إلى السيد حسن… لا أحد يريد حربًا أهلية

17 أغسطس 2023
إلى السيد حسن… لا أحد يريد حربًا أهلية


تقول أوساط حزب سياسي مسيحي إن الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله انطلق في حديثه أمس الأول من حادثة الكحالة ليبني عليها فرضية أن ثمة فريقًا من اللبنانيين، وتحديدًا من المسيحيين، يخطّط لحرب أهلية جديدة. فالمسيحيون بمختلف أحزابهم وتياراتهم يعرفون أنهم سيكونون الأكثر تضررًا في أي حرب محتملة، وهم يعرفون أكثر من غيرهم أن ظروف الحرب المزعومة غير متكافئة، وإن كان البعض يغمز من قناة عدم تكافئ بين الأحزاب المسيحية والفلسطينيين في 13 نيسان من العام 1975، وهم يدركون أيضًا أكثر من غيرهم ما كلّفت الحربُ اللبنانيين من ضحايا ودمار وتشريد وهجرة، وهم أكثر الناس تمسّكًا بالسلم الأهلي، وبأن يعاد تأسيس الدولة واستعادة دورها الطبيعي على أسس واضحة وسليمة، وليس على أساس “غالب ومغلوب” في المعادلات والتوازنات القائمة بين منطقين مختلفين في نظرتهما إلى الدولة الواحدة والجامعة والموحِّدة. 

 
 وتتابع هذه الأوساط لتستنتج أن ما يجري على أرض الواقع من اهتزازات أمنية متفرقة ليس سوى نتيجة التخبّط السياسي، الذي تعيشه البلاد، ونتيجة تغييب رأس الدولة بامتناع “الفريق الممانع” عن حضور جلسات انتخابية متتالية على مدى اثنتي عشرة جلسة لم ينتج عنها أي مؤشر لانتخاب رئيس وفق شروط لبنانية جامعة، وليس رئيسًا ينتمي إلى هذه الجهة السياسية أو تلك، مع ما يعني أن المطلوب من “حزب الله” أولًا، أن يتخّلى عن شروطه الرئاسية المسبقة إذا كان يريد فعلًا أن يكون للبنان رئيس بمواصفات وطنية جامعة، وذلك نظرًا إلى ما هو مطلوب منه في هذه المرحلة الحسّاسة والدقيقة، بالتوازي مع حكومة فاعلة يواكبها عمل تشريعي إصلاحي، تمهيدًا لوضع البلاد على سكة التعافي. 
 
وفي اعتقاد هذه الأوساط أن أي حديث عن أي مغامرة أمنية، ولو من باب التحذير، سيدفع الأمور إلى الأسوأ وسيفاقمها، وذلك خوفًا من أن يصبح ما يتخّوف منه السيد نصرالله، ويشاطره في هذا التخّوف جميع اللبنانيين من دون استثناء، واقعًا مفروضًا بقوة ما لدى البعض من هواجس قد تتحّول إلى كوابيس بفعل تكرار الحديث عنها. وفي ما يشبه النصيحة، ولو هي بجمل، تتوقف هذه الأوساط عند المسار السياسي الانحداري، الذي سيؤدّي حتمًا إلى دخول أكثر من طابور خامس على خطّ زعزعة العلاقة، التي لا تزال قائمة بين اللبنانيين، ولو أنها لا تزال مربوطة بخيط رفيع من الحرير. فإن أي تأخير في انتخاب رئيس جديد للجمهورية بمواصفات جامعة وموحِدة ستكون له انعكاسات خطيرة على الوضعين الأمني والاقتصادي والاجتماعي، خصوصًا أن جمر الأحداث الأمنية في مخيم “عين الحلوة” لا يزال تحت رماد النوايا، التي يُقال عنها إنها غير صافية، مع تكاثر الحوادث الأمنية الفردية المتنقلة، حيث النزوح السوري الكثيف، من دون استبعاد فرضية عامل التدّخل الإسرائيلي المخابراتي عبر تأجيج ما هو مخفي من خلاف بين اللبنانيين، مع ما يرافقه من تهديدات متواصلة من قبِل قادة العدو بـ “إعادة لبنان إلى العصر الحجري”. 
 
فتلافي احتمال نشوب أي حرب أهلية، كما ترى هذه الأوساط مندرجاته، لا يكون سوى بالعمل الجدّي لمنع حصول هكذا حرب، ستكون حتمًا كارثية بكل مقاييسها. وهذا العمل الجدّي لا يكون مرحليًا سوى بالسعي الحثيث للخروج من هذا الفراغ القاتل، والذي توازي سلبياته ما قد ينتج عن أي حرب أو فتنة. وهذا السعي يكون بتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية يحمي ظهر الجميع في هذه الأوقات العصيبة والصعبة، ويحمي لبنان من الانزلاق غير الارادي نحو ما يُخطّط له من ضمن سيناريو بدأت ملامحه تظهر في المنطقة، بدءًا من اليمن وصولًا إلى لبنان.