أشار وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري الخوري الى أن “مهنة الهندسة انتقلت من الصورة التقليدية القائمة على إعداد الخرائط والإشراف على تنفيذها، إلى صورة أشمل حملت معها أدوارا عدة يؤديها المهندس لم يكن متعارف عليها من قبل سواء لناحية الدور الاستشاري السابق والمتزامن واللاحق للتنفيذ أو لناحية العلاقة التعاقدية والتنفيذية بين صاحب المشروع وغيره من الأفرقاء في العقد أضحوا في تزايد ملفت في العدد والإختصاصات والأدوار بحسب نوع المشروع الهندسي”.
وأضاف خلال رعايته إطلاق “مركز تحكيم نقابة المهندسين في طرابلس” أن “على سبيل المثال، نجد حالياً في مجال المقاولات عدّة أطراف كالمالك والمقاول والمهندس المشرف والمهندس الاستشاري وممثلي المالك أو مندوبيه والمتعهدين من الباطن وتجار المواد كل منهم مرتبط بعقد يختلف في توصيفه القانوني ومضمونه عن الآخر، لكنهم في الوقت ذاته لاعبون على أرض المشروع تماما كفريق كرة القدم”.
وتابع: “مع كل تسلسل في العقود والإلتزامات، تختلف الأدوار وتتعقد المسؤوليات بحيث يمسي من الصعب تحديد الجهة المسؤولة عن سوء التنفيذ أو تحديد نصيبها من المسؤولية من قبل القاضي أو المحكم على حد سواء، وقد تنبهتم لهذه الصعوبة وقمتم بخطوة إيجابية نهنئكم عليها، وهي إنشاء مركز للتحكيم الهندسي لأنكم، كما أهل مكة، أدرى بالتزاماتكم وبما يترافق معها من مسؤوليات”.
وأردف: “التحكيم الذي نظمه المشترع اللبناني في قانون أصول المحاكمات المدنية هو طريق خاص من طرق حل النزاع يقوم على مبدأ حرية إرادة المتعاقدين في اختيار الشخص أو الهيئة التي ستتولى الفصل في النزاع عند نشوبه، وذلك ضمن ضوابط نص عليها القانون، وليس من مجال ههنا للغوص أكثر في التفاصيل القانونية ليقيني بأنكم أصبحتم مطّلعين عليها، لكن ما يهمني تسليط الضوء عليه هو ضرورة أن تكونوا مدركين للدور الذي تؤدونه كمحكمين ولمدى تأثير القرار التحكيمي الصادر عنكم على الجهة القضائية المختصة في حال الطعن فيه لأنه قرار صادر عن ذي خبرة في هذا المضمار، لكنها خبرة مختلفة في الشكل عن الخبرة العادية التي يستعين بها القاضي في الدعاوى ويعول عليها في حكمه، ذلك أن المهندس المحكم هو مهندس حاكم، فاصل في النزاع ومقرر في المسؤوليات، وليس مهندسا خبيرا فقط”.
وقال: “أيها المهندسون الأعزاء، إنني أدعوكم أن تكونوا على قدر المهمة الجديدة التي ارتضيتم أن تضعوا لها إطارا تنظيميا من خلال إنشاء مركز للتحكيم الهندسي في نقابتكم، وأن تثابروا على تنظيم دورات تدريبية لكم في مجال التحكيم تستعينون فيها بالخبراء القانونيين. واعلموا ختاماً أن القضاء، كما عوّل على تقارير خبرتكم في الملفات، يعوّل اليوم على قراراتكم التحكيمية في مجال المقاولات”.