هوكشتاين كُلّف ملف الحدود البريّة ومنطقة مزارع شبعا تُشكّل العقبة الكبرى!

10 سبتمبر 2023
هوكشتاين كُلّف ملف الحدود البريّة ومنطقة مزارع شبعا تُشكّل العقبة الكبرى!


كتب دوللي بشعلاني في” الديار”: يقول السفير الدكتور بسّام النعماني المتابع لقضايا ترسيم الحدود البريّة والبحرية لجريدة “الديار” انّ هناك “فجوة” في الحدود الدولية للبنان الجنوبي لم تخضع للترسيم المعترف به دوليّاً ألا وهي مزارع شبعا. وهي تحاكي “الفجوة” الجغرافية التي كانت موجودة خلال انتشار قوات “اليونيفيل” في منطقة مرجعيون في العام 1978، وقد استغلّتها “إسرائيل” كإحدى محاور الهجوم في حرب العام 1982، فيما قامت الأمم المتحدة بـ “إغلاقها” لاحقاً بعد انتهاء الحرب. وحالياً، يجري التنبيه الى هذه الثغرة خشية إثارة الإسرائيليين والوسيط الأميركي آموس هوكشتاين لها خلال اعتراضهما على المطالب اللبنانية في حال دخلت الحكومة الحالية في مسألة “إظهار” الحدود البريّة، لكي تكون جاهزة ولا تفاجأ بما قد يثيرانه من مسائل لم تخطر على بالها.

وأوضح أنّ مزارع شبعا ستُشكّل “فجوة” أو “ثغرة” في مسألة ترسيم/تثبيت الحدود في الجنوب. فقد كانت ضمن نطاق الأراضي التي كانت متنازعا عليها بين لبنان وسوريا في فترة الستينات. وكانت الحكومة السورية قد سبق ووافقت على تعديل الحدود في تلك المنطقة على الخرائط بحيث تضمّ المزارع إلى الأراض اللبنانية بموجب قرار اللجنة السورية-اللبنانية المختلطة في العام 1947 بين القاضي السوري عدنان الخطيب والمهندس رشان المرستاني، وبين القاضي اللبناني رفيق غزاوي والمهندس جوزيف أبي راشد. إلا أن هذا الاتفاق لم ينفّذ آنذاك، ربما بسبب اندلاع الحرب العربية – الإسرائيلية الأولى في العام 1948، وأضحت هذه المنطقة أحد مسارح العمليات الحربية، وتحوّلت بالتالي إلى منطقة عسكرية. وما حصل في حرب العام 1967، هو أنّ “إسرائيل” احتلت الجولان، فضلاً عن احتلالها لمزارع شبعا ودخلت عسكرياً هذه “الثغرة” المتنازع عليها بين لبنان وسوريا، وأصبحت المشكلة بالتالي “ثلاثية الأبعاد” بين لبنان وسوريا والعدو الإسرائيلي.
فالحدود الفاصلة بين لبنان وسوريا تبدأ جنوباً من نقطة حدودية على بُعد نحو 100 متر من جسر الغجر، على ما شرح النعماني، ثم تنطلق شمالاً بمسافة 4،5 كلم إلى بلدة الغجر (وهي المسافة التي تفصل بين الجسر والبلدة)، ثم تنحرف شرقاً لتكون بدايات النطاق الجغرافي لمزارع شبعا حتى تصل إلى بركة النقّار، وهي النقطة الشمالية التي تُشكّل المدخل “الجغرافي الطبيعي” بين بلدة شبعا ومزارعها المسمّاة باسمها. فهذه الحدود الأخيرة ليست “مرسمّة”، أي أنها غير موجودة لا على خريطة العام 1923 ولا على خريطة العام 1949 المسجّلتين لدى الأمم المتحدة، بل هي “مرسمّة” على الخرائط الفرنسية واللبنانية والسورية، ولكن لم يتم تسجيلها لدى الأمم المتحدة ولهذا لم تكتسب الشرعية الدولية المعطاة لخريطتي 1923/1949. وبما أنّ العدو الإسرائيلي قد احتل هذه المنطقة، فضلاً عن انتشار قوات الإمم المتحدة في هذا “الشريط الضيق” المشار إليه آنفاً، فلا يمكن لإعادة “الترسيم” أن يحصل على الخرائط بين لبنان وسوريا افتراضياً الآن، من دون أن يتدخّل كلّ من العدو الإسرائيلي وكذلك الأمم المتحدة أو أن يبديا رأيهما في هذا الموضوع. فليس صحيحاً على الإطلاق ما يدعيه المسؤولون الإسرائيليون بأنّ المزارع هي مشكلة بين سوريا ولبنان، بل إنّ العدو الإسرائيلي قد دخل على هذا الخط، وكذلك الأمم المتحدة. إذاً في الخلاصة، فإنّ مزارع شبعا ليست فقط منطقة يطالب لبنان بأن تنسحب القوات الإسرائيلية منها، بل هي أيضاً “ثغرة” في حدود لبنان الجنوبية لا تخضع للترسيم الذي حصل في عامي 1923/1949.
وفي هذا السياق، وتسليطاً للضوء على صعوبات الترسيم والتحديد البرّي، لفت الى أنّه يبدو أنّ هوكشتاين قد كُلّف متابعة هذا الملف وإنهاؤه، وسوف تعترضه ثغر عديدة. وأشار الى أنّ بركة النقّار في الخرائط اللبنانية، تقع ضمن أراضينا السيادية وعلى أطراف مزارع شبعا ولكنها تبتعد عنها بعشرات الأمتار. بينما في خرائط العدو الإسرائيلي، موضوعة ضمن أراضي مزارع شبعا المحتلّة ما يجعلها بالتالي محل نزاع بين الطرفين. فالخرائط الإسرائيلية وضعتها داخل المناطق الخاضعة لهم. والرعاة اللبنانيون يدفعون مواشيهم إلى بركة النقار، أو برك أخرى اعتادوا أن يرعوا فيها في مزارع شبعا. وثمّة تصاريح إسرائيلية بأنّ هذه البرك تقع في الأراضي المحتلة من قبلهم، وخصوصاً أنّ معظم الخرائط لا تضع أسماء البرك فيها. بركة النقار كانت استثناء بأن اسمها مذكور في خريطة إسرائيلية وأخرى لبنانية. أما بركة بعثائيل فموقعها ليس مذكوراً على أي خريطة ولكنها موجودة على منصة البحث Google Earth. ما يعني أنّ بركة النقار يمكن أن تؤدي إلى مواجهة عسكرية بين الطرفين بحجّة أنّ كلّ طرف يعتبر أنها تقع ضمن أراضيه التي يسيطر عليها سيادياً.