مؤشرات ودلالات.. هل يصبح قائد الجيش مرشحًا رسميًا للرئاسة؟!

11 سبتمبر 2023
مؤشرات ودلالات.. هل يصبح قائد الجيش مرشحًا رسميًا للرئاسة؟!


 
صحيح أنّ اسم قائد الجيش العماد جوزيف عون مطروح منذ اليوم الأول لفتح “البازار الرئاسي”، بوصفه أحد الأسماء التي يمكن التوافق عليها في الانتخابات الرئاسية، إما بسبب منصبه، بعدما درجت العادة أن ينتقل العديد من قادة الجيش إلى قصر بعبدا، أو بسبب مواصفاته، التي جعلت الكثير من الأطراف يعتقدون أنّه يمكن أن يكون “نقطة تقاطع” بين “الأضداد”، لكنّ الرجل يبقى حتى الآن على الأقلّ مرشحًا غير رسميّ ولا مُعلَن.

Advertisement

 
فمنذ اليوم الأول، اصطدم ترشيح قائد الجيش بأكثر من عقبة، بينها ما هو قانوني، ربطًا بالدستور الذي يفرض عليه الاستقالة من منصبه قبل موعد الاستحقاق، ما يعني أنّ انتخابه يتطلب تعديلاً للدستور، يحتاج إلى ثلثي النواب، ولو أنّ البعض يقدّم “اجتهادات” لإعفائه من ذلك، استنادًا إلى “سابقة” الرئيس ميشال سليمان، ولكن بينها أيضًا ما هو سياسي، وهنا بيت القصيد، ربطًا بـ”الفيتو” الذي يضعه رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل.
 
لكن، في السياسة أيضًا، ثمّة مؤشرات عديدة ظهرت في الأيام القليلة الماضية من شأنها رفع “أسهم” الرجل، الذي يُقال إنّه يحظى بالغطاء الإقليمي والدولي، ومنها مثلاً صورته بالزيّ المدني التي تعمّد الأميركيون تسريبها، بعد لقائه الموفد آموس هوكشتاين، وصولاً إلى اللقاء “الحدث” الذي جمعه برئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، فهل يمهّد كلّ ذلك لتحوّل الرجل إلى مرشح “رسمي”، قد يكون “ثمرة” حوار الأيام السبعة المُنتظَر؟!
 
مرشح “جدّي” 
يقول العارفون إنّ قائد الجيش، ولو لم يكن مرشحًا “رسميًا ومُعلنًا” لرئاسة الجمهورية لغاية تاريخه، إلا أنّه مرشح “جدّي” بطبيعة الحال، بل ربما “أكثر من جدّي”، بالنظر إلى “التقاطعات” التي يحملها بشكل أو بآخر، علمًا أنّ هناك من يفسّر ما وُصِفت بـ”الانعطافة الباسيلية” في الآونة الأخيرة، لجهة إيحائه بإمكانية قبوله بترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية مقابل “ثمن ما”، على أنّها مسعى لـ”قطع الطريق” على جوزيف عون، ليس إلا.
 
بالنسبة إلى هؤلاء، فإنّ ترشيح عون “جدّي” أكثر بكثير من بعض المرشحين “المُعلَنين”، في إشارة إلى ما وُصِف بمرشح “التقاطع” الوزير السابق جهاد أزعور، وقبله مرشح المعارضة ميشال معوض، واللذين يُعتقَد أنّهما لم يكونا سوى مرشحي “تقطيع الوقت” من جانب المعارضة، التي تتّفق على أنّ “ورقتها الرابحة” قد لا تكون سوى قائد الجيش، الذي يحظى بإشادة وتنويه قياداتها بين الفينة والأخرى، وإن لم تعلن رسميًا تبنّي ترشيحه.
 
وفي حين يستمرّ “فيتو” الوزير السابق جبران باسيل لقائد الجيش، وينطلق منه ربما في حواره مع “حزب الله”، الذي جاء كـ”رسالة” ردًا على رفض قوى المعارضة التي تقاطع معها “ضمان” عدم ترشيحه، فإنّ الواضح أنّ الأخير يحظى بالدعم المطلوب إقليميًا ودوليًا، حيث يُقال في بعض التسريبات إنّه قد يكون المرشح “غير المُعلَن” للمجموعة الخماسية بشأن لبنان، فضلاً عن كونه مرشح “المبادرة القطرية”، التي يبدو أنّ الأميركي بات أقرب إليها من تلك الفرنسيّة.
 
ماذا عن موقف “حزب الله”؟ 
وخلافًا لموقف باسيل، الرافض حتى الآن البحث بترشيح قائد الجيش، والذي تسرّب بعض الأوساط أنّه قد يقبل بفرنجية إذا ما “خُيّر” بينه وبين عون، لأنّه يعتقد أنّ الأخير قد ينافسه على “الطبق الشعبي” نفسه، يبدو أنّ “حزب الله” أكثر مرونة وليونة تجاه قائد الجيش، رغم تمسّكه بترشيح فرنجية، علمًا أنّ موقفًا مشابهًا صدر قبل فترة عن رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي أبدى كلّ “إيجابية” إزاء عون، في ما يشبه “رسالة” يمكن التوقف عندها.
 
ولعلّ اللقاء الذي جمع رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد بقائد الجيش قبل أيام، وسُرّب للإعلام، عن قصد على الأرجح، يحمل بدوره الكثير من الدلالات، فالاجتماع شكّل “حدثًا استثنائيًّا” وسط “معمعة” الرئاسة، ولو حاول البعض حصره ببعده “الأمني”، أو واجب “التعزية” بشهداء الجيش، علمًا أنّ جانب “التنسيق” هذا لطالما تولاه مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب الحاج وفيق صفا، ما يضفي إلى هذا اللقاء بعدًا “سياسيًا ورئاسيًا”.
 
صحيح أنّ هناك من وضع هذا “البعد السياسي” في إطار الرسائل “الثقيلة” ربما إلى باسيل، لدفعه إلى حسم أمره من ترشيح فرنجية، بعدما شعر “حزب الله” بأنّ رئيس “التيار” يماطل ويناور، وكأنّه يريد من الحوار “تمرير الوقت” بانتظار “سقوط” ترشيح عون، مع انتهاء ولايته كقائد للجيش كما يعتقد، لكن هناك من يؤكد أنّ “حزب الله” منفتح بجدية على هذا الخيار، خصوصًا بعد حادثة الكحالة، التي يرى الحزب أنّ عون قاربها بكلّ مسؤولية وأمان.
 
يقول البعض إنّ الإشارة الأكثر رمزية في “مسيرة” ترشيح قائد الجيش تكمن في صورته بالزيّ المدني في العشاء الذي حصل خلال زيارة الموفد الأميركي مؤخرًا. قيل إنّ هذه الصورة شكّلت “دليلاً” على تبنّي الأميركيين لترشيحه بصورة أو بأخرى، ليأتي اللقاء مع “حزب الله” ليكرّس إمكانية “التلاقي” عليه كنقطة “وسط” بين الفريقين المضادين. فهل يكرّس كلّ ذلك عون مرشح “الحوار” بلا منازع، أم يقرّب على النقيض فرنجية أكثر من قصر بعبدا؟!