كما كان متوقعاً صدر قرار التمديد لليونيفيل بالصيغة نفسها التي تضمنت التعديلات السابقة منذ سنة والتي تسمح لليونيفيل بالتحرك من دون تنسيق مسبق مع الجيش. فلبنان أخفق في إدخال تعديلات على قرار التمديد لقوات اليونيفيل بعد اعتراض الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا حيال الاقتراح الفرنسي بشأن آلية عمل هذه القوات.
وأكد مجلس الأمن في قراره على سلطة اليونيفيل في اتخاذ كل الإجراءات اللازمة في مناطق عمليات قوّاتها وفي حدود قدراتها، لضمان عدم استخدام منطقة عملياتها للقيام بأنشطة عدائية، ومقاومة المحاولات بوسائل القوّة لمنعها من القيام بولايتها، مرحّباً بتوسيع الأنشطة المنسّقة بين اليونيفيل والجيش اللبناني، ودعا إلى مواصلة تعزيز هذا التعاون من دون المساس بولاية اليونيفيل.وأعلنت مندوبة لبنان في مجلس لبنان جان مراد أنّه “إذا حاول لبنان جاهدًا إدخال التعديلات على مشروع قانون تمديد عمل قوات “اليونيفيل”، فهو من باب الحرص على السيادة اللبنانية”، موضحة أنّ “قوات اليونيفيل لديها كامل حرية الحركة لكن بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية”. ولفتت إلى أنّ الحركة يجب أن يكون لديها ضوابط من أجل حفظ سلامة هذه القوات والاطلاع على مهامها”، مشيرة إلى أنّ “لبنان طلب تصحيح وترشيد اسم “شمال قرية الغجر”، وهي ليست تسمية هذه المنطقة”، سائلة: “لماذا اللجوء في القرار الحالي للغة تشبه لحد كبير القرارات المعتمدة وفقًا للفصل السابع”.وفي المعلومات فإن لبنان بعث برسالتين إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وإلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أكد فيهما رفض لبنان لأي صيغة لا تنص على التنسيق بين اليونيفل والجيش، وأن العدو الإسرائيلي يواصل خرق القرار 1701، وان على المعنيين في مجلس الأمن إدراج التعديلات في صلب قرار التمديد أو يتم سحب الطلب، علماً أن حزب الله أبلغ الفرنسيين رفضه المسودة الأولى للصيغة نظراً لأنها لم تتضمن تعديلاً لقرار التمديد في العام 2022، في حين أن المسودة الثانية للصيغة التي اكدت أهمية متابعة التنسيق مع حكومة لبنان، والأخذ في الاعتبار السيادة اللبنانية بحسب “اتفاقية صوفا” التي انضم اليها لبنان في العام 1995، تم رفضها من قبل الاميركيين والبريطانيين والاماراتيين، ليتم الذهاب إلى تبني الصيغة الأخيرة التي أطاحت بتسمية المنطقة المحتلّة شمال بلدة الغجر، بخراج بلدة الماري، ووصف تواجد العدو هناك بأنه قوة احتلال.بالامس صدرت مواقف رحبت بإصدار مجلس الأمن الدولي قرارًا بالتّمديد لقوّات الطّوارئ الدّوليّة العاملة في جنوب لبنان، لا سيما في ما خص بقيام “اليونيفيل بعملها بالتّنسيق مع الحكومة اللبنانية وفق “اتفاقيّة المقر”، في حين أن مصادر عسكرية سألت ما قيمة الملاحظات اللبنانية التي لم تؤخذ بعين الإعتبار ، خصوصا وأن الذي حصل يعكس عدم توازن مجلس الأمن وخضوعه للإملاءات الأميركية .وعلى الرغم من حضور وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بوحبيب مناقشات مجلس الأمن لم يستطع لبنان فرض الرجوع إلى الصيغة التي تشير إلى ضرورة تنسيق قوات اليونيفيل مع الجيش حيث صدر القرار بموافقة 13 عضو من أعضائه وامتناع الصين وروسيا عن التصويت .وفي المباشر، يقول الخبير الاستراتيجي والعسكري عمر معربوني لـ”لبنان 24” الأخطر هو إمكانية قيام اليونيفيل بدوريات علنية وسرية ما يعني أن إمكانية تجسس بعض عناصر اليونيفيل على الجيش والمقاومة ستكون متاحة إذا ما تم تركيب كاميرات وتسيير دوريات ذات طابع سري ما سيؤدي إلى اكتشافها والاحتكاك مع الأهالي والمقاومة .وبتقدير معرابوني، فإن القرار بصيغته الحالية سيؤدي إلى مخاطر قد تطال قوات اليونيفيل إذا ما تصرفت بشكل منفرد ويحولها في مكان ما إلى قوة تخدم مصالح الكيان الإسرائيلي، لأن إسرائيل من مصلحتها توسيع صلاحيات عمل اليونيفيل، ما قد يسهم مستقبلاً بالكشف عن مواقع تسليح حزب الله. وعليه، سيؤدي التمديد لإشكالات بين قوات اليونيفيل وأهالي القرى الجنوبية رغم حرصهم على وجودها، لأنهم سيرون في طريقة عمل اليونيفيل انتهاكاً لخصوصيتهم ومخاطر على المقاومة التي يشكل أهالي الجنوب أحد مناطق بيئتها الحاضنة .أمر آخر لا بد من مقاربته، بحسب معرابوني، وهو امتناع روسيا والصين عن التصويت ما يعكس عدم تواصل لبنان مع الدولتين كما حصل سنة 2022 وهو ما يؤكد تردداً غير مفهوم.وعلى الرغم من صدور القرار سيبقى في البعد العملي مجرد حبر على ورق، إلا إذا تصرفت قوات اليونيفيل كقوات متعددة الجنسيات على غرار ما حصل في العام 1982في لبنان، وليس كقوات حفظ سلام.