تُطرح الكثير من الأسئلة حول لقاء العماد جوزاف عون، مع رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، وعما إذا كان هذا الإجتماع مقدّمة لسير “حزب الله” بتسويّة لانتخاب قائد الجيش، أو هي زيارة روتينيّة للتباحث بالمواضيع العامّة في البلاد، وحادثة الكحالة بشكلٍ خاصّ.
ورغم أنّ حارة حريك لا يزال مرشّحها حتّى السّاعة رئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجيّة، وهي تتحاور في الوقت عينه مع “التيّار الوطنيّ الحرّ” حول اللامركزيّة الإداريّة والماليّة والصندوق الإئتمانيّ، يستبعدّ مراقبون أنّ يُبادر “الحزب” إلى إعلان دعمه لعون، لأنّ مبادرة الحوار التي دعا إليها كلٌّ من الموفد الرئاسيّ الفرنسيّ جان إيف لودريان، ورئيس مجلس النواب نبيه برّي، لا تزال قائمة.
كذلك، فإنّه لم يصدر لا من النائب جبران باسيل ولا من “حزب الله” موقف صريح عن فشل أو تعثّر المباحثات بينهما، علماً أنّ العديد من التفاصيل التي تُناقش بينهما هي موضع جدل، ولا يُمكن أنّ يقبل بها الكثير من أفرقاء الداخل.
وتجدر الإشارة إلى أنّ “حزب الله” ليس معارضاً بتاتاً لوصول قائد الجيش، لكنّه يخوض حواراً مع باسيل الذي يرفض إنتخاب العماد عون.
ويُعوّل “الحزب” على نجاح إتّصالاته مع “التيّار” رغم صعوبة الأمر، كيّ يدعم نواب تكتّل “لبنان القويّ” سليمان فرنجيّة، ويلقى الأخير الغطاء المسيحيّ الذي لا يزال يفتقده.
في المقابل، فإنّ الخارج يطرح إسم قائد الجيش، ويرى فيه أنّه المخرج الوحيد للحلّ الرئاسيّ.
وسبق لقاء عون – رعد، إجتماع لافت بين الأوّل ومستشار الرئيس الأميركيّ لأمن الطاقة آموس هوكشتاين، بحضور السفيرة الأميركيّة لدى لبنان دوروثي شيا، وقد رأى البعض فيه أنّه جرعة دعم أميركيّة لقائد المؤسسة العسكريّة.
ووفق مراقبين، فإنّ عون نجح في نسج علاقات جيّدة مع أغلبيّة الأفرقاء في الداخل، بما فيها “حزب الله”، إضافة إلى أنّ لديه صداقات مع الدول العربيّة والغربيّة، وفي مقدّمتها قطر والولايات المتّحدة الأميركيّة، وهذان البلدان يُبديان إهتماماً صريحاً بانتخاب قائد الجيش، وخصوصاً الدوحة، التي يُقال إنّها تنتظر دورها للتدخّل لبنانيّاً لتسويق إسم عون رئاسيّاً، لكنّها لا تزال تتريّث، وتدعم الخطوة الفرنسيّة التي لاقت مباركة من الدول الخمس المعنيّة بلبنان.
وكما ذُكر، فإنّ “حزب الله” لا يُمانع إنتخاب عون، لكّن الأولوية بالنسبة إليه هي وصول فرنجيّة، كون الأخير حليفه المسيحيّ الأبرز الذي سيُعطي الغطاء الكامل له ولسلاحه.
ويُشير المراقبون إلى أنّ “الحزب” ليس جاهزاً لمناقشة أسماء وسطيّة، وخير دليلٍ على ذلك حواره مع باسيل الذي يهدف إلى تقريب وجهات النظر بينهما، لحشد أصوات إضافيّة لرئيس “المردة”.
إلى ذلك، فإنّ الحوار الذي يُشدّد عليه “الثنائيّ الشيعيّ” يُراد منه التوافق على فرنجيّة، فليس منطقيّاً أنّ يذهب كلٌّ من “حزب الله” و”حركة أمل” إلى الحوار، وليس في جعبتهما إسم مرشّحهما.
ويُضيف المراقبون أنّ الحوار قد لا ينعقد بسبب إعلان المعارضة أنّها مع الجلسات النيابيّة المفتوحة فقط، وهذا ما تتّكل عليه عين التينة، لإكساب حارة حريك المزيد من الوقت كيّ تتّفق مع باسيل.
من هنا يتّضح أنّ “حزب الله” لا يزال يقف بقوّة خلف فرنجيّة، ولعلّ ما أشار إليه السيّد نصرالله، من أنّه عند إعلان دعمه لأيّ شخصيّة، فإنّ هذا الأمر يعني ترشّيحها إلى النهاية لانتخابها.
ولأنّ رئيس “المردة” وحده يُمثّل تطلّعات وأهداف “الحزب” في لبنان والمنطقة، يبقى فرنجيّة مرشّح الضاحيّة الجنوبيّة الوحيد، وبحسب مراقبين، سيظلّ “الثنائيّ الشيعيّ” يُؤيّده، طالما أنّ التسويّة الخارجيّة لم تنضج بعد لصالح قائد الجيش.