كتبت دوللي بشعلاني في” الديار”: مصادر سياسية مطّلعة أكّدت أنّ البطريرك الراعي يُشجّع على الحوار، والتلاقي ومدّ الجسور، وهو مع عقد أي لقاء يهدف الى الحوار والى تقريب وجهات النظر، وقد كان من أوّل الداعين اليه في فترة سابقة. كما أنّ المبعوث الشخصي للرئيس الفرنسي جان إيف لودريان، سبق وأن طلب من غبطته إدارة الحوار أو الدعوة اليه، غير أنّه لم يفعل بسبب التجارب السابقة غير المشجّعة في هذا الإطار. ولكن يمكن اعتبار “لقاء الديمان” أنّه يدخل ضمن الحوار الذي يريد لودريان حصوله بين الأحزاب السياسية قبل عودته المرتقبة في العاشر من أيلول المقبل، رغم أنّه لم يتناول الملف الرئاسي بشكل مباشر، لكنّه تطرّق اليه لا سيما عندما قال الراعي انّ ثمّة مرشَحَين للرئاسة وعلى مجلس النوّاب الذهاب لانتخاب الرئيس. وعندما ذكر في البيان الختامي الصادر عن اللقاء “وجوب اسراع في انتخاب رئيس للجمهورية يقود عملية الإنقاذ والتعافي، إذ لا مجال لانتظام أي عمل بغياب رأس الدولة”.
فالبطريرك الراعي، على ما أوضحت، يريد أن تتواصل المكوّنات السياسية فيما بينها لتتخذ القرارات بنفسها، ولا يتمّ فرض أي أمر عليها من قبل دول الخارج. أمّا اللقاء التشاوري الذي حصل، فلا يهدف أبداً الى تشريع جلسات مجلس الوزراء التي يُعارضها غبطته ولم يبدّل موقفه في هذا الإطار، خلافاً لما يعتقد البعض، وهو يطالب في عظاته النارية دائماً بأن يقوم المسؤولون بمسؤولياتهم وينتخبوا رئيس الجمهورية، ليُصار بعد ذلك الى تشكيل الحكومة الجديدة، و إنهاء الخلاف القائم حول صلاحيات الحكومة الحالية.
وعن إمكان تكرار مثل هذا اللقاء التشاوري الوزراي، اعتبرت أنّ كلّ شيء في أوانه، إذ لم تجرِ الدعوة الى لقاء آخر عند انتهائه. أمّا إذا تقرّر عقد لقاء آخر، فقد يتمّ اللجوء الى دعوة الوزراء لكي تتمّ تلبيتها من قبل الجميع. الأمر الذي يُعطي انطباعاً أفضل بالنسبة للداخل قبل الخارج. أمّا أن يكون ميقاتي قد حصل على الغطاء المسيحي من خلال عقد اللقاء في الديمان، فأوضحت المصادر عينها، أنّ هذا الأمر ليس صحيحاً، لأنّ اللقاء كان يُفترض أن يشمل جميع الوزراء بمن فيهم وزراء “التيّار الوطني الحرّ”، إلّا أنّهم فضّلوا عدم المشاركة فيه، والراعي يحترم موقفهم وأسبابه.
وتجد المصادر نفسها أنّ اللقاء كان بنّاء وقد ضمّ عناوين عديدة تتعلّق بالشعب اللبناني بما فيها أزمة النزوح السوري وتداعياته على الوضع في لبنان، والنظام المصرفي وحقوق المودعين، فضلاً عن قضايا تربوية، وصولاً الى أحداث مخيّم عين الحلوة. وهذا يعني أنّ التشاور تطرّق الى مسائل وطنية تهمّ الشعب اللبناني ككلّ، سيما أنّه دعا في بيانه الختامي “جميع السلطات والمؤسسات التربوية والإعلامية وقوى المجتمع والشعب اللبناني بانتماءاته كافة الى التشبّث بالهوية الوطنية وآدابها العامّة وأخلاقياتها المتوارثة جيلاً بعد جيل”.
ورأت أنّ لقاء للتحاور لا يمكن أن يضرب “اتفاق الطائف”، على ما يعتقد البعض، سيما أنّه يخصّ الجميع، ويمكن للأحزاب كافة التي تتشكّل منها الحكومة المشاركة فيه. كما أنّ اللقاء لا يمكن أن يحلّ مكان مجلس الوزراء، إذ لا نصاب ولا جدول أعمال له، رغم أنّ البعض قد فَهِم كلام ميقاتي خطأ ربما، كما أنّه ليس انقلاباً على الطائف، ولا على أحد، ولا يهدف الى نقل مجلس الوزراء الى الديمان، لأنّ جلسات مجلس الوزراء شيء، ولقاء الديمان شيء آخر. وقد أكّد البيان الصادر عنه على هذا الأمر إذ “دعا القوى السياسية كافة الى التشبّث باتفاق الطائف وبميثاق العيش المشترك والتخلّي عن كلّ ما قد يؤدّي الى المساس بالصيغة اللبنانية الفريدة”.