قدر المسيحيين مع مخالفة الدستور

13 سبتمبر 2023
قدر المسيحيين مع مخالفة الدستور

كتبت هيام قصيفي في” الاخبار”؛ منذ اتفاق الطائف، لم يُنتخب رئيس للجمهورية في شكل طبيعي، ومن دون القفز فوق المجريات الطبيعية والدستورية.الرئيس الأول انتُخب قبل أن تجفّ دماء رئيس اغتيل ومُدِّد له ثلاث سنوات، والثاني انتُخب بتعديل دستوري ومُدّد له بتعديل آخر. وأتى الفراغ الرئاسي برئيس للجمهورية بمخالفة دستورية، وجاء الرئيس الرابع بعد فراغ رئاسي طويل ووفق شتى أنواع التسويات وانتهى عهده وهو لم يزل في القصر الجمهوري. فيما الحديث عن الرئيس الخامس يبدأ كذلك بتعديل دستوري.

 
قائد الجيش العماد جوزف عون الذي خرج من المنطقة الرمادية إلى مربع المرشح العلني، وسط حملة إعلامية وسياسية، بدأ يفتح قليلاً المجال للنقاش الموسّع حول ملفات سياسية، ولو أنه لا يزال يحصر كلامه بالتداعيات الأمنية والحفاظ على الاستقرار وطلب مساعدة الجيش. أكثر من ذلك، لم يتحوّل إلى الحوار الشامل حول ملفات سياسية شائكة، وهو أمر يجده سياسيون ضالعون في الملف الرئاسي أمراً يُحسب له، رغم أنه – اذا انتُخب – سيكون معنياً خلال السنوات الست بفخاخ كثيرة وملفات اقتصادية وأمنية وسياسية، بدءاً من تشكيل الحكومة وصولاً إلى الانتخابات النيابية واحتمال وضع قانون الانتخاب مجدداً على طاولة البحث.
 
تصرّ القوى المسيحية، ومعها بكركي، في كل استحقاق على عدم المس بالدستور وبعدم القفز فوقه ومنع التعدّي عليه، في مرحلة كثر فيها الكلام عن محاولة تعديله جذرياً. التماهي مع أي طرح خارجي أو داخلي للإتيان بقائد الجيش رئيساً للجمهورية، من دون أي اعتراض، يعني حكماً القفز فوق الدستور، كخطوة أولى. لا تستطيع هذه القوى، أو بعضها حتى الآن، الترحيب بترشيح قائد الجيش، فيما تطالب في أدبياتها بعدم خرق الدستور. ثمة من يتحدث عن أن مناورة التيار الوطني الحر لتمييع الوقت، حتى انتهاء ولاية قائد الجيش في العاشر من كانون الثاني المقبل، ستقابل حكماً بالتمديد لقائد الجيش أو استدعائه من الاحتياط كحل قانوني. كان قائد الجيش يردّد دوما أنه ضد التمديد له، وأنه سيترك منصبه عند انتهاء ولايته، مع أن هذا الكلام ينتهي مفعوله عند أحلام البقاء في الموقع ودلالاته. لكن ذلك لا يعني أنه سيظل مرشحاً حكماً. ففي الحالتين يحتاج إلى تعديل دستوري لانتخابه. أما الترويج لبقائه في حلبة الصراع ولو خرج من اليرزة، ففيه هرطقة دستورية، لأن النص واضح في عدم جواز انتخابه «مدة قيامه بوظيفته»، مثله مثل القضاة وموظّفي الفئة الأولى، و«خلال السنتين اللتين تليان تاريخ استقالتهم وانقطاعهم فعلياً عن وظيفتهم أو تاريخ إحالتهم على التقاعد». ومشكلة القوى المسيحية في الحالتين أنها تحاذر الدخول علناً في مواجهة الأمرين لحسابات تتعلق بمواقعها المستقبلية وتأثيرات الدول الخارجية و«تمنياتها» التي أفضت في كل مرة إلى فرض واقع جديد. وهذه المرة، ستكون هذه القوى أول من يتلقّف هذه التمنيات فتذعن لتسويات تطيح بما تبقّى من حضور لدستور الطائف الذي كُتب على القوى المسيحية أن تدفع دوماً ثمنه، سواء أصرّت عليه أو توافقت على تعديله.