3 تحدّيات فاجأت حزب الله بعد حادثة الكحالة.. هل بدأ التصعيد؟

13 أغسطس 2023
3 تحدّيات فاجأت حزب الله بعد حادثة الكحالة.. هل بدأ التصعيد؟


يدخلُ “حزب الله” حالياً معتركاً جديداً من التحديات عقب حادثة شاحنة الكحالة التي حصلت قبل أيام وهزّت البلاد بتفاصيلها وحيثياتها. حتماً، كانت الذخيرة العائدة للحزب ضمن الشاحنة التي انقلبت في الكحالة بشكلٍ مفاجئ، مفتاحاً لأوراق الإحتقان التي تعزّزت أكثر بعد الإشتباك المسلح الذي وقع في المنطقة في خضمّ الحادثة، وأسفر عن مقتل شخصين، الأول من الكحالة فيما الثاني ينتمي إلى “حزب الله” وكان ضمن العناصر المواكبة للشاحنة. 

 
بمعزلٍ عن المعطيات الميدانية المرتبطة بالحادثة، وبغض النظر عن الجهة التي أطلقت الرصاصة الأولى خلالها، يبقى الأساس مرتبطاً بموقف “حزب الله” إزاء سلسلة التحديات الجديدة والمُفاجئة التي أسستها أزمة الكحالة. ضمنياً، فإن كل تحدّ يعتبرُ ملفاً قائماً بحد ذاته، والسؤال الذي يطرحُ نفسه: كيف ستتعامل حارة حريك مع تلك التحديات على أرض الواقع؟ وهل سيحافظ الحزبُ على “الهدوء” الذي تمسّك به مراراً في ظلّ الكثير من الأحداث السابقة التي طالتهُ؟ 
 
التحدّي الأول الذي يواجهه “حزب الله” حالياً يتمثلُ بكيفية إستكمال عملية “ترميم” صورته والتأكيد على أنه لم يعد يستخدم سلاحه في الداخل لاسيما بعد معركة 7 أيار الشهيرة عام 2008. في الواقع، فإن ما حصل في الكحالة بيّن أنّ عناصر الحزب أظهروا أسلحتهم علناً في منطقة سكنية وعامّة، وهذا الأمرُ قد يعتبرُ إستفزازاً للكثيرين رغم أنّ “حزب الله” برّر ذلك الأمر لحماية الشاحنة وحمولتها وليس في إطار إستهداف أو مهاجمة الأهالي.  
 
بغضّ النظر عن الهدف، إلا أنّ الإستفزاز وقعَ لا محالَ، فالسلاح الذي ظهرَ سيعتبرهُ الكثيرون بمثابة تحدٍّ لهم. وللمفارقة، فإنَّ الحزب وقبل أشهر قليلة، أجرى مناورة عسكريّة في الجنوب واستخدم خلالها أسلحة وقذائف ومعدات مختلفة وذلك تحت أنظار وسائل الإعلام المحلية والعالمية. حينها، كان الحزب الذي أقام تلك المناورة هو “حزب الله” نفسه الذي واجه حادثة الكحالة.. ففي معسكر عرمتى حيثُ أقيم العرض العسكري، تم إستخدام سلاحٍ وفي الكحالة ظهر سلاحٌ أيضاً.. ولكن، هل يتشابه “الإستخدام” بين الحالتين؟ طبعاً لا.. فما حصل في المناورة يمكن للكثيرين تبريرهُ على أنه يندرجُ في إطار مقاومة إسرائيل، وأنّ الحزب بسلاحه هناك كان يوجه رسالة إلى العدو الإسرائيليّ.
 
حينها، نظرَ الكثيرون من مؤيدي الحزب أو معارضيه بعينٍ ناقدة لتلك المناورة التي أخذت ضجّة “إيجابية” نوعاً ما رغم الاعتراضات عليها، والسبب هو أن الغرض منها كانَ يندرجُ علناً في إطار “العمل المقاوم”. في المقابل، فإن ما جرى بالكحالة يختلف تماماً، والسبب هو أنَّ عناصر الحزب استخدموا السلاح في لحظةٍ حرجة ترتبطُ بـ”ذخيرة خاصة بالمقاومة” كما قيل، ولهذا فُهِم من الأمر أن التحدي قد وقعَ، فيما ذهبت بعض الأطراف لتبرير إطلاق النار باتجاه عناصر الحزب على أنهُ دفاعٌ عن النفس. 
 
حتماً، وأمام كل ذلك، فإن التحدي كبيرٌ جداً، وما على “حزب الله” فعله هو تداركُ ما سيجري لاحقاً باعتبار أنّ السلاح الذي استُخدم ارتبطَ بـ”ذخيرة” جرى الترويج أنها ذاهبة إلى المخيمات الفلسطينية وتحديداً مخيم عين الحلوة المتوتر. كذلك، قيل أيضاً إنّ الذخيرة، محور حادثة الكحالة، كان تستخدم لتعزيز تسليح أبناء المناطق الشيعية… هنا، كل ما قيل يندرج في إطار سيناريوهات متضاربة، لكن الحقيقة تكمُن في مكانٍ آخر، وهي أنَّ ما حصل في الكحالة يحتاجُ إلى معالجة حكيمة جداً. 
 
التحدي الثاني الذي يواجهه الحزب الآن بعد الحادثة المذكورة يتمثلُ في كيفية الحفاظ على الشارع المسيحي بعدما وجدَ أن هناك نقمةً ضدّه في أوساطه. الأساسُ هنا أنّ الحزب وبعد حادثة الكحالة، وجدَ نفسهُ وحيداً، فحليفه التقليدي “التيار الوطني الحر” تنصّل منهُ فجأة لغايات إنتخابية وشعبية، فيما ظهر أنّ الأطراف الأخرى “انقضّت” على الحزب تماماً وباتت تتحدثُ عن “معركة وجودية” ضدّ سلاحه.  
 
أمام كل ذلك، فإنَّ المطلوب من الحزب اليوم هو إطارُ معالجةٍ جديد يهدف من خلاله لـ”كسرِ” الصورة السلبية تجاهه لدى البيئة المسيحية أولاً ولدى مختلف الأطراف الداخلية ثانياً. إذا كان هذا الأمرُ سيتحقق فعلاً، فإنه يجبُ أن يرتبطَ بمبادرة واضحة من الحزب باتجاه مناقشة إستراتيجية دفاعية يُطالب بها الكثيرون، وإلا فإن الأمور ستبقى قيد التوتر عند كلّ إستحقاق. 
 
على صعيد التحدّي الثالث، فإنّ ما واجهه الحزب في الكحالة تركَ نقطة سوداء على صعيد صورته لدى العدو الإسرائيلي. حتماً، شعر الأخيرُ بأن ما جرى يعدُّ ضربة كبيرة للحزب نظراً لوجود نقمة داخلية ضدّه من جهة، ولعدم إستطاعته حماية أسلحته وذخيرته من جهة أخرى. لهذا السبب وغيره من الأسباب الكثيرة الأخرى، بات الحزبُ الآن يحتاجُ لردّ اعتبارهِ ولو بخطوةٍ رمزية، والأساسُ هنا قد لا يكونُ عبر إثارة الملف الحدوديّ ضد إسرائيل، لأن إدخال لبنان بأي معركةٍ حالياً ستؤجج النار أكثر ضد الحزب، فالبيئات المختلفة باتت تراهُ “حملاً ثقيلاً” في الداخل بعد الحادثة التي حصلت.. بكل بساطة، يمكن القول إنَّ ما شهدته الكحالة أعاد حارة حريك خطواتٍ إلى الوراء، والسؤال: ما هو المخرج الذي سيعمل حزب الله عليه لردّ صورته التي سعى لنسجها طيلة السنوات الماضية لاسيما بعد معركة 7 أيار 2008 والخضات الأمنية الأخرى؟  
 
بحسب المعطيات القائمة، فإنّ الحزب سيتعاطى مع ما جرى بهدوءٍ تام لـ3 أسباب: الأولى وهي أنَّ تكريس معركة في الداخل ليس لصالحه، في حين أنّ ما جرى في الكحالة كان عابراً ولا يمكن الوقوف عنده بشكل تفصيلي. أما السبب الثاني وهو أن الحزب يرى إن الطرف الآخر لم يستطع “التعليم عليه”، ما يعني أن الأمور سالكة نسبياً. أما السبب الثالث فيرتبطُ بإشتباك الكحالة، ومن وجهة نظر بيئة الحزب، فإنَّ من قتلَ عنصر الحزب أحمد قصاص قد تم قتلهُ فوراً، وفي حال لم يحصل ذلك عندها ستكون الأمور أصعب، وبالتالي كان يمكن أن تنتفي مقولة “صبر وبصيرة” تماماً، لأن “الأخذ بالثأر” كان سيبرز حتماً، وبالتالي إشتعال النيران أكثر…