التشريع حقّ سيادي.. وممنوع على النواب الحديث عن تشريع الضرورة

20 أغسطس 2023
التشريع حقّ سيادي.. وممنوع على النواب الحديث عن تشريع الضرورة


التشريع حق سيادي ولا وجود لما سُمّي تشريع الضرورة جهلاً، وقد حسـم الأمر المجلس الدستوري في قراراته، الرقم 1 تاريخ 27/4/2023 والرقم 2 تاريخ 28/4/2023 والرقم 3 تاريخ 4/5/2023 المنشورة في “الجريدة الرسمية” العدد 34 تاريـخ 8/6/2023 في الصفحات 2078 و 2079 و 2080 و 2071 و 2082.

من المسلّم بـه فقهـاً وقانوناً أنّ التشريـع حق سيادي Droit Souverain وقـرارات المجلس الدستـوري تتمتـع بقـوة القضيـة المحكمـة المطلقـة تجـاه الجميـع Erga Omnes الملزمـة للمجلـس النيابـي ولكافـة إدارات الدولـة من دون استثنـاء، عمـلاً بأحكام المـادة 13 من نظام المجلـس الدستـوري، والمجلـس الدستـوري عندمـا يفصـل مسألـة معيّنـة سـواء في الحكـم بصحتهـا يثبتهـا في الانتظـام القانونـي، وعندمـا يقضـي ببطلانهـا أو بمخالفتهـا الدستـور يخرجهـا من الإنتظـام القانونـي Ordonnencement juridique.وعليـه، بعـد قـرارات المجلـس المُبرمـة أصبـح ممنوعـاً على النـواب الحديـث عن تشريـع الضـرورة والاختبـاء وراءهـا ببطولـة سلبيـة مخالفـة للدستـور ولقـرارات المجلـس الدستـوري والتـي نوردهـا حرفيـاً: «وحيـث إنّـه يقتضـي البحـث في مـا إذا كـان خلـو سـدّة رئاسـة الجمهوريـة أو أنّ اعتبـار الحكومـة مستقيلـة، وكذلـك مصادفـة الحالتيـن معـاً، يحـول دون إمكـان قيـام المجلـس النيابـي بأعمـال التشريـع أو يحـدّ من تلـك الأعمـال،«وحيـث إنّ صلاحيـة تفسيـر الدستـور لـم تنـط بالمجلـس النيابـي بنـصّ صريـح، وبالتالـي في غيـاب النـص الدستـوري يقتضـي العـودة الى المبـادئ الدستوريـة العامـة التـي ترعـى التفسيـر الأصلـي الـذي يرتّـب مفعـولاً ملزمـاً تجـاه السلطـات كافـة. «وحيـث إنـّه ينبغـي اتبـاع أصـول تعديـل الدستـور في معـرض التفسيـر، عمـلاً بمبـدأ مـوازاة الصيـغ، فيقتضـي مراعـاة إجـراءات التعديـل كاملـة التـي نـصّ عليهـا الدستـور، ولا سيمـا منهـا الأكثريـة الموصوفـة المطلوبـة لسـنّ قانـون دستـوري بهـذا النـص، وسـوى ذلـك غيـر ملـزم للسلطـات الدستوريـة الأخـرى ولا يرتـّب مفاعيـل تجاههـا، ولا سيمـا تجـاه المجلـس الدستـوري في صـدد مراقبـة دستوريـة القوانيـن.«وحيـث إنّ تصريحات النـواب والكتـل النيابيـة ومواقـفها خـارج إطـار الأصـول المشـار إليهـا أعـلاه لا ترقـى إلى مرتبـة التفسيـر الملـزم للدستـور، وإن كـان الإدلاء بهـا حاصـلاً تحـت قبّـة البرلمـان وأثنـاء انعقـاد الهيئـة العامـة. «وحيـث انـّه يقـع ضمـن نطـاق صلاحيـة المجلـس الدستـوري أن يفسّـر الدستـور في معـرض رقابتـه على دستوريـة القوانيـن، ويعتبـر ذلـك في صميـم مهمّاته كقـاضٍ دستـوري، وفي هـذا التفسيـر يعطـي النـص الدستـوري معنـاه الملـزم.مطلـوب من النـواب الكـرام قـراءة قـرارات المجلـس الدستـوري والتقيّـد بهـا، وإلاّ نبقـى ضمـن وجهـات النظـر المجافيـة للحقيقـة والتـي أوصلـت الوطـن الى مـا هـو عليـه. فالمجلـس لـه الحـق والسلطـة بالتشريـع ضمـن الحـدود الدستوريـة وليـس المزاجيـة. وكفـى تضليـلاً للشعـب المسكيـن، هـذا المجمـوع الحائـر الصابـر المتألـم المرتقـب طلائـع الفـرج ومواكـب السعـادة تسوقهـا إليـه زمـرة اختارهـا. لا بالنكـد، بـل بالمحبـة والأخـلاق نبنـي الوطـن.