عاد الوضع في مخيم عين الحلوة إلى واجهة الاهتمام السياسي والأمني اللبناني والفلسطيني مجدداً. فقد سجّلت عودة التوتر والاستنفار العسكري المتبادل بين حركة «فتح» والناشطين الإسلاميين. وتبيّن أن سبب هذه التطورات انتهاء مهلة تسليم المشتبه فيهم الثمانية في جريمة اغتيال قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء أبو أشرف العرموشي ومرافقيه. لكن شيئاً لم يتحقق بعد.ووفق مصادر فلسطينية لـ «نداء الوطن»، فإن الاجتماع الذي عقدته «هيئة العمل المشترك» في لبنان في السفارة الفلسطينية في بيروت الثلاثاء الماضي، تم خلاله تسليم تقرير «لجنة التحقيق». وأقرت اللجنة آليات متابعة تبدأ بتسليم المشتبه فيهم بجريمة اغتيال العرموشي وكلّ من تظهره التحقيقات إلى القضاء اللبناني سلمياً في مدة قصيرة (أسبوع). لكن الأمر لم يتحقق حتى اليوم.
وأكدت المصادر، أن القوى الإسلامية وعدداً من رجال الدين في «هيئة العلماء المسلمين» تولوا مهمة التواصل مع الناشطين الإسلاميين في منطقتي الطوارئ والتعمير، في مسعى لاحراز نتائج إيجابية والتسليم الطوعي للمشتبه فيهم من دون إراقة الدماء وتجنيب المخيم التدمير والتهجير. وعلم أن المفاوضات ما زالت مستمرة. ومن المتوقع أن تحمل الساعات الـ 48 المقبلة الجواب النهائي لجهة إقناع المشتبه فيهم، أو بعضهم على الأقل، بالقبول. وفي انتظار هذه الساعات، فإن حركة «فتح» عقدت اجتماعاً وصف بأنه «مهم» في صيدا يوم الجمعة الماضي، ضم «قيادتي الساحة والإقليم» برئاسة أمين السر فتحي أبو العردات، لكن لم يتخذ أي قرار محدّد، في اشارة الى إعطاء المزيد من الوقت. غير أنّ مسؤولاً بارزاً في «فتح» أكد «الإصرار على تسليم المشتبه فيهم الثمانية إلى العدالة اللبنانية، أو جلبهم بالقوة «، من دون تحديد آلية لتحقيق هذه الخطوة. لكن توجه «فتح» هو أنها «لن تتهاون في هذه القضية وتؤكد أن دماء الشهداء لن تذهب هدراً».وكتبت أمال خليل في”الاخبار”: مصادر فتح أكدت أن الحركة «لن تدخل في معركة جديدة إلا إذا كانت نتائجها مضمونة لمصلحتها لحفظ ماء وجهها أمام قاعدتها وثأراً لدماء العرموشي والشهداء». وسألت: «من يمنع تكرار اغتيال قادتنا مرة جديدة إذا لم نقتصّ من الجرائم السابقة؟». وترجح المصادر المتابعة بأن ضربة فتح المقبلة ستكون عملاً أمنياً يستهدف هدفاً إسلامياً مهماً. في هذا السياق، لفتت المصادر إلى أن «الإسلامي هيثم الشعبي أفلت من عملية قنص كادت أن تصيبه». فيما كشف أمر كمينين اثنين جهزتهما فتح في حيي الطوارئ والتعمير. وعلى صعيد متصل، قال مصدر أمني لبناني لـ«الأخبار» إن بوادر تجدد الاشتباك ظاهرة بشكل كبير. «لكن يرجح بأن تتأجل إلى ما بعد مهرجان إحياء ذكرى اختطاف الإمام موسى الصدر الخميس المقبل في بيروت».لكن ما الذي ضيّع مهلة التسليم من دون نتيجة؟ بحسب المصادر الفلسطينية، لم تكن القوى والفصائل «مقتنعة بأن الإسلاميين سيسلمون أياً من المطلوبين الثمانية الذين نشرت أسماؤهم وأنه ليس من بينهم من شارك في اغتيال العرموشي، ولا سيما بلال بدر وخالد الصفدي». عدم الجدية برّر لفتح في المقابل إطلاق سراح محمد زبيدات (الصومالي) المتهم بقتل فرهود في حي البراكسات بعدما توارى عن الأنظار وتكثفت المساعي لتهريبه خارج عين الحلوة. في المقابل، لم يكن بقايا فتح الإسلام وجند الشام أكثر جدية من فتح في تسليم المطلوبين، وكانوا يبحثون عن ذريعة لنفض أيديهم من الاتفاق الذي أبرم في السفارة الفلسطينية الأربعاء الماضي لإنهاء الاشتباك بتسليم المطلوبين. ذريعتهم التي تمسكوا بها أمس كانت هجوم فتح على رئيس الحركة الإسلامية المجاهدة الشيخ جمال خطاب إثر خطبة الجمعة الماضي في مسجد النور. ونفى خطاب أن تكون القوى قد التزمت بمهلة الأيام الخمسة، مشيراً إلى أن معالجة الاشتباك تكون بالتفاهمات السياسية وليست أمنيةً أو بتسليم المطلوبين. مواقف خطاب أثارت غضب فتح واعتبرته منحازاً للإسلاميين. وقالت مصادر فتحاوية لـ«الأخبار» إن الإسلاميين وحلفاءهم خططوا منذ البداية للتنصل من الاتفاق، بدليل انسحاب رابطة علماء فلسطين (المقربة من حماس) من اللقاءات التنسيقية التي تعقد مع الشباب المسلم وفتح لتسليم المطلوبين.