء ليعلن أنّ التحقيق سيُنجَز في أربعة أيام، وسيُكشَف للرأي العام! فرق كبير بين الأربعة أيام وبين الأربعة اعوام، التي سيستغرقها التحقيق الحقيقي، من دون أي ضغوط، ولكن هل على اللبنانيين وأهالي الضحايا وآلاف الجرحى أن ينتظروا كل هذه المدة؟ سبق للبنان أن استعاض عن التحقيق الداخلي باللجوء إلى التحقيق الدولي، كان ذلك في قضية الرئيس الشهيد رفيق الحريري، من المحقق بيتر فيتزجيرالد وصولاً إلى لاهاي، قالت المحكمة الدولية كلمتها، وسمَّت مَن ارتكب الجريمة، ولكن ماذا حصل؟ وماذا كانت النتيجة؟ ما زالت القضية عالقة بين إنكار «حزب الله» التهم الموجَّهة إليه، وبين عجز الدولة اللبنانية عن الوصول إلى المتهمين أو إلى مَن تبقَّى منهم على قيد الحياة. نقول هذا الكلام لنصل إلى النتيجة المؤلمة، رحِم الله الضحايا وأعان الله الجرحى، فمع هذه السلطة، ومع هذه المنظومة، يصعب كثيراً، أو فلنقل، يستحيل الوصول إلى الحقيقة، وهذا ما يجب أن يعرفه أهالي الضحايا أولاً والجرحى وعموم اللبنانيين.إنّ جريمة تفجير المرفأ هي من النوع الذي لا يُكشَف، وسيبقى لغزاً، وحتى لو كُشِف فإن التشكيك سيلاحق الحقيقة. رحِم الله الضحايا.