يبدو من خلال عودة التواصل والتنسيق بين “حزب الله” ورئيس “التيّار الوطنيّ الحرّ” النائب جبران باسيل أنّ ترشّيح وزير الماليّة السابق جهاد أزعور طُوِيَ نهائيّاً، إذ إنّه سيفقد أصوات تكتّل “لبنان القويّ” التي ساهمت في حصوله على 59 صوتاً في آخر جلسة إنتخاب. وبينما لا يزال “الثنائيّ الشيعيّ” يُصّر على إيصال رئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجيّة، فإنّ مجرّد قبول الأخير باللامركزيّة الإداريّة والماليّة وإنشاء الصندوق الإئتمانيّ، سيدفع حكماً نواب ميرنا الشالوحي إلى التصويت له.
Advertisement
حاليّاً، كما أعلن باسيل، لا يزال “التيّار” يترقّب جواب “حزب الله” بشأن موضوعيّ اللامركزيّة والصندوق الإئتمانيّ، فإن كان إيجابيّاً، عندها سيدخل باسيل مباشرة في الأسماء الرئاسيّة مع حارة حريك. ولكن في المقابل، ليس من الواضح أنّ “الثنائيّ الشيعيّ” سيقبل باللامركزيّة الماليّة، لأنّه يعتبرها نوعاً من التقسيم والفدراليّة المرفوضة كليّاً من قبله، ما يعني أنّه قد لا يتساهل مع كافة شروط باسيل، وعلى الأخير أنّ يتراجع عن إحداها، كيّ يحصل خرقٌ فعليّ في الإستحقاق الرئاسيّ.
وفي هذا السيّاق أيضاً، سيعمل “حزب الله” على تهيئة الظروف للقاء يجمع باسيل مع سليمان فرنجيّة، لأنّ رئيس “المردة” هو المرشّح الأساسيّ والوحيد بالنسبة لـ”الثنائيّ الشيعيّ”، وقد أعلن باسيل صراحة في عدّة تصاريح أنّه سينتخب أيّ شخصيّة تُؤمّن للبنانيين وللمسيحيين بشكل خاصّ اللامركزيّة الإداريّة والماليّة، أيّ أنّ عقبة عدم دعم “التيّار” لفرنجيّة ستسقط، إنّ وافق على ما طرحه “الوطنيّ الحرّ”.
وقد لا يبدو بالضرورة أنّ باسيل يُريد إنتخاب فرنجيّة، فيقول مراقبون إنّه سيطرح مجموعة من الأسماء أوّلاً على “حزب الله”، في محاولة منه لاختيار إسمٍ معتدل سياسيّاً، كيّ ينال دعم بعض الأفرقاء من المعارضة والمستقلّين والوسطيين. وهنا تجدر الإشارة في هذا السيّاق، إلى أنّ باسيل أشار يوم الثلاثاء الماضي، خلال كلمته التي ألقاها من ميرنا الشالوحي، إلى أنّه لا يزال يتشاور مع أغلبيّة الكتل النيابيّة، وقد شدّد على أهميّة الحوار الداخليّ، أيّ أنّه قد لا يسير بفرنجيّة، فهو يُريد تأمين أصوات تتعدّى الـ65 لأيّ شخصيّة توافقيّة.
غير أنّ المراقبين يرون أنّه إذا لم يقبل “حزب الله” و”حركة أمل” بمرشّح غير فرنجيّة، فإنّ لا مشكلة أمام باسيل بتوجيه نوابه إلى انتخابه، إنّ وافق على شروط “التيّار”، والأصوات ستكون مُؤمّنة له، وسيُنتخب بـ65 وربما أكثر إنّ قرّرت كتلة “الإعتدال الوطنيّ” الإقتراع له أيضاً. ولكن ما يسعى إليه باسيل، هو إيجاد شخصيّة وسطيّة مقبولة من الجميع، لأنّ المعارضة قادرة على تطيير نصاب جلسات الإنتخاب وعدم الحضور إنّ تأمّنت الأصوات لفرنجيّة، وهذا ما ينوي باسيل تفاديه، كيّ لا تبقى البلاد في الفراغ.
وفي هذا الإطار، يُشدّد رئيس حزب “الكتائب” النائب سامي الجميّل على تكاتف المعارضة، أيّ أنّه يهدف إلى حشد نواب يفوق عددهم الـ40 ليستطيعوا قطع الطريق أمام فرنجيّة، ورفض أيّ مرشّح يفرضه “حزب الله” عليهم. ويلفت المراقبون إلى أنّ هذا الأمر سيطرحه باسيل على قيادة “الحزب”، لأنّ تأييد “التيّار” لفرنجيّة لن يكون كافيّاً، في ظلّ التوزيع النيابيّ الجديد، وامتلاك كل من فريق “الممانعة” و”السياديين” القدرة على تطيير النصاب.
ووفق المراقبين، فإنّ اختارت المعارضة التصعيد والمواجهة عبر التعطيل، فإنّها هي مَنْ ستكون المعطّلة في نظر “الدول الخمس” ويجب فرض العقوبات على نوابها، وخصوصاً إنّ حصل توافق نهائيّ بين باسيل و”حزب الله”، وقرّر “التيّار” السير بفرنجيّة. ويختم المراقبون قولهم إنّ لـ”الثنائيّ الشيعيّ” أدوات كثيرة لحشر المعارضة داخليّاً وخارجيّاً، بعدما عاد باسيل إلى حضن “فريق الثامن من آذار”، والبلدان المعنيّة بلبنان ستجد نفسها مرّة جديدة داعمة لمرشّح “الممانعة”، إنّ كانت حظوظه تسمح بانتخابه.