مسارها كُشِف.. هكذا ستنتهي معركة عين الحلوة

12 سبتمبر 2023
مسارها كُشِف.. هكذا ستنتهي معركة عين الحلوة

وسط تقدُّمها الميدانيّ في معركة عين الحلوة على أكثر من محور خلال اليومين الماضيين، وتحديداً في مناطق حطّين، الرأس الأحمر وحي السينما، تقفُ حركة “فتح” وسائر القوى الفلسطينية أمام مسؤولياتٍ جديدة لحسم التوتر وإنهاء وجود المجموعات المُسلّحة في المُخيَّم، فالأمورُ بالنسبة للدولة لم تعد محمولة وباتت بحاجة لــ”مسار حاسم”، ولكن ليس من خلالها مباشرة.

جُرعة أمل لـ”فتح”
حالياً، الهدوء الحذر سيد الموقف ويمكن القول إن معارك المحاور المفتوحة في حطين، الرأس الأحمر، التعمير التحتاني وغيرها كانت مفتاحاً للدفع باتجاه التهدئة خوفاً من توسع التوتر إلى باقي أحياء المخيم.
 
يوم أمس، شكل إجتماعُ قائد الجيش العماد جوزاف عون مع سفير دولة فلسطين أشرف دبور وأمين سر “فتح” فتحي أبو العردات، “إنعطافة” جديدة  على صعيد الصراع في عين الحلوة، فمن خلاله تلقّت “فتح” جُرعة أملٍ بأنّ الجيش فتحَ أبوابهُ أمامها بعكس الفصائل الأخرى “الممنوعة” أساساً من دخول اليرزة، مثل “عصبة الأنصار” أو “الحركة الإسلاميّة المُجاهدة”. حتماً، كانت الرسالة واضحة هنا من “فتح” ومفادها أنّ الدولة اللبنانية تتعاملُ معها وتستمع إلى مطالبها، وهذا الأمرُ تُرجِم بشكلٍ كبير في أوساط الحركة التي اعتبرت أن اللقاء دليلٌ على التعاون والتنسيق وبمثابة “إعترافٍ” بشرعية “فتح” في المُخيمات. 

خلال الإجتماع، كان عون حازماً وحاسماً في تجنيب الجيش أيّ إنخراطٍ بالمعركة، كما أنّهُ وضع “فتح” عند مسؤوليتها بوقف إطلاق النار، فيما كانت الأخيرة واضحةً بأنها مُلتزمةٌ بذلك وأنَّ المجموعات المسلحة هي التي تُبادر بالإعتداء، وبالتالي يبقى حقّ “الدفاع عن النفس” مشروعاً. بحسب المعلومات، فإنّ “فتح” كانت تنشدُ أن يزيدَ الجيش من التسهيلات لها بشكلٍ أو بآخر، بحسب معلومات “لبنان 24″، فالواقع الميداني يحتاجُ إلى ذلك من أجل الحسِم. عون كان واضحاً أيضاً أنَّ الجيش يقوم بواجباته وأنّ أي مساسٍ به لن يتم التساهل معهُ بتاتاً لأن “العسكريين وأمنهم خطٌّ أحمر”. هنا، فهمت “فتح” أنَّ الجيش ما زال يتعاملُ معها على أنها ركنٌ أساسي في المخيم، لكنهُ يجب عليها أن تُكمل إختبار “التطهير” واحتواء الوضع منعاً لتفاقمه إلى الخارج.  
 

على خطّ قائد الجيش، سارَ المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري، وخلال إجتماعهِ مع هيئة العمل الفلسطيني المُشترك الإثنين، كانت الرسالة التي أدّاها واضحة: لوقف إطلاق النار فوراً وتسليم المطلوبين المتهمين بإغتيال القيادي في “فتح” اللواء أبو أشرف العرموشي. 

صحيحٌ أنّ البيسري لوّح بإجراءات قد تستهدفُ المسؤولين الفلسطينيين من ناحية “اللوجستيات وعدم تسهيل إصدار إقامات وجوازات سفر”، إلا أنَّ ذلك لا يعني “تأنيباً” لـ”فتح” وحدها، بل قد يكون الكلام من البيسري رسالة إلى “عصبة الأنصار” و”الحركة الإسلامية المجاهدة” و حركة “حماس” أيضاً وكافة الفصائل الأخرى التي بات عليها التعاون مع “فتح” داخل المخيم والتجاوب مع المطالب التي جرى تأسيسها منذ بداية التوتر وحتى الآن، وإلا سيكونُ “عقاب” الدولة عسيراً. 

