من المؤكد أن قائد الجيش العماد جوزيف عون استطاع من خلال اداء المؤسسة العسكرية في حادثة الكحالة أن يرفع حظوظه الرئاسية بشكل جدي، وهذا أمر بات واضحاً من خلال الإشادات النيابية والسياسية بما قام به الجيش الذي منع تطور الحدث الى ما لا يحمد عقباه، وبالرغم من الانتقادات التي طالته من بعض أهالي الكحالة لحظة الحدث، الا أن الواقعية أعادت تصويب المواقف لاحقا.
إثبات الجيش أنه قادر على إحتواء حدث كبير كحادث الكحالة ومنع حصول مجزرة فعلية، وتجنب مخاطر تصيب السلم الأهلي بشكل مباشر وقد توصل الى حرب أهلية، يعني أن الجيش هو الحلّ في لحظة الإنهيار الكبير التي يعيشها اللبنانيين وهذا أمر كاف لتقدّم مَن يدير واقع الجيش وسلوكه رئاسياً ليدير مرحلة الخروج من الأزمة، هذا كله وفق الحسابات الحالية التي تطبع عقول قوى سياسية عدة.الأهم أن عون ومن خلفه المؤسسة العسكرية شكل ضمانة للحزب من خلال ادائه ومنع كشف محتويات شاحنة السلاح ما يصيب أمن المقاومة بضرر، أقله من وجهة نظر حارة حريك، وجنّب الحزب ايضا الدخول في معركة زواريب لا يريدها، لذلك فإن موقف الحزب من عون وتسريباته المرتبطة بأداء الجيش كانت في غاية الإيجابية من دون ان تتطرق الى قضية الإستحقاق الرئاسي.لكن تحسن حظوظ قائد الجيش ليست داخلية فقط، اذ ان “الإجتماع الخماسي” الذي عقد في الدوحة، الذي وصل الى حد حصر الأسماء المرشحة لتولي رئاسة الجمهورية بإسم عون، يعطي دفعاً قويا لقائد الجيش ويفتح له أبواب كتل نيابية كبيرة وجدية لم تكن تفكر في دعمه، لذلك فإن خصوم عون السياسيين باتوا أكثر واقعية وحذر، وبدأوا تعديل تموضعهم السياسي لقطع الطريق على الرجل.وتقول المصادر ان الموقف الفرنسي المؤيد لرئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية لم يعد بالصراحة السابقة ذاتها، بل على العكس، لم يعد أي مسؤول فرنسي يجاهر بدعم فرنجية رفق المبادرة السابقة بل بات هناك أسماء اخرى تطرح أمام زوار باريس من سياسيين لبنانيين، بغض النظر عن الرغبة الفعلية لفرنسا والتي قد تكون تميل لصالح فرنجية.كل هذه المؤشرات تعطي قائد الجيش حظوظا إضافية في السباق الرئاسي، علما أن حوار “التيار الوطني الحر” – “حزب الله” أحدث ما يشبه التوازن مع عون وأعاد فرنجية الى السباق الرئاسي بعد كل الإنتكاسات التي تعرض لها منذ ترشيح قوى المعارضة للوزير السابق جهاد ازعور وتوقف الدعم السعودي والدولي للحراك الفرنسي في لبنان.