عبوات مُفخّخة ومفاجآت من داخل عين الحلوة.. هكذا ستكونُ العملية الامنية!

6 سبتمبر 2023
عبوات مُفخّخة ومفاجآت من داخل عين الحلوة.. هكذا ستكونُ العملية الامنية!


كما كانَ مُتوقعاً ومعروفاً، حسمَت هيئة العمل الفلسطيني المُشترك في لبنان خلال إجتماعها يوم أمس قرارها بـ”تكليف القوة الفلسطينية المُشتركة القيام بواجبها بما يختصُّ بارتكاب الجرائم الأخيرة التي شهدها مُخيم عين الحلوة، وبما يحفظ الأمن والإستقرار في المخيم والجوار اللبناني”، كما اشار بيان صادر عن الهيئة.  

في المضمون، تكشف الهيئة عن اتخاذ قرارٍ بـ”تطهير” عين الحلوة من إرهابيي جماعتي “جند الشام” و “الشباب المُسلم” المُتّهمتين بقتل القيادي في حركة “فتح” اللواء أبو العرموشي نهاية شهر تموز الماضي. وفي الواقع، فإنّ هاتين الجماعتين لم تتجاوبا بتاتاً ورغم المهل التي مُنحت لها، مع مطلب تسليم قتلة العرموشي خلال الأسابيع القليلة الماضية، وما تبيّن هو أن “التعنّت” المُمارس من قبلهما هو الذي دفع الفصائل الفلسطينية للمُضي قُدماً نحو خيار القوّة الذي بات الأخير والوحيد حالياً. 
القرار “المُقتضب” الخاص بالهيئة لم يتحدّث عن نوعية “الواجب” الذي ستقومُ به القوة المشتركة داخل المخيم، كما لم يجرِ الكشف عن توقيته، إلا أنَّ معلومات “لبنان24” من مصادر فلسطينية معنيّة تقولُ إنَّ السَّاعات أو الأيام المُقبلة ستشهدُ على سيناريو عملية أمنيّة داخل منطقتين أساسيتين ضمن عين الحلوة وهما حي الطوارئ وحي التعمير التحتاني.
بحسب المصادر، فإنّ تلك القوة ستضمُّ مقاتلين من مُختلف الفصائل الفلسطينية على أن تكون حركة “فتح” هي الأساس، وستكون مهمّة مُسلحي القوة الإطباقُ فوراً على منطقتي الطوارئ والتعمير حتى لو تطوّر ذلك إلى معركةٍ “يتحضّر لها” الجميع الآن داخل المُخيم. 
في السياق، تكشف مصادر مقرّبة من “فتح” لـ”لبنان24″ إنَّ الخطة الأمنيَّة لإقتحام الطوارئ والتعمير التحتاني وُضعت وباتت جاهزة، مشيرة إلى أنَّ العمل حالياً يرتبطُ بتجميع المقاتلين الذين سيشاركون في تلك الخطة، وتُضيف: “من المُتوقع عند حُدوث العملية الميدانية أن يكون الحسمُ قائماً خلال 48 ساعة، والأمورُ تسيرُ على قدمٍ وساق”.  
إنقساماتٌ عميقة 
في غضون ذلك، تبيّن أنَّ مُسلّحي “جند الشام” و “الشباب المسلم” قد دخلوا حالياً مرحلةً من “التفكُّك” وسط تضييق الخناق عليهم سواء من قبل “فتح” أو من قبل الجيش الذي عزّز إجراءاته عند مداخل المُخيم. وبكلّ بساطة، فإنّ الإنقسام بات عميقاً في أوساط هذه العناصر الإرهابية، وتكشفُ مصادر خاصّة لـ”لبنان24″ أنه وقبل يومين، حصلَ إشكالٌ كبير بين الإرهابيين داخل مركزية “الشباب المُسلم” في حي التعمير التحتاني وقد تطوّر الأمر إلى إطلاق نارٍ أصيبَ على إثر 2 من الإرهابيين. ووفقاً للمصادر، فقد جرى نقل الجريحين فوراً إلى مسجد زين العابدين في المنطقة المذكورة لتلقي العلاج.  
المُفارقة هيَ أنَّ هذا الإشكال الذي ضرب الجماعة التي يترأسها هيثم الشعبي، جاءَ على خلفية إتهام الأخير بالتعامل مع مخابرات الجيش والسعي لتسليم مطلوبين إليها، في حين أنَّ هناك عناصر اتهمت الشعبي أيضاً بـ”الكفر والردّة”، ما فاقم الإشكال في ما بينها. وإثر ما جرى، برزَ كلامٌ عن فرار عُنصرين من جماعة الشعبي باتجاه أحد مداخل المخيم لتسليم نفسيهما لجهةٍ أمنية لبنانية لم يجرِ الإعلان عنها. ووفقاً لمصادر “لبنان24″، فإنّ هذه المعلومات ليست مؤكدة من داخل المخيم، في حين أنّ مصادر عسكرية نفت لـ”لبنان24″ أن يكون الجيش قد أوقف شخصين من الإرهابيين خلال الساعات الماضية.  
وتزامناً مع هذه المشهدية، كشفت المصادر لـ”لبنان24” إنَّ هناك معلومات تُرجّح قيام الشّعبي باغتيال العنصرين المذكورين، مشيرة إلى أنّ الإرهابي المذكور أقرَّ بهذا الأمر أمام بعض العناصر زاعماً أنه دفنهما داخل المخيم خلال فترة الليل في الأيام الماضية، وتضيف: “في الأساس، قد لا يكونُ هذا الكلامُ صحيحاً، وقد يكون الشعبي قد لجأ إلى أسلوب ترهيب عناصره وتخويفهم من القتل أو الفرار، وكل الأمور الحالية تؤكد وجود أزمةٍ حقيقية في صفوف الإرهابيين”.  
“تفخيخٌ” وخطرٌ كبير 
وخلال اليومين الماضيين، تلقت حركة “فتح” إشاراتٍ واضحة من جماعة الشعبي مفادها أنَّ الأخير تعهّد بإخلاء المدارس التي يسيطر عليها وتحديداً مدرستي بيسان وصفد التابعتين لوكالة “الأونروا” داخل المُخيّم. في المُقابل، أبدت “فتح”، وبحسب المصادر، تجاوباً كبيراً من خلال إبداء استعدادها الإنسحاب من مدرسة السّموع، لكن هذه الأمور لم تُحسم بعد حتى الآن ومن الممكن أن يتبين اتجاهها خلال الساعات المُقبلة. إلا أنّ الأمر الخطير يتعلّق بما فعله الإرهابيون داخل المدارس، وتكشف معلومات “لبنان24” إنّ مسلحي “جند الشام” و “الشباب المسلم” بادروا إلى تفخيخ المدارس بمتفجرات، الأمر الذي يعني كارثة قد يشهدها المُخيم في حال وقوع سيناريو التدمير الممنهج لهذه الصروح التعليميّة.  
بشكلٍ أو بآخر، فإنّ الهدف من إخلاء هذه المدارس وانسحاب المسلحين منها كان يتصلُ بمحاولة حصرهم ضمن نقطة جغرافيّة واحدة وبعيدة عن صروح تعليمية عائدة لوكالة “الأونروا”، في وقتٍ تقولُ فيه مصادر ميدانية في عين الحلوة لـ”لبنان24” إنَّ الأونروا عدلَت عن قرارها بإخراج طلاب تلك المدارس إلى خارج المُخيم خلال العام الدراسي الحالي خصوصاً وسط مُعارضة أمنية لبنانية لهذه الخطوة. وهنا، تشيرُ المصادر إلى أنَّ السلطات المعنية أبلغت “فتح” والفصائل الفلسطينيّة بأنه لن يتمّ السماح بانتقال الطلاب الفلسطينيين إلى خارج المُخيّم باعتبار أنه لا قدرات لوجستية وعددية كافية عند حواجز الجيش لإستيعاب خروج ودخول أكثر من 3000 طالب فلسطيني يومياً. ولهذا السبب، يبدو أنَّ العام الدراسي ضمن عين الحلوة قد يتأخر لمُدّة تتراوحُ بين شهر وشهرين ريثما تُعيد “الأونروا” ترميم المدارس بأسرع وقتٍ مُمكن. 
تحضيرات عسكريّة 
وفي ظلَّ الإحتقان القائم، تشير المعلومات إلى أنَّ “جماعتي جند الشام والشباب المُسلم تمتلكان مستودعات ضخمة من الأسلحة جرى تحديدها من قبل الجيش وحركة فتح، وقد تبين أنها موجودة في مكانين مُختلفين ضمن منطقة التعمير”. كذلك، تقولُ مصادر “لبنان24” إنَّ قدرة وصول عناصر “جند الشام” سهلة إلى تلك المستودعات باعتبار أنها تتحصّن بالقرب منها، ما يعني أنَّ خطوط الإمداد ذاتية وداخلية وعبر تلك المستودعات. وإلى جانب هذا الأمر، تبيّن أيضاً أنَّ “فتح” إستطاعت وعبر عملية إستخباراتيّة، الحصول على معلوماتٍ تُفيد بإقدام المُسلحين على إعادة فتح ملجأين في منطقة التعمير بعدما كانا قيد الإغلاق خلال الفترات السّابقة. 
وعلى صعيد الأسلحة الموجودة مع الإرهابيين، تتحدثُ مصادر فلسطينية داخل عين الحلوة عن وجود قذائف من نوعين: الأول ويضم قذائف تحمل إسم “شامل”، فيما القذائف الأخرى تحملُ إسم “فراغي” وقد تم إستخدامها خلال جولة الإشتباك السابقة. إضافة إلى ذلك، يمتلك الإرهابيون رشاشات “دوشكا” و “بيكاسيه” إلى جانب “قناصات” تلقوا تدريبات على إستخدامها في العراق وسوريا وذلك على يدِ عناصر من تنظيمي “داعش” و “جبهة النُّصرة”. 
إذاً، وأمام ما يجري، فإنّ مخيم عين الحلوة قد يكونُ أمام مواجهة جديدة.. والسؤال الأبرز: كيف ستكون رقعتها؟ وهل ستتمدّد النيران حقاً إلى باقي المخيم وباتجاه مدينة صيدا؟ الفترة القليلة المُقبلة كفيلة بكشفِ ذلك.