باختصارٍ شديد، يمكنُ القول إنّ إجتماعي الأمس كانا بمثابة مُقدّمة للتالي:  أولاً: التأكيد  والاعتراف بأنّ هناك جماعات مسلحة تعبثُ بأمن المخيم ويجب “إستئصالها” وإنهاء التوتر. ثانياً: تثبيت أنّ الدولة باتت تتحرّكُ على أكثر من صعيد أمني و “إداري” وأن من يتهاوَن في عملية “لجم التوتر” سيطالُه الإجراء اللازم. ثالثاً: التشديد على وجوب تعاون كافة القوى الفلسطينية مع بعضها البعض، فإجتماع البيسري كان تأكيداً لهذا الأمر وترجمتهُ يجب أن تكون على أرض الواقع وأول خطوة في ذلك يجبُ أن تكون في هذا المجال مُتمثلة بتشكيل القوّة الأمنية المُشتركة التي بات عليها جمُع مختلف الفصائل الفلسطينية للإنقضاض على المسلحين. رابعاً: كانت الرسالة هي أنه على الفصائل أن تتوحّد مُجدداً، والكلامُ من “فتح” كان واضحاً عبر الإشارة إلى أنّ هناك عناصر خطيرة داخل عين الحلوة ويجب التعامل معها على قاعدة “محاربة الإرهاب”.  خامساً: كان قرارُ وقف إطلاق النار مرتبطاً بآلية واضحة لتسليم المطلوبين، وهذا الأمر قد لا يتحقق هذه المرّة إلا بـ”وحدة الفصائل” التي عليها الضغطُ على الجماعات التي تتواصل معها لـ”كف يدها” أولاً، وقطع خطوط الإمداد عنها ثانياً، ودفعها نحو التسليم بخيار الدولة بعيداً عن إشتباكات مُسلّحة ثالثاً، أو فتح حرب ضدها وبالتالي تبدّل كل خارطة التحالفات داخل المُخيم.  ميدانياً، يبدو هو أنَّ “فتح” باتت مُجبرة أكثر اليوم بتطويق حركة المسلحين في معاقلهم المُختلفة لاسيما تلك القريبة من الجيش. بشكلٍ خاص، يُعدُّ إشتباك جبل الحليب خطيراً على العسكريين والأمرُ نفسه في “التعمير التحتاني” والطوارئ، ولهذا الأمر يجب أن يكون الحسمُ سريعاً لأن أيّ عملية تطالُ الجيش سيعني دخول المخيم في متاهة جديدة. واعتباراً من اليوم، يبدأ “المشرف على الساحة اللبنانية” في “فتح” عزام الأحمد جولته على المسؤولين اللبنانيين، في وقت ستكون فيه الرسالة واضحة وتتضمن التالي: إلتزام “فتح” بما تريده الدولة اللبنانية وتثبيتٌ لمطلبها بـ”تطهير المخيمات” من أي عناصر مُسلحة يمكن أن تشكل خطراً على الأمن. أما الأمر الأهم فهو أنّ “فتح” ومن خلال الأحمد، ستؤكد أنها قادرة على “الحسم” لكنها بحاجة إلى “الدعم” كي لا تبقى المخيمات ساحة “إستنزافٍ” بالنسبة لمجموعات غريبة عن النسيج الفلسطيني.  قد يظنّ البعض أنّ الأحمد سيأتي لـ”لجم” الحركة، لكنّ خطوتهُ في بيروت هي عكس ذلك وقد تكونُ بمثابة إنطلاقة لـ”لحظة صفرٍ” مُنتظرة، وهذه المرّة لن تكون “فتح” بمفردها في المعركة الحاسمة التي من خلالها وبعدها سيتحقّق “وقف إطلاق النار” فوراً ودائماً. حتماً، قد تتكتل الفصائل مُجدداً “تحت عين الدولة”، و “يلّي بخربط يا ويلو” وأوراق القوّة جاهزة. 

“غنائم”وفي إطار المعارك التي كانت قائمة، كان لافتاً تمكّن حركة “فتح”، أمس، من إستهداف مطلوبين بارزين في معاقلهم، أبرزهم عزّ الدين داوود المعروف بـ”عزو ضبايا” والمدعو يوسف شبيطة والذي كان يقودُ مجموعة مُسلّحة في حي حطين. هنا، تقولُ معلومات “لبنان24” إنّ “الحركة تستعينُ بقوات خاصّة لخوض عمليات دقيقة خلال الإشتباكات”، مشيرة إلى أنَّ “تلك القوات خضعت لتدريبات مُشدّدة خلال السنوات الماضية بإشراف ضُباط فلسطينيين جاؤوا من الضفة الغربية خصيصاً إلى لبنان لتدريب قوات الأمن الفلسطيني داخل مُخيم الرشيديّة في صور، وذلك بمواكبة ومتابعة من الدولة اللبنانية”. الآن، فإنَّ ما تنتظرهُ “فتح” هو سقوطُ مطلوب جديد بقبضة الجيش، مع العلم أن الجريح “عزو ضبايا” هو أحد أبرز المطلوبين الآن لضلوعه في جريمة إغتيال العرموشي، وتقول المصادر إن “بقاءه على قيد الحياة يمكن أن يشكل كنزاً للدولة لمعرفة ما حصل لحظة الإغتيال”، وتضيف: “حالياً، فإن ضبايا في موتٍ سريريّ، وقد تم إخراجه من المخيم على أنه قد فارق الحياة، لكن قلبهُ عاد للنبض في مستشفى الراعي بصيدا من خلال الصدمات الكهربائية. لو كان المسلحون يعلمون أنه من الممكن أن يبقى ضبايا حياً، لما كانوا ساهموا في إخراجه إلى بعد حدود المخيم، فهؤلاء ظنوا أن الأخير قُتل نهائياً لكن ذلك لم يحصل”.