الـ نيو نزوح قنبلة موقوتة

7 سبتمبر 2023
الـ نيو نزوح قنبلة موقوتة


يخصّص مجلس الوزراء اليوم، جانبًا من جلسته الصباحية للبحث في خطة ضبط الحدود البرّية ومكافحة تهريب الأعداد المتزايدة من السوريين إلى الداخل اللبناني، خصوصًا أن من بين هؤلاء الذين يتم تهريبهم عدد من الإرهابيين المنتمين إلى فلول من “داعش” وأخواتها. وستُعرض على الوزراء تفاصيل هذه الخطّة، التي أعدّتها وزارة المهجرين بالتعاون والتنسيق مع كافة الأجهزة الاستخباراتية في القوى الأمنية، وبالأخص مديرية المخابرات في الجيش وفرع المعلومات في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وأجهزة الاستقصاء والتحري في كل من مديرتي الأمن العام وأمن الدولة، على أن يتمّ الاستعانة بالخرائط المفصّلة عن المعابر غير الشرعية، التي يعتمدها مهربون محترفون لتهريب أكبر عدد ممكن من السوريين. 

 
 
 وعلى رغم الجهود التي يبذلها الجيش لضبط هذه المعابر فإن عمليات التهريب قائمة على قدم وساق. ووفق المعلومات فإن الدوريات الثابتة والمتحركة لعناصر الجيش قد تمكّنت من توقيف خلال شهر آب الماضي ما يقارب 7000 شخص وعملت على إعادتهم إلى سوريا بالطرق الرسمية المعتمدة بين البلدين، ولكنها لم تتمكّن بالتالي من منع تسلل نحو 3000 شخص آخرين، وقد تمكنوا من الاختباء عند بعض الأقارب والأصدقاء. ومعلوم أن الحدود الشمالية والشمالية الشرقية والشرقية تمتد على مسافة 380 كيلومترًا، وهي تحتاج إلى نحو 40 ألف عنصر لضبط هذه الحدود، مع توفير أجهزة مراقبة متطورة، في حين أن هناك نحو 4 الآف عنصر فقط مفروزين لهذه المهمة الشاقة وشبه المستحيلة، مع غياب وسائل المراقبة المتطورة.  ومع تفّلت الحدود وصعوبة ضبطها مئة في المئة من ضمن الإمكانات المحدودة والمتوافرة لدى الجيش، الذي يقوم بأكثر من مهمة داخلية في الوقت نفسه، فإن أعداد النازحين السوريين إلى تزايد، مع غياب لـ “داتا” المعلومات عن أعداد هؤلاء الناجم عن تعمّد المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بعدم تسليم هذه “الداتا” للدولة عن طريق وزارة الداخلية والبلديات.   
 
ومع غياب هذه “الداتا” فإن أكثر ما يقلق المسؤولين في الحكومة هو الوضع الأمني، الذي يمكن أن يستجدّ من خلال عمليات تسلل عدد من الإرهابيين، الذين يتغلغلون في شكل مدروس ومنظم داخل القرى وفي المخيمات الفلسطينية، فضلًا عن مدى حجم ثقل النزوح وتداعياته الخطيرة من النواحي الاقتصادية والاجتماعية، بما فيها تزايد استهلاك الطاقة والمياه والبنى التحتية، ما ساهم في استنزاف الموارد المالية اللبنانية من خلال سياسة دعم سلعِ ومواد عدة كانت مُعتمدة في لبنان قبل الأزمة التي انفجرت أواخر عام 2019، إضافةً إلى سياسة الدعم التي اعتمدها مصرف لبنان في السنوات الأخيرة للدواء والخبز والمحروقات. فبحسب التقديرات الرسمية للحكومة اللبنانية، هناك 1.5 مليون نازح سوري في لبنان، يتوزعون على 1000 بلدة في مختلف المناطق اللبنانية. 
 
وبحسب التقارير الأمنية، فإن عدد السرقات والجرائم المتنوعة آخذ في التفاقم، وأن ما نسبته 85 في المئة من هذه الجرائم يرتكبها النازحون السوريون، وأن ما يقارب الـ 40 في المئة من الموقوفين لدى الأجهزة الأمنية المختلفة، هم من السوريين، مع تفشي ظاهرة المافيات، التي تعتمد على ترويج المخدرات والتهريب والإتجار بالبشر. وقد يكون ما أعلنه وزير المهجرين عصام شرف الدين من أن عدم ضبط النزوح غير الشرعي، سيؤدي إلى تسلل أكثر من مليون سوري إلى لبنان في الأسابيع المقبلة مثار جدل في جلسة اليوم، التي لن تخلو من بعض المزايدات التي ستصل شظاياها إلى داخل قاعة مجلس الوزراء من قِبَل عدد من الوزراء المنتمين إلى جهات سياسية معروفة، والتي لا “شغلة لها ولا عملة” سوى التصويب على ما تقوم بها الحكومة وانتقاد الإجراءات التي تتخذها في كل المجالات. وبدلًا من أن يحاول هؤلاء الذين يسيرون عكس التيار إضاءة شمعة في عتمة هي من صنع أيديهم يكتفون بلعنة هذه العتمة.
 
فالوقت ليس وقت مزايدات، وقد عانى اللبنانيون ما عانوه نتيجة هذه المزايدات، التي لم تأتِ بأي حل، بل زادت على طين الأزمات بلّة. فبهذا الوقت الصعب، وأمام خطورة تدّفق هذه الاعداد الهائلة من النازحين مطلوب معالجات سريعة وفورية، قبل أن يصبح لبنان قنبلة موقوتة على غرار ما حصل في مخيم عين الحلوة، الذي لا تزال نيرانه تحت الرماد